خلال السنوات العشر الأخيرة أحرز نادي باريس سان جيرمان لقب بطولة الدوري الفرنسي ثماني مرّات. لم ينجح سوى ناديَي موناكو وليل بكسر الاحتكار الباريسي للّقب عامَي 2017 و2021 توالياً، وهو الأمر الذي قلّل كثيراً من أهمية الـ«ليغ 1» على مستوى الدوريات الكبرى، خاصة وأن بطل فرنسا عجز عن تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، وبالتالي حجز مكان للأندية الفرنسية بين كبار القارة. النتائج المخيّبة ليست وحدها ما أثر على الكرة الفرنسيّة، فكانت آفتَي الشغب والعنصريّة من أبرز الأمور التي صبغت مباريات الدوري خلال السنتين الماضيتين. توقفت العديد من المباريات بسبب أعمال الشغب، وأقيمت مباريات أخرى خلف أبواب موصدة بقرارات اتّحادية، بعد لجوء جماهير بعض الأندية إلى ترديد هتافات عنصرية. صحيح أن آفة العنصرية برزت في ملاعب فرنسا بشكل كبير عام 2019، إلا أن موسمَي 2021 و2022، أي بعد رفع إجراءات كورونا ـ شهدا الأحداث الأعنف وتحديداً في مباريات أندية مارسيليا ونيس وليون...اليوم يأمل الجميع أن يعيش الدوري الفرنسي هدوءاً جماهيرياً وتطوراً فنيّاً، خاصة وأن أندية المقدمة دعمت صفوفها بشكل جيد. باريس حامل اللقب وقع مع مدرب نادي نادي نيس السابق كريستوف غالتيه ليكون بديلاً للأرجنتيني المقابل ماوريسيو بوكيتينو، والهدف الأول هو تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مع المحافظة على لقب الدوري المحلي. غالتيه معروف بشخصيته الصارمة، وستكون المهمة الأصعب بالنسبة إليه السيطرة على غرفة ملابس الفريق التي تضم أهم الأسماء في العالم وعلى رأسهم الأرجنتيني ليونيل ميسي وزميليه البرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابيه الذي جدد عقده مع فريق العاصمة حتى عام 2025.
على الورق يبدو باريس الأقرب إلى إبقاء الكأس في خزائنه، إلا أن العمل الجاري في مارسيليا وليون وموناكو يدل على أن المنافسة لن تكون سهلة. نادي الجنوب الفرنسي مارسيليا ورغم رحيل مدربه السابق خورخي سامباولي بسبب احتجاجه على الميزانية التي وضعتها الإدارة لسوق الانتقالات، حسم ثلاث صفقات خلال الأيام الأخيرة. الصفقة الأولى تمثلت بالتوقيع مع مدافع نادي آرسنال الإنكليزي نونو تافاريس على سبيل الإعارة، كما ضم النادي بشكل نهائي لاعب خط الوسط ماتيو غيندوزي من «الغانرز» أيضاً، وحسم صفقة المهاجم الكولومبي لنادي غرناطة الإسباني لويس سواريز. أسماء يمكن أن تعطي إضافة لكتيبة المدرب الكرواتي الجديد إيغور تودور، خاصة في ظل وجود ديميتري باييت. وفي حال نجح فريق الجنوب بالتوقيع مع النجم التشيلي أليكسيس سانشيز فإن حظوظه ستتجاوز المنافسة على أحد المقاعد المؤهلة لدوري الأبطال الموسم المقبل.
ومن جهته نجح نادي ليون بإعادة نجميه السابقين ألكسندر لاكازيت وكورنتان توليسو، اللذين سيعطيان الفريق دفعة معنوية كبيرة جداً خلال الموسم الجديد. ويعول الفريق الفرنسي المشهور بتخريج لاعبين مميزين من الأكاديمية، على البحبوحة الكبيرة التي يعيشها بعد وصول الملياردير الأميركي جون تيكستور إلى النادي ومساهمته بمبلغ 600 مليون يورو.
أما نادي «الإمارة» موناكو فقد عوّض رحيل نجمه الشاب تشواميني إلى ريال مدريد الإسباني مقابل 80 مليون يورو إضافة إلى 20 كمتغيرات، ووقع مع لاعب ليفربول السابق مينامينو، إضافة إلى مهاجم نادي بروسيا مونشنغلادباخ بريل إيمبولو. ويعمل النادي اليوم من أجل ضم مدافع تشيلسي الإنكليزي مالانغ سار.
والجدير ذكره أن معظم الأندية الفرنسية تملك أكاديميات مهمة جداً، وبالتالي هي قادرة على تقديم أسماء قادرة على منافسة «عمالقة» باريس سان جيرمان. وهذا الاستقرار سيُضاف إليه أموال طائلة خلال هذا الموسم، بعد وصول صندوق التمويل «CFC» إلى فرنسا ومساهمته بمبلغ 1.5 مليار يورو، وهو ما سيعود على كل ناد بمبلغ قد يُجاوز 33 مليون يورو.
إذاً هي بطولة منتظرة في فرنسا التي خسرت نادي سان اتيان صاحب الـ10 بطولات، بعد هبوطه إلى الدرجة الثانية. والمنافسة على مقاعد المقدمة لن تكون أقل من المنافسة في منطقة الهبوط بعد صدور قرار يقضي بتقليص عدد أندية الدرجة الأولى الموسم المقبل من 20 إلى 18 نادياً، ما يعني هبوط أربعة أندية إلى الدرجة الثانية مقابل صعود ناديين فقط.