هبط شالكه في الموسم ما قبل الماضي إلى الدرجة الثانية للمرة الأولى منذ عام 1988 تبعاً للعديد من الأسباب، أبرزها تردّي الأوضاع المالية داخل النادي وتراكم النتائج السيئة على خلفية بيع أفضل مواهب الفريق للاستفادة من عوائدهم المالية.عادةً ما تدرّ سياسة بيع النجوم الشابة مالاً كافياً لإعادة بناء الصفوف ودعم الأكاديمية مقابل تكاليف قليلة، غير أن ذلك لم يحدث مع شالكه حيث تمّ تسخير الإيرادات «المحدودة» حينها لتقليص العجز الحاصل في الموازنة بفعل تداعيات فيروس كورونا. وضع هذا الأخير نادي شالكه في أزمةٍ ماليةٍ طاحنة وفاقت الديون قدرة الإدارة على الصمود. لعل من أبرز أوجه تأثر ميزانية النادي بالفيروس، محاولة توفير المال عبر مطالبة الإدارة لحاملي التذاكر الموسمية بتقديم دليل قانوني على سبب حاجتهم إلى تعويض المباريات التي كانت تُلعب خلف أبوابٍ مغلقة. إجراء جعل «ألتراس» النادي يصف فريقه «بالمفلس أخلاقياً».
وسط تلك العاصفة، عرف مجلس الإدارة انقسامات حيال طريقة إدارة الأمور في مختلف جوانب النادي، وتراجع مستوى التفاعل بين إدارة الفريق وجمعيته العمومية ومشجّعيه. توالى العديد من المدربين على تدريب شالكه في الموسم ما قبل الماضي، غير أن الواقع كان أقوى من أيّ محاولة.
هبوط شالكه كان بمثابة حدث تاريخي هزّ الوسط الألماني، لكنّ ابتعاده عن الأضواء لم يدم طويلاً حيث قام القيّمون على النادي بعملٍ كبير لتجاوز الفوضى والإفلاس، متّبعين إجراءات صارمة أزهرت بعد عامٍ واحد. عاد «الأزرق الملكي» إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، وهو اليوم يعمل على خطة واضحة ليبقى على طريق الانتعاش المالي.
تمكّن الفريق من إعادة الهيكلة الشاملة، ولعب المدير الرياضي روفين شرودر دوراً كبيراً في ذلك من خلال التخلي عن العديد من اللاعبين واستقدام آخرين. الجدير بالذكر هو إعادة الهيكلة ضمن ميزانية ضيقة تم تخفيضها من 80 مليون يورو إلى نحو 20 مليون يورو من قبل المديرة المالية الجديدة كريستينا روهل هامرز، وهو إنجاز نوعي يُحسب للنادي.
تمّ تقليص النفقات أيضاً عن طريق إيقاف أعمال البناء في أكاديمية الشباب ومنشأة التدريب، كما بيعَ قسم الرياضات الإلكترونية في النادي مقابل 25 مليون يورو. سياسات ساهمت تباعاً في تخفيض الديون إلى 183.5 مليون يورو، مع السعي لإعادة جدولة الخسائر.
واجه النادي بعض المعوقات الفجائية أمام نهوضه، وذلك على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. أنهى مجلس إدارة شالكه صفقة الرعاية المربحة ـــ الطويلة الأجل ـــ مع شركة «غازبروم» الروسية، والتي كانت تدرّ نحو 20 مليون يورو سنوياً على خزائن النادي منذ عام 2007. وبدلاً من شركة غازبروم، تم إبرام صفقة رعاية قميص بقيمة 4.5 ملايين يورو سنوياً مع شركة العقارات المحلية «Vivawest»، بينما انضمت سلسلة متاجر «REWE» كراعٍ لأدوات التدريب.
هكذا، عاد شالكه إلى الأضواء تبعاً لتضافر جهود الجميع. مجلس الإدارة الحالي يطمح لتجاوز نكبات الماضي، والتركيز على بناء فريق شاب جاهز فنياً ومالياً للمنافسة من جديد.
عمل كبير تقوم به الإدارة، والهدف الأساسي البقاء ضمن دائرة المنافسة، والعودة بعد سنتين أو ثلاث إلى مصاف الأندية الكبيرة في ألمانيا. البداية ليست سهلة، والدليل هو الخسارة الكبيرة (3 ــ 1) التي تعرّض لها الفريق على يد نادي كولن في الجولة الأولى من الـ«بوندسليغا». صحيح أن شالكه تأثّر بالنقص العددي في صفوفه منذ الدقيقة 35 بعد طرد دومينيك دريكسلر، إلا أن خسارة بهذا الحجم في بداية الدوري يمكن أن تنعكس سلباً على معنويات اللاعبين.
الدوري في بدايته حالياً، والفريق يملك الوقت لاستعادة عافيته.