تُعد بطولة دوري أبطال أوروبا هدفاً رئيسياً بالنسبة إلى كبار أندية «القارة العجوز». هي الكأس التي تعطي حاملها أفضلية عن بقية الفرق نظراً إلى إنهائه الموسم في الطليعة. أهمية البطولة وقيمتها جعلت الأندية تتبع العديد من السياسات بهدف اعتلاء المنصة الأوروبية، لكنّ الرياح جرت غالباً بعكس ما تشتهيه الفرق المتنافسة. لا طريق واضح لتحقيق اللقب. كل موسم يشهد بطلاً لم يكن في طليعة المرشحين، وهو ما يعطي دوري أبطال أوروبا سحراً خاصاً.بعيداً عن «أندية المال والبذخ»، تتنافس العديد من الفرق بتشكيلاتٍ متينة بُنِيت وفق ميزانيات مدروسة، أبرزها طرفا لقاء اليوم: «إي سي ميلان» و«آر بي سالزبورغ».
اشتُهِر هذ الأخير خلال السنوات الماضية كأحد أفضل مصدّري النجوم في أوروبا. اكتشاف المواهب وتطويرها ثم وضعها على طريق النجومية جعلت من سالزبورغ علامةً مسجّلة في أسواق الانتقالات. النادي النمسَوي مملوك لشركة مشروبات الطاقة «Red Bull»، وهو الحال نفسه بالنسبة إلى النادي الألماني لايبزك الذي عادةً ما يأخذ الأولوية في التعاقد مع أي موهبة جديدة صادرة من «مناجم» سالزبورغ.
«خرَّج» الفريق النمسَوي العديد من النجوم خلال الفترة الماضيّة، أبرزهم المهاجم النروجي إرلينغ هالاند. لم يذهب هذا الأخير كالعادة، بحكم الشراكة بين الناديين، إلى لايبزك، بل اختار الذهاب إلى بوروسيا دورتموند الألماني ثم حطّ رحاله هذا الموسم في مانشستر سيتي الإنكليزي. ومن الأسماء الأخرى التي زيّنت ملاعب أوروبا بعد تكوينها في سالزبورغ، يبرز كل من ساديو مانيه، دايوت أوباميكانو، نابي كيتا، بنيامين سيسكو وغيرهم الكثير.
يمتلك النادي النمسَوي مجموعة مميزة من الكشّافين على امتداد العالم، تمكنوا خلال السنوات الماضية من استقدام أسماء غير معروفة من أجل تطويرها. تبدأ أولى خطوات تلك المواهب في الدوري النمسَوي، ثم تحطّ رحالها غالباً في الدوري الألماني ومنه إلى مختلف الدوريات الكبرى مقابل أسعار ضخمة. رياضياً، يستفيد سالزبورغ من تلك المواهب لفرض سيطرته المحلية على البطولات في النمسا مع محاولة الظهور الأوروبي بصورة مشرّفة.

تنمية عمليّة
يتّبع النادي طريقة لعب موحّدة لجميع الفرق من البراعم إلى الفريق الأول، ويتميز، بعيداً عن الإنفاق الذكي للموارد، بمركز أبحاث قوي يراقب اللاعبين باستمرار ويبحث عن أحدث تكتيكات اللعبة. عام 2012، تم تعيين رالف رانغنيك مديراً رياضياً في سالزبورغ (كما لايبزك) لتنمية لاعبين غير معروفين وتحويلهم إلى نجوم داخل وخارج النادي، عبر اعتماد أحدث أساليب التدريب والبيانات وإستراتيجية التعاقدات. لعب رانغنيك دوراً رئيسياً في إنشاء تكتيك للضغط العالي حيث يقاتل الفريق على الفور لاستعادة الكرة بعد خسارة الاستحواذ بدلاً من الارتداد للخلف، وهي فلسفة تقضي بضرورة استعادة الكرة خلال 8 ثوانٍ بعد خسارتها مع محاولة التسديد على مرمى الخصم في مدة لا تتجاوز الـ10 ثوانٍ عند الاستحواذ. أسلوبٌ مميز أدّى إلى نجاح سالزبورغ فنياً وساهم تباعاً في تسليط الضوء على فاعلية لاعبيه الشباب. خرج رانغيك بعدها من المشروع، لكنّ النادي استمر وفق خطة علمية واستثمار قوي محقّقاً نجاحاً اقتصادياً ورياضياً طيلة 18 عاماً. السيطرة المحلية لا تزال قائمة والطموح يتواصل للتألق الأوروبي، على أن يشكل بطل «الكالتشيو» خير اختبار في لقاء اليوم.
يتصف ميلان هو الآخر بحسن البناء وفق تكاليف محدودة. يعكس ذلك تتويجه بطلاً للدوري الإيطالي الممتاز في الموسم الماضي بفاتورة أجور منخفضة (أقل من الفرق الإيطالية المنافسة وباقي أبطال الدوريات الأوروبية الكبرى).
لم تكن الطريق معبّدة أمام «الروسونيري» لبناء منظومة منافسة بأقل التكاليف، بل إنّ النجاح جاء بسبب اتّباع إجراءات صارمة وبشكل «قسري»، أقلّه في بادئ الأمر.
كان النادي غارقاً في الديون خلال الفترة الممتدة من أواخر حقبة المالك الأسبق سيلفيو برلسكوني إلى المُلاك الصينيين الذين تلوه. سوء تنظيم مالي جعل صندوق إليوت الأميركي يتسلّم زمام القيادة، الأمر الذي شكّل بداية الحل للأزمة المتجذرة.
تحسينات مالية كبيرة قام بها الصندوق خلال فترةٍ وجيزة، تخللتها تسوية بالتخلي عن الكرة الأوروبية لمدة من الوقت، ودفع غرامات، مع تعهد الالتزام بقوانين اللعب المالي النظيف. أما النتيجة، فقد تمثلت ببناء فريق شاب ممزوج بعناصر الخبرة تُوج ببطولة الدوري الإيطالي في الموسم الماضي، ما جعله يشارك في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم من الباب الواسع.
فرض سالزبورغ نفسه واحداً من أهم الأندية التي تصدّر مواهب في أوروبا


كان ميلان سيتّجه للاستثمار بالمواهب الشابة قبل موسمين سيراً على خطى سالزبورغ، حيث قرّر الرئيس التنفيذي للفريق حينها إيفان غازيديس التوقيع مع المدرب الألماني رالف رانغنيك، لكنّ ذلك لم يحدث. انتهى الأمر بتجديد عقد المدرب بيولي، واعتمدت الإدارة أسلوباً صارماً في الصفقات. نموذج ناجح يتبعه ميلان. طاقم كشافين مميز يقوده مونكادا لاقتناص أفضل المواهب الشابة في العالم، ثم يتم التشاور بين المدرب بيولي والفريق التقني المكوّن من باولو مالديني وفيديريكو ماسارا على أن يتم الاختيار تبعاً لملاءمة اللاعبين المرشحين فنياً ومادياً مع المركز الذي يحتاج إلى التدعيم.
نجح ميلان وسالزبورغ محلياً بفعل سياستهما «المتقاربة» لإدارة الأمور الفنية، فهل سيحققان النجاح الأوروبي هذا الموسم؟



يوفنتوس يحلّ ضيفاً ثقيلاً على باريس


ضمن مباريات الجولة الأولى من دوري الأبطال يحل يوفنتوس الإيطالي ضيفاً ثقيلاً على باريس سان جيرمان الفرنسي (الليلة الساعة 22:00 بتوقيت بيروت)، في مباراة ستكون صعبة جداً على الطرفين.
وفي التوقيت ذاته يلعب سيلتك الأسكتلندي مع ريال مدريد الإسباني، ولايبزك الألماني مع شاختار دونيتسك الأوكراني. وستكون الأنظار موجهة إلى إسبانيا حيث يستضيف إشبيلية نادي مانشستر سيتي الإنكليزي الذي يمنّي النفس بالفوز للمرة الأولى بدوري الأبطال، وهي الكأس التي صرف من أجلها النادي الإنكليزي المملوك إماراتياً مليارات الدولارات خلال السنوات الأخيرة.
وعند الساعة 19:45 بتوقيت بيروت يستضيف بوروسيا دورتموند نظيره كوبنهاغن الدنماركي، وفيما يحل تشيلسي ضيفاً ثقيلاً على دينامو زغرب الكرواتي.