قبل قرابة عام، ضربت الدوري الإيطالي فضيحة تتعلق بمكاسب رأس المال، وهي إحدى أبرز النكبات التي ضربت الكرة الإيطالية منذ أزمة «الكالتشيوبولي» عام 2006. للمفارقة، تصدّر يوفنتوس العناوين العريضة في الأزمتين، حيث هبط في السابق إلى دوري الدرجة الثانية، في حين أُدين وحيداً خلال الأزمة الحالية.تُعرف مكاسب رأس المال في إيطاليا باسم «plusvalenza»، وهو مصطلح محاسبي للربح المحقّق من بيع أحد الأصول مثل الأسهم أو السندات أو العقارات. عادةً ما تستخدم فرق كرة القدم الإيطالية مكاسب رأس المال لتحديد سعر البيع (الأعلى) و(الأقل) لأصل معين، بحيث يتم توزيع رسوم نقل اللاعب القادم على طول عقده الجديد (المعروف باسم الإطفاء)، في حين أن رسوم اللاعب الذي يتم بيعه تُحتسب على أنها دخل فوري. وفي ظل قلة عائدات الكرة الإيطالية مقارنةً بباقي الدوريات الكبرى، بالتوازي مع الأزمة المالية الخانقة التي ولّدتها جائحة كورونا، تمّ التلاعب بـ«plusvalenza» لمجابهة الخسائر. أمرٌ التفتت إليه الجهات المعنية الإيطالية، وفتحت تحقيقاً في أواخر عام 2021 (تبيَّن بعدها أن التحقيقات بدأت سرّاً في خريف 2020).
تم التدقيق حينها في عدد من الصفقات «المشبوهة» بين بعض الأندية الإيطالية، فخضع يوفنتوس، روما، نابولي، أتالانتا، سمبدوريا وجنوى للمساءلة إثر تضخم لافت في قيم انتقالات بعض اللاعبين. وبعد قرابة عام من التحقيق، تمّت تبرئة جميع الأندية الإيطالية المتورّطة باستثناء اليوفي. حقّق المُدّعون في إمكانية قيام يوفنتوس، المُدرج في البورصة الإيطالية، بتقديم معلومات محاسبية خاطئة إلى المستثمرين إضافةً إلى فواتير معاملات غير موجودة، واتُّهم بالاستخدام المشبوه لمكاسب رأس المال في سلسلة من صفقات تبادل اللاعبين. كانت إحدى أبرز الصفقات المشبوهة هي التي حصلت بين يوفنتوس وبرشلونة عام 2020، حين انتقل البوسني ميراليم بيانيتش إلى كاتالونيا مقابل وصول البرازيلي آرثر ميلو إلى تورينو.
هكذا، حَسَمَ الاتحاد الإيطالي لكرة القدم 15 نقطة من رصيد يوفنتوس في الدوري المحلي، وجاءت العقوبة أشد مما طالبت به النيابة العامة بحسم تسع نقاط. تراجعَ «البيانكونيري» بموجب الحسم من المركز الثالث إلى العاشر (من 37 إلى 22 نقطة بعد 18 مباراة)، ثم صعد إلى المركز التاسع بتعادله الأخير أمام أتالانتا (3-3) نهاية الأسبوع، على بُعد 14 نقطة كاملة من المركز الرابع، ما صعّب حظوظه في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
نفى يوفنتوس ارتكاب أيّ مخالفات مؤكداً أنه سوف يستأنف القرار


بالإضافة إلى ذلك، تم إيقاف المدير الرياضي للنادي فيديريكو تشيروبيني لمدة 16 شهراً، وبعض عناصر مجلس الإدارة السابقة التي استقالت في تشرين الثاني، بمن فيهم الرئيس السابق أندريا أنييلي والمدير التنفيذي السابق ماوريتسيو أرافابيني لمدة سنتين، نائب الرئيس السابق بافيل نيدفيد لثمانية أشهر والمدير الرياضي السابق فابيو باراتيتشي، الآن في توتنهام الإنكليزي، 30 شهراً.
من جهته، نفى يوفنتوس ارتكاب أيّ مخالفات مؤكداً أنه سوف يستأنف القرار، وقال محامو النادي إن عقوبات الاتحاد الإيطالي «تشكل تبايناً واضحاً في المعاملة ضد يوفنتوس ومديريه مقارنةً بأي شركة أو عضو آخر». تجدر الإشارة إلى تبرئة نادي السيدة العجوز في نيسان 2022، لكنّ أدلة جديدة جعلت المدعي الاتحادي يفتح التحقيق مجدداً في كانون الأول.
ورغم تورّط ثمانية أندية في ملف التلاعب ببعض الصفقات تمّت معاقبة يوفنتوس وحده، الأمر الذي أثار جدلاً في إيطاليا، خاصةً أن العقوبة طاولت النقاط، ولم تقتض بغرامة مالية أو حرمان من إبرام الصفقات لفترةٍ ما.
في هذا الإطار، كشفت صحيفة «غازيتا ديللو سبورت» الإيطالية أن السبب وراء ذلك هو خلوص المحققين إلى تورط يوفنتوس في أغلب الملفات، بينما تورطت بقية الأندية في عدد قليل من الصفقات، الأمر الذي جعل المحققين يعتقدون أن هناك تنظيماً داخل يوفي سعى بكل قوة للتلاعب بالأرقام، ما استوجب معاقبة النادي بهذه الطريقة.
سيكون يوفنتوس قادراً على تفادي العقوبة إذا أثبت براءته، حيث إن هناك 30 يوماً أمام النادي من تاريخ إعلان العقوبة للاعتراض لدى الجهات المختصة. في المقابل، قد تخلص المحكمة إلى إنزال عقوبات جديدة في حق يوفنتوس بحسب الوسط الرياضي الإيطالي.