إنها المباراة الأكثر جاذبية في كرة القدم الأوروبية هذا الأسبوع. كيف لا تكون وهي التي ستجمع بين الفريقين اللذين بلغا النهائي في نسخة الموسم الماضي، ولو أن الأمور مختلفة بالنسبة إلى مستواهما وظروف مواجهتيهما في دور الـ 16 للمسابقة القارية الأم.المهم أنه لا يخفى بأن ليفربول ولو أنه يلعب على أرضه ذهاباً، فإنه لا يملك أفضلية على الإطلاق لأن ريال مدريد تحوّل إلى كابوسٍ بالنسبة إليه في الأعوام الأخيرة، فهو تفوّق عليه في نهائي 2018، ومن ثم أخرجه من الدور ربع النهائي لموسم 2021-2022، قبل أن يوجّه إليه ضربة قاضية في نهائي الموسم الماضي.
من هنا، ولدت حساسية كبيرة بين الفريقين العريقين، ما يجعل التحضير لهذه المباراة نفسياً وتكتيكياً على أعلى مستوى، وهو ما يفرض الانتباه إلى مفاتيح أساسية قد ترجّح كفّة فريقٍ على آخر.

معركةٌ على الطرفين
الأكيد أن أقوى معارك المواجهة ستكون على طرفي الملعب حيث تكمن قوة الفريقين، وخصوصاً ريال مدريد بفعل امتلاكه النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور الذي يعيش أفضل أيام مسيرته في الوقت الحالي.
الجناح السريع والهداف سجّل باسمه 7 مساهمات تهديفية (5 أهداف وتمريرتين حاسمتين) في آخر 8 مباريات خاضها الفريق الملكي بعيداً من ملعبه، بينها ثلاث ضد فرقٍ بريطانية هي تشلسي ومانشستر سيتي الإنكليزيين، وسلتيك الاسكوتلندي.
ببساطة فينيسيوس هو مفتاحٌ أساسي للريال في هذه المباراة لأنه الوحيد القادر على التفوّق على الظهير الأيمن المميز ترينت ألكسندر – أرنولد، الذي قد يعاني أمامه، وخصوصاً إذا ما أراد خوض «مباراة نظيفة» كونه يواجه خطر الإيقاف لحمله إنذارين سابقين. هذا في وقتٍ يعرف الريال أن لاعبه يمكنه ضرب خصمه في المواجهات الثنائية، بينما يبقى دور المجموعة هو تأمين المساحات الفارغة له للانطلاق بسرعته واختراق المنطقة أو لعب الكرات العرضية إليه عندما يهرب في ظهر أرنولد تماماً كما فعل في نهائي الموسم الماضي مهدياً بهدفه فريقه اللقب.
لا يملك ليفربول أي أفضلية على ريال مدريد ولو أنه يلعب مباراة الذهاب على أرضه


لكن في المقابل، قد يكون اندفاع أرنولد أو الظهير الأيسر الاسكوتلندي أندي روبرتسون خطراً كبيراً على المدريديين كون فريق المدرب الألماني يورغن كلوب يختزن قوةً كبيرة عند طرفي الملعب بفضل الروح الهجومية لظهيريه على وجه التحديد. من هنا، يُنتظر أن يدافع «الميرينغيز» وفق استراتيجية (4 ـ 5 ـ 1) التي تحتّم على الجناحين الانكفاء للخلف من أجل خلق الزيادة العددية وعدم السماح لظهيرَي ليفربول باستلام الكرة بشكلٍ مريح ومن ثم إحداث الأضرار داخل منطقة الجزاء.
أضف أن بطل إسبانيا لا يعتمد عادةً على خط دفاعٍ متأخر لكنه قد يفعلها في مواجهة «الريدز» لسببٍ بسيط وهو أن الفريق الإنكليزي يبرع في الهجمات المرتدة وخصوصاً بوجود نجمه المصري محمد صلاح الذي يستطيع إطلاقها ومن ثم إنهائها داخل الشباك.

مفتاح معركة الوسط
أما في خط الوسط قد تبدو المعركة شبه محسومة كون أكبر معاناة «الحمر» هذا الموسم كانت في منتصف الميدان، ولو أن ريال مدريد سيلعب من دون نجمه الألماني طوني كروس والفرنسي أوريليان تشواميني.
مفتاح النجاح هنا قد يكون بنسبةٍ كبيرة الفرنسي الآخر إدواردو كامافينغا الذي قدّم أداءً مميّزاً في الآونة الأخيرة كاشفاً عن دورٍ فعال في عملية تنظيم اللعب وعن كيميائية كبيرة تجمعه مع النجم الكرواتي لوكا مودريتش، ما سيخلق مشكلات كبيرة لليفربول.
كامافينغا هو لاعب ذكي وعالٍ تقنياً ولديه قدرة هائلة على التصرّف بالكرة تحت الضغط، وأيضاً والأهم أنه يجد السبيل غالباً للمشاركة في الحالة الهجومية، إضافةً إلى إجادته اختيار الوقت الصحيح لتبادل المراكز مع بقية لاعبي الوسط.
هذه الصفات ستخلق مشكلات لأصحاب الأرض في حال اختاروا التركيز على ضغط المستحوذ على الكرة في خط الوسط، خصوصاً أن كامافينغا ليس بلاعبٍ تقليدي لناحية صناعة اللعب، ولن يكتفي بالتمريرات القصيرة أو الركض في مساحات محدودة بل سيستخدم ديناميكيته لترك أثرٍ إيجابي حتى داخل منطقة الجزاء من خلال تمريرات مفتاحية أو تسجيل الأهداف.
لذا بين انطلاقات فينيسيوس لإيجاد الربط مع كامافينغا، وإمكانية تحوّل الأخير إلى مهاجمٍ إضافي، يُفترض على ليفربول الانتباه إلى أكثر من مواجهة عملية البناء من الخلف (عبر تمريرات قصيرة) بضغطٍ عالٍ، وهي الفلسفة التي تغزو عالم كرة القدم في الوقت الحالي.
لكن هنا في هذه النقطة قد يكون الأمل للفريق الإنكليزي، إذ إن ريال مدريد لم يعد نفس الفريق القادر على الخروج من الضغط من دون أي مشكلات، بحيث أنه سجّل تراجعاً على هذا الصعيد هذا الموسم، بينما يُعدّ ليفربول أحد أكثر الفرق فعاليةً باستعادة الكرة عند اعتماده على الضغط العالي، ولو أن هذه المسألة قد تعرّضه للخطر في حال فقدانها مجدداً في الخطوط الأمامية لأن فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي يمكن أن يضرب دفاعه بالتمريرات الطويلة التي ستتحوّل إلى خطرٍ كبير في حال وصلت إلى فينيسيوس أو الجناح الآخر الأوروغواياني فيديريكو فالفيردي.
باختصار تفاصيل صغيرة ستفصل بين الفريقين في نهاية المطاف، وخصوصاً أن التاريخ قد لا يعطي في مكانٍ ما أفضلية لأحدهما على آخر، إذ صحيح أن ليفربول لم يفز على ضيفه في آخر 6 مواجهات بينهما (5 هزائم وتعادل وحيد)، لكن الأخير لم يفز إلا مرةً واحدة في زياراته السبع السابقة إلى الأراضي الإنكليزية (4 هزائم مقابل تعادلين).