تمسك قلم الكحل وترسم عينيها. تتأنى في رسمهما كي تبدو عيناها أجمل. تنتهي منهما وتنتقل إلى شفتيها، فتمرّر فوقهما قلم الحمرة ذهاباً وإياباً، حتى تطمئن إلى أن لون حمرتها بات كلون الدم، ومن ثم تلف منديلها «لفّة» واحدة، مطلقة العنان لعري رقبتها وأذنيها المزينتين بقرطين بلون الذهب.
ولا تنسى أن تضع تحت منديلها «طربوشاً» يضاعف حجم رأسها... «لزوم» الموضة. تلك الموضة التي لا تكتمل إلاّ بكنزة قصيرة بالكاد تصل إلى حدود خصرها، وبنطال «جينز» ضيق ـ على «قدّ الجسم»، كما يقال ـ وتثنيه من الأسفل لتظهر كاحلها المزيّن بخلخال، لتخرج بعدها بكامل أناقتها. هي هلا. ابنة الثامنة عشر ربيعاً، التي ارتدت الحجاب في عمر التاسعة «عن قناعة تامة»، تقول. اليوم، كبرت الصغيرة تسع سنوات وصارت «صبيّة» تهتم للموضة. عندما نسألها عن لباسها، تعترف بأنها لا تلتزم «الحجاب الشرعي»، ولكن سرعان ما تعدل عن فكرتها بالقول إنها طالما ترتدي «تحت الملابس البادي والفيزون، بيمشي الحال». المهم أنها تلتزم «بما أمر به الله». أما الملابس الضيّقة، «فلا علاقة لأحد بي، والله يهدي من يشاء». وتضيف «طالما أنني أنظر إلى المرآة وأجد شكلي جميلاً، لن آبه لرأي أحد». هلا التي ارتدت الحجاب مقتنعة، لا تشبه فاطمة في شيء. الصبية التي خيّرها والداها بين أن ترتدي الحجاب أو أن تحتجب عن أعين الناس، فما كان منها إلا أن اختارت أهون الشرّين. هكذا، ارتدت الحجاب «مسايرة لعائلتي الملتزمة دينياً».
وتضيف، بغصّة «لو أن الأمر بيدي، لخلعته عن رأسي فوراً». وتبرّر هذا القرار بالقول أن الحجاب يمثل لها عائقاً في حياتها الاجتماعية، إذ «يفرض نمطاً معيناً من العمل ويجعلني أسيرة بيئة لا أحبّذ الانتماء إليها، ولو كنت ابنتها». وترى ان بإمكانها أن تكون ملتزمة دون أن ترتدي هذه القطعة من القماش، «فعلاقتي بخالقي لا ترتبط بقماشة مزركشة»، تتابع. ما فعله والدها، دفعها لارتداء حجاب لا يشبه بيئتها. فعلت ذلك انتقاماً. وإن كانت قد مرّت سنوات طويلة على هذا الأمر، إلا أنها تؤكّد أنه «حتى لو بقيت ساعة واحدة من عمري فسأخلع هذه القماشة“. أما رشا، التي تحجبت في عمر مبكرة، فقد بات الحجاب مصدر سعادتها... وخصوصاً عندما تتعرّض لـ»التلطيش». فقد صارت عبارات «يسلملي حجابك» و»يقبرني خصر الباربي» مصدر سعادتها. هي تقول ذلك. الفتاة، التي صار «موديل» الحجاب هوسها، هي واحدة من اللواتي ارتدين الحجاب في صغرهن، من دون أن يدركن معناه. مع ذلك، لم تشعر قط بالندم، ولن تشعر، طالما أنها ترتدي ما يحلو لها. فالحجاب بالنسبة إليها «لوك حلو». لا أكثر ولا أقل.
وعندما نسألها عن نظرة المجتمع إليها، تقول فرحة بأنها أينما حلّت فهي محط أنظار الجميع، وأن معظم بنات جيلها ينظرن إليها «نظرة غيرة، والشباب نظرة إعجاب». أما الكبيرات في السن، «فما بيفهموا بالموضة، لهالسبب بيحكوا هيك». ولأنها تثق بنفسها وبشكلها، فقد تأقلمت مع كل شيء، حتى إنها لم تشعر بأن «الحجاب يمثل عائقاً، طالما أنني طوعته بما يتناسب مع جميع البيئات». وتستطرد «أنا على اقتناع بحجابي، طالما أن الدين لم يحدّد زيا رسميا للحجاب».