لا تزال الاحتفالات بالأعياد متواصلة لدى أبناء الطوائف المسيحية. بعد عيد الميلاد، يحلّ عيد الغطاس في 6 كانون الثاني، بتسميته الشعبية، أو عيد الظهور الإلهي. وفي هذه المناسبة، يقدّم اللبنانيون حلويات خاصة أشهرها العوامة والمعكرون، إضافة إلى الزلابية. وكلّ هذه المأكولات قائمة على فكرة الغطاس، لأنها تغمّس بالزيت وبالسكر المحلّى. فهذا العيد يحتفي بذكرى اعتماد السيد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان. وهو الحدث الذي ظهر فيه المسيح للعالم علناً. وتسرد بعض الروايات عن سبب اختيار الزلابية كحلوى في هذا العيد.

ومنها أن السيّد المسيح مرّ ليلة عيد الغطاس على امرأة فقيرة ولم تكن تعرف من يكون. سألها، ماذا تفعلين؟ فأجابته إنها تقلي العجين الممزوج بالماء، لإطعام أولادها. وخلال الحديث، بدأ العجين يكثر في الوعاء ويفيض عنه... فيما تذهب رواية ثانية إلى القول إن القديس يوحنا المعمدان أشار إلى السيد المسيح بإصبعه، عندما جاء ليعتمد على يديه في نهر الاردن، وقال: «هذا هو حمل الله»، والزلابية تدل على شكل الاصبع.
وفي لبنان، كان أبناء القرى المسيحية، حتى الماضي القريب، يحرصون على بعض الطقوس، منها السهر حتى منتصف الليل في انتظار مرور «الدايم دايم» لمباركة المنازل التي يمرّ قربها، ويكون أهلها ساهرين، كما كان البعض يحرصون على تعليق عجينة في شجرة الدار لكي يباركها «الدايم دايم» لدى مروره، فتحمل الخير للبيت. و«الدايم دايم» في الرواية هو السيد المسيح، الذي يأتي ليلاً وتسجد له كل الاشجار باستثناء شجرة التوت، وفي رواية أخرى هي شجرة التين. ويذهب البعض إلى مقارنة ليلة عيد الغطلس عند المسيحيين، بليلة القدر عند المسلمين، إذ يتمنى المؤمنون في هاتين الليلتين ما يريدونه، وفي حال مرور المسيح أو الملائكة، تتحقق أمانيهم.