تخوض الممثلة الأميركية أنجلينا جولي مجدداً مجال الإخراج من خلال فيلم Unbroken. الشريط يتمحور حول السيرة الاستثنائية للعداء الأولمبي الأميركي لويس زامبريني (1917 ــ 2014 ) الذي تحطمت طائرته في المحيط الهادئ بعد انضمامه إلى الجيش أثناء الحرب العالمية الثانية.
في المحيط، أمضى وزميلَين له 47 يوماً على متن قارب نجاة قبل أن يعثر عليهما الجيش الياباني، ويُقتادا إلى مخيّمات الاعتقال، حيث يبقيان حتى نهاية الحرب. الفيلم مقتبس عن كتاب لورا هيلينبراند الذي يحمل الاسم نفسه (Unbroken: A World War II Story of Survival, Resilience, and Redemption) ويضم السيرة الذاتية للعداء الشهير، في حين أعاد الأخوان جويل وإيثان كوين كتابة السيناريو. في البداية، يعود السيناريو عبر الفلاش باك إلى طفولة زامبريني ليصوّر صراعه للتأقلم وإثبات نفسه، وخصوصاً أنّه ابن عائلة إيطالية مهاجرة.
أخاه الأكبر «بيتر» شجّعه على الركض والمشاركة في السباقات، ويحثّه على الإيمان بنفسه، ويقول له إنّ «القدرة على التحمّل هي معيار النجاح». جملة تعود إلى ذهن زامبريني في كل مرّة يوشك على الاستسلام، وتتكرّر خلال الفيلم وكأنّها اكتشاف مذهل رغم بساطتها. وقد تكون الأسئلة الأساسية التي تطرحها أنجلينا جولي عبر هذه القصة هو ممّا تُصنع الإرادة ولما تختلف القدرة على التحمّل ما بين الأفراد، وهل هناك فعلاً أشخاص لا ينكسرون مهما كان حجم العذاب؟ هذا الطرح الذي يشكّل نقطة انطلاق الفيلم يبدو مهمّاً بحد ذاته، لكن من دون أن تنجح جولي فعلياً في ما تبقّى من العمل من إظهار صورة سوبرمان البشري الذي يمثّله زامبريني عبر قصة نجاته غير المألوفة. لاحقاً، يتطرّق Unbroken إلى جهود العدّاء الأميركي وزميلَيه للبقاء على قيد الحياة وسط المحيط، ضمن إطار لا يخلو من الكوميديا السوداء، كما ظهر لدى القبض على طائر النورس المسكين الذي حط على القارب لالتهامه نيئاً، أو الصراع بالأيدي مع أسماك القرش. كذلك، تتميّز الحوارات ببساطتها التي تبتعد عن المبالغة الدرامية، لكنّها تبدو باهتة ينقصها الانفعال الدرامي المطلوب في بعض المشاهد وتقترب من السذاجة أحياناً في تبسيطها للمواقف.
بعد مضي حوالى 47 يوماً على قارب النجاة، يعثر اليابانيون على زامبريني وزميلَيه وهما بالكاد أحياء، في حين يكون زميلهما الثالث قد توفي. يُسجن زامبريني في أحد مخيّمات الاعتقال في طوكيو حيث يستمتع بتعذيبه قائد المعسكر «بيرد» الذي كان منذ البداية، كما يقول، يرصد قوّة شخصية زامبريني الذي يعتبره شبيهه.
لاحقاً، يركز الشريط على الصراع بين زامبريني و«بيرد». يصوّر هذا الصراع بطريقة كاريكاتورية، وتحديداً لجهة شخص القائد الياباني المهووس الذي يكاد لا يهدف إلا إلى تحطيم العدّاء البطل. فيمارس عليه شتّى أنواع التعذيب، وحين يفشل في إخضاعه، يبكي في النهاية في مشهد قُصد منه أن يكون ذروة الدراما، لكنّه جاء أقرب إلى الكوميدي في الحقيقة.
قد يحمل الصراع بين «بيرد» وزامبريني بعداً جنسياً مضمراً، إذ يبدو انشغال الأوّل بالثاني إسقاطاً لميول مثلية غير معلنة. كما أنّ رغبته في قتله هي للقضاء على هذه الميول. وإذا كانت هذه المقاربة مقصودة فهي مثيرة للاهتمام، ولو أنّ الطريقة التي يصوّر من خلالها الفيلم اليابان إجمالاً هي أقرب إلى الساخرة والكرتونية. يؤدي الممثل البريطاني جاك أوكونيل دور زامبريني، وقد اشتهر أخيراً عبر أدائه البارع في فيلم «71» ليان دومونج. ينجح في Unbroken في تصوير شخصية الرجل الفولاذي التي يبدو تصميمها نابعاً من بساطتها وتجرّدها من اعتبارات الأنا. فزامبريني ليس بطلاً خارقاً بنظر نفسه؛ «أنا لا شيء» يقول الأخير لأخيه في أحد مشاهد البداية، فيجيبه بأنّ عليه دائماً أن يبذل جهداً مضاعفاً للّحاق بالآخرين، فيما تبدو صلابته نابعة من استعداده الدائم لتلقي الضربات والألم.