«فرخ البط عوّام» قول شائع يستعمل حين تكون ذرية أي شخص تسير على منواله. هذا الأمر ينطبق ولا ينطبق على آل مرتضى. ريم (18 عاماً)، شقيقتها داني (16 عاماً) وشقيقهما حسن (14 عاماً) هم أولاد لاعب كرة القدم السابق عماد مرتضى. هو لاعب فريق الإخاء عاليه من 1971 وحتى 1977، قبل أن ينتقل إلى نادي النجمة ليلعب معه حتى عام 1984. بعد ذلك تفرّغ مرتضى لمهنة الهندسة دون أن ينقطع عن الرياضة بمزاولة كرة القدم.
وكان من الطبيعي أن يوجّه مرتضى أولاده نحو كرة القدم، لأنها لعبته المفضلة، لكن هذا الأمر لم يحصل، إذ اختار مرتضى لأولاده طريقاً آخر هو لعبة البادمنتون، وبدا ذلك مستغرباً أولاً لأنها لعبة فردية بعيدة عن كرة القدم، وثانياً لأنها لعبة غير شعبية وليست منتشرة بشكل واسع في لبنان. وكان يمكن مرتضى أن يختار لعبة فردية أخرى كالتايكواندو والجودو أو أي لعبة أخرى، لكنه لم يرغب في أن يزاول أولاده لعبة قتالية حرصاً على سلامتهم، فجذبته البادمنتون بأسلوبها ومشهديتها والجهد البدني الذي تتطلبه بعيداً عن الالتحامات البدنية.
مشوار آل مرتضى مع لعبة الريشة الطائرة بدأ قبل أربعة أعوام في نادي هوبس. حينها كانت الخطوة الأولى في مشوار إحراز الألقاب، وهو الذي حصل عام 2014 حين أحرزت ريم لقب فئتها العمرية، وكذلك فعلت داني لكن للعام الثاني على التوالي، فيما أحرز حسن لقب فئته للمرة الأولى في حياته.
اختيار البادمنتون كان عبر الوالد كما هو شائع لدى الأولاد الصغار الذين يحددون أهلهم الرياضة التي يمارسونها وفق ظروف ومعطيات معينة. عماد مرتضى أراد لابنتيه أن تمارسا الرياضة انطلاقاً من أهمية هذا الأمر وتأثيره الإيجابي في حياة أولاده. وكان التوجه نحو كرة القدم، لكنه اصطدم بواقع هذه اللعبة على الصعيد النسائي من ناحية الأجواء المحيطة بها وعدم وجود استمرارية، فكانت البداية من نادي هوبس، حيث شاهد مرتضى اللعبة للمرة الأولى وأُعجب بها فقرر تسجيل ابنتيه ومن ثم ولده حسن الذي يزاول كرة القدم أيضاً. ومنذ ذلك الحين يواظب أولاده على تمارينهم، التي لم ينقطع الوالد مرتضى عن واحدة منها، تحت إشراف المدربين علي كزما والسوري عمار عوض. ويتدرب آل مرتضى بمعدل ثلاثة مرات أسبوعياً لمدة ساعتين، كذلك شاركوا في بطولات دولية وعربية، آخرها في اليونان، وقبلها في بطولة العرب في دبي عام 2013.
لكن ما هو أفق مزاولة هذه اللعبة؟
الجواب يبدو محبطاً حين يكون واقع الرياضة محبطاً في بلد يعاني على جميع الصعد. بالنسبة إلى آل مرتضى، فإن الهدف الأساسي مزاولة الرياضة واكتساب مهارات يستفيدون منها على الصعيد الشخصي بعيداً عن أي طموحات للاحتراف أو كسب مادي. بل على العكس، فإن خيار عماد مرتضى بمزاولة أولاده للرياضة يضع عليه أعباءً مالية رغم الدعم أو «المعاملة الخاصة» من قبل نادي هوبس، كما يصفها مرتضى. فالأخير قد تكلّف حتى الآن ما يفوق عشرة آلاف دولار، في وقت من المفترض أن يكون هناك دعم كامل لأولاده، وحتى عائد مادي كما في الدول المتطورة. وهو لجأ إلى وزارة الشباب والرياضة، لكنه اصطدم بعدم وجود صيغ دعم للاعبين بشكل فردي.
بناءً عليه، فإن الواقع الصعب للرياضة عموماً ولعبة البادمنتون خصوصاً يجعل طموحات أبطالها محدودة «دون أن يتحمل النادي مسؤولية في الموضوع، لكونه يساعد وفق إمكاناته، لكن في النهاية هناك تكاليف يجب تحمّلها، وهو ما نقوم به انطلاقاً من قناعة بأهمية مزاولة الرياضة»، يختم مرتضى حديثه لـ»الأخبار».