يقال إن الموسيقى هي اللغة العالمية، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى محبّي الزهور. هم أيضاً لهم لغتهم الموحدة التي يمكن التواصل بها من دون حاجة إلى الكثير من الجهد لإيصال الرسالة. فلكلّ وردة رسالتها، ولكلّ لون معناه. كذلك بات لعدد الورود في الباقة دلالته.
ومنذ القدم، حرص الإنسان على أن يعطي لكل زهرة معنى أو قصة. وكان لكلّ شعب أسطورته مع نوع من الزهور التي يشتهر بها.
وقد تكون الأسطورة الأشهر التي نعرفها في لبنان، هي المرتبطة بشقائق النعمان، والتي تحكي قصة أدونيس، الشاب المولع بالصيد الذي وقعت في حبه أفروديت أو عشتار. وعندما صرعه خنزير بري فاض دمه ملوّناً مياه النهر (نهر إبراهيم) بالأحمر القاني، وانبثقت من قطرات دمه المتساقطة على التراب أزهار شقائق النعمان.
ومن الأساطير التي تخصّ زهوراً بتنا نزرعها في لبنان، الأسطورة الإيرانية المتعلقة بالـ«توليب»، إذ تقول الأسطورة إن فرهاد وقع في حب شيرين. وعندما وصله يوماً خبر موتها حزن عليها حزناً شديداً حتى إنه قفز بجواده من أعلى أحد الجبال فلقي حتفه. ونبتت من كل نقطة من دمائه التي نزفت زهرة توليب، ما جعلها زهرة الحب عند الإيرانيين.

في البحث عن معاني الزهور، وأسرارها، لا توجد معلومات موحدة. إذ يختلف معنى اللون الأصفر مثلاً باختلاف الثقافات. الشائع في دولنا العربية أن الاصفر يعني الغيرة ، وهذا ما غنّته أسمهان (من كلمات حلمي حكيم وألحان فريد الأطرش) حين قالت «يا بدع الورد يا جمال الورد، من سحر الوصف قالوه عالخد.. الأحمر من وجده الطف يا لطيف، والأصفر من غيرته ارحم يا رئيف، والأبيض عفة وغرام اقطف يا شريف»، فيما غنّت أم كلثوم (كلمات بيرم التونسي وألحان سيد درويش): «الورد جميل جميل الورد، إذا أهداه حبيب لحبيب يكون معناه وصاله قريب... والنرجس: عيونه تقول معانا عذول. والفل: حبيب مشتاق بيستناك..».
وينسب إلى السيدة «ماري وارلتري مونتاجو» أنها كانت أوّل من أعطى معنى للورود، من خلال الرسائل التي كانت تبعث بها من تركيا إلى صديقها في إنكلترا مطلع القرن الثامن عشر، وكان محورها الزهور. وبعد مرور أكثر من مئة عام، قامت سيدة أخرى، تدعى «شارلوت دي لاتور»، بوضع أول معجم للزهور في باريس، وقد انتشر سريعاً بين عامة الناس.
ومما يتداوله الكثيرون عن الكتاب، أن الورد يعني الحب، وزهرة البنفسج تعني الإخلاص، وزهرة القرنفل تعني التميّز، وزهرة النرجس تعني السعادة الدائمة، وزهرة الزنبق تعني النقاء والبراءة.
أما بالنسبة إلى الألوان، فالأحمر يعني الاشتياق، والأصفر يعني الغيرة، والوردي إعلان حب ووعد بالصدق، والبنفسجي تمنيات بالسعادة، والأبيض سلام.
ومن دلالات الأعداد، أن الوردة الوحيدة تعني: أنت كل شيء لي. والوردتان دعوة إلى السفر. والوردات الثلاث سؤال عن موعد اللقاء المقبل. والأربع لقول شكراً. والخمس لقول سأفعل أي شيء تطلبه. والست، تشكيك في الصدق. والسبع لقول أنا أحبك. والثماني لإعلان الإخلاص، والتسع للقول إني أريد أن أكون معك. والعشرة لطلب الزواج.
وهناك معنى آخر لعدد الزهور في الباقة، فهي إذا كانت مفردة فهي تعبّر عن الفرح والسعادة، أما إذا كانت مزدوجة فتعبّر عن المواساة والمناسبات الحزينة.