يكثر اللاعبون الأفارقة الذين يعمدون إلى تزوير أعمارهم، هادفين للوصول إلى أندية أوروبا سريعاً. فالأخيرة ترغب في التعاقد مع اللاعبين الصغار السن. تزوير لا حل له ويصعب إيجاد الدلائل لتأكيد حصوله، ما يجعل هذه المشكلة عميقة من دون ظهور حل في المدى المنظور.
فعلاً مرت كرة القدم بكثير من حالات التزوير في أعمار اللاعبين. احتيالات استفاد منها لاعبون كثر، ثبتت على بعضهم التهمة، وآخرون تناولتهم أخبار الصحف فقط. قام بها لاعبون في أوروبا وأميركا الجنوبية، حيث تبيّن في حالات عدة أن نحو ٥ و١٠ و١٢ سنة هي فوارق الأعمار الحقيقية عن الأعمار المزيفة لهؤلاء. ولعل أكثر ما يساعد في الإسراع للشك والتحقيق بالموضوع هو تجاعيد كثيرة في وجه لاعب كرة قدم عمره ٢٥ عاماً!
تبدأ التحقيقات في شهادة الميلاد، ليتبيّن في بعض الأحيان أن المسبب الأساسي هو وكيل الأعمال، الذي يريد إثبات تفوّق لاعبه على جيل من اللاعبين الذين يصغرونه سناً. في أميركا الجنوبية احتل الكولومبي رادميل فالكاو أخيراً عناوين الصحف، إذ نقلت صحيفة «ذا صن» الإنكليزية عن صحف بلاده خبراً مفاده أن العمر الحقيقي لفالكاو هو أصغر بعامين مما يقول، ما يعني أنه حالياً في الثلاثين من العمر. ولعل أسباب هذا التزوير وعدم ذكر العمر الحقيقي في ملفات «الفيفا» هو الإبقاء على سعره مرتفعاً في السوق. وهذا الخبر كان عادياً نسبةً إلى اللاعبين الأفارقة، ففي حالة فالكاو وفي حال ثبوت التزوير سيكون بفارقٍ بسيط هو سنتان فقط. لكن في أفريقيا الحال مغايرة، إذ إن أقل حالة تزوير لا تقلّ عن فارق السنوات الخمس. هناك ينتشر التلاعب بالأعمار بشكلٍ كبير، وخصوصاً في نيجيريا، فكانت آخر الأنباء المثيرة للجدل في إيطاليا، حيث شاعت قصة مهاجم لاتسيو جوزف مينالا، الذي يلعب في فريق الشباب، وهو الذي يظهر عليه التقدّم في السن والتجاعيد. وذكرت صحيفة «تيليغراف» أن عمره الحقيقي يقارب الأربعين. بُني هذا الكلام على كلام أصدقاء للاعب في نيجيريا، لكن النادي كشف وثائق رسمية أثبتت سنه الحقيقية. الكلام ليس بالوثائق فقط، بل باحتمالية تزوير الوثائق أساساً في بلاده.
النجم النيجيري الأشهر بفنياته وبقصة تزوير عمره ايضاً هو نوانكو كانو، الذي كان أحد أبرز من طاولتهم هذه التهم، إذ قيل إن تسع سنوات كاملة هي الفاصل بين عمره الحقيقي والمُعلن. كذلك هناك مهاجم إنتر ميلانو أوبافيمي مارتينز الذي أخذ قراراً بأن يكون أصغر بسبع سنوات. أما جاي جاي أوكوتشا، فقام بتصغير نفسه عشر سنوات أيضاً!
ولعل الأكثر جرأة بين هؤلاء جميعاً كان لاعب إنتر وميلان السابق تاريبو وست، الذي كان صريحاً مع نفسه ومع الإعلام، وكشف أن تاريخ ميلاده الحقيقي يعود إلى عام 1962 لا 1974، بحسب ما تشير مستنداته، وقد أكد أنه أقدم على فعلته من أجل الوصول إلى ساحة كرة قدم الأوروبية. كذلك قبل أشهر، أثارت صديقة لاعب سمبدوريا الكاميروني صامويل إيتو (33 عاماً) الضجة حول عمره، بعدما قالت إنه من مواليد 1974، بينما ذُكر على هويته وجواز سفره أنه من مواليد عام 1981.
بعد توالي الفضائح، حاول الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» تغيير مقاربته لهذه المشاكل بالكشف على رسغ اللاعبين بالرنين المغناطيسي لمعرفة السنّ الحقيقية لهم. وكانت النتيجة سريعة في كأس العالم تحت 17 عام 2009، عبر اكتشاف تغيير 15 لاعباً لسنّهم، ليكونوا بالتالي فوق السنّ القانونية التي تسمح لهم بالمشاركة في البطولة. طبعاً لم تكن المرة الأولى، إذ إن أشهر حوادث التزوير ارتبطت بنيجيريا أيضاً، إذ في عام 1989 أوقف «الفيفا» المنتخب النيجيري وسحب تنظيمه لكأس العالم للشباب بسبب إشراكه للاعبين جرى تغيير تواريخ ميلادهم. لكن الواقع أن مهمة كشف المزوّرين تصبح شبه مستحيلة مع تجاوز اللاعب سن الثامنة عشرة، وبالتالي تستمر هذه المعضلة من دون حل نهائي.
أما همّ الأندية الأوروبية، فهو التعاقد مع اللاعبين الصغار السنّ أصحاب بنية جسدية كبيرة، فمن مرَّ فارّاً إلى هدفه أوروبا وبقي طويلاً هناك، نجا بالمجمل من إثبات التهمة عليه. وحقيقةً، لا يبدو أن التهمة تؤثر بشكلٍ أو بآخر في مسيرتهم في الملاعب، ليبقوا متألقين دون إعارة التهم الصحيحة وغير الصحيحة أي اعتبار.