■ كرّمك أخيراً رئيس الجمهورية السابق عدلي منصور في «عيد الفن»، و«المركز الكاثوليكي»، بوصفك أحد أهم نجوم وصنّاع السينما المصرية، وصاحب بصمة في سجل السينمائيين العظماء. حدثنا عن وقع هذه التكريمات؟أشعر بسعادة كبيرة وأنا أكرّم في بلدي وخارجه، ومن الجمهور قبل المسؤولين. التكريم الحقيقي للفنان أن يشعر بحب الناس أينما كان. وهذا وبفضل الله يحدث معي وربما هذه هي ثروتي الحقيقية. الحمد لله على تكريم الرئيس السابق عدلي منصور، فهو تكريم أعتز به جداً، كما احتفى بي «مهرجان الإسكندرية»، وكانت تظاهرة حب عظيمة جمعت الجمهور والفنانين وصناع السينما.

وهناك أيضاً تكريم «مهرجان السينما القومي» و«المهرجان الكاثوليكي» وغيرهما من الأحداث التي بكيت وأنا أشاهدها، من شدّة حبي وتقديري لها.

■ هل العلاج سبب فقدان وزنك أم أنّك خضعت لنظام غذائي؟
لا، لم أخضع لريجيم أو نظام غذائي. كل ما في الأمر أنّني فقدت شهيّتي أثناء العلاج، وهذا طبيعي.

■ هل للأحداث السياسية والأمنية الأخيرة في مصر دور في غيابك ست سنوات كاملة عن السينما؟
السينما شأنها شأن أي صناعة تتأثر بالحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد. كنت أتمنى أن تتواجد السينما رغم كل شيء لأنّ مصر رائدة في هذه الصناعة في العالم العربي. بالتأكيد، كنّا نمرّ في كارثة بكل المقاييس، ولكن الحمد لله أنّنا نتجاوزها حالياً، وبدأت الحياة تعود إلى مصر وصناعاتها المختلفة، على رأسها صناعة السينما التي لا تقل أهمية عن أي صناعة رئيسية تفتح ملايين البيوت، إضافة إلى دورها الإبداعي.

■ هل أحزنك ما حصل في مصر أخيراً؟
من منّا لم يعتصر قلبه على مصر واضطراباتها؟ من منّا لم يشعر كأنّه يعيش كابوساً؟ كانت مصر همّي الأكبر، والسينما همي الخاص. الحمد لله أنّ الله أزاح الغيمة وتجاوزنا الخطر الذي كان يهددنا.

■ هل تعتقد أنّنا تجاوزنا الكابوس بالفعل، رغم صيحات الغضب من فقدان بعض الخدمات؟
طبعاً، نحن أفضل كثيراً. نحن في مرحلة انتقالية لا بد من أن نتحمّلها. لا بد من أن يحدث تأثّر وارتباك وتوتر في المرافق والخدمات، ويجب أن نصبر حتى نتجاوز كل شيء. نحن في مرحلة صعبة جداً، ومنعطف تاريخي يجبرنا على التكاتف والأمل حتى نتجاوزه. ويكفي أنّنا صحينا من الكابوس واستعدنا مصر الحبيبة. لكن أطالب الجميع بالكف عن المطالب الفئوية، على الأقل في هذه الفترة، لغاية استعادة عافيتنا.
■ عدت إلى السينما مع المخرج أمير رمسيس في فيلم «بتوقيت القاهرة». ألم تخش المغامرة عبر خوض عمل من تأليف وإخراج مخرج شاب؟
بالعكس. سعدت جداً بالعمل مع أمير رمسيس، فهو مخرج واعد ذو وجهة نظر، ومتمكّن من أدواته. الفيلم من تأليفه أيضاً، وأنا أحب المخرج الذي يرى العمل ككل. فما بالك لو كان المخرج هو المؤلف؟ أمير أعجبني، وهو من مدرسة يوسف شاهين، إذ عمل معه، وأعرف أنّه «متربّي فنياً صح» ويشرب الفن منذ صغره.

■ أنت معروف بالحماس الذي قد يكون زائداً للشباب؟
أنا متحمّس دائماً للشباب، ولا أخشى المخاطرة، طالما أنّني أعرف أنّ أمامي شباباً واعداً. ولو عدنا إلى الوراء، سنجد أنّني كنت منتجاً وبطل فيلم كان الأوّل في حياة المخرج الكبير سمير سيف، وهو «دائرة الانتقام». يومها، كنت أيضاً ممثلاً شاباً، لكن أملك بعض المال والطموح وحب المغامرة. لذلك قدّمت سمير سيف إلى السينما، وأنا سعيد بذلك، وأتمنى من كل النجوم الكبار والشباب والمسيطرين على السينما ألا يتراجعوا أبداً عن تقديم المواهب الشابة من شتّى المجالات الفنية. ولو عدنا إلى سنوات قريبة مضت، سنجد أنّني قدّمت أيضاً ممثلين كثراً في مسلسلاتي منذ «الدالي» (2007) الذي برزت من خلاله أسماء مثل عمرو يوسف، وحسن الرداد، وأيتن عامر.

■ آخر أفلامك كانت مع أحمد عز وساندرا نشأت في «مسجون ترانزيت»، وقبله كان «ليلة البيبي دول» و«عمارة يعقوبيان»، فهل هذه الأعمال صعّبت عليك الاختيار بعدها؟
السينما المحلية جيّدة جداً،
لكن يجب الابتعاد عن تقليد الغرب


هذه الأفلام وغيرها لها وقع خاص في نفسي، لأنّها تحدّت السوق وانفردت بطابع خاص ومؤثّر، وتمتلك قيمة فنية عالية. أنا أعتز بأنّني شاركت فيها في هذا العصر، وخصوصاً «مسجون ترانزيت» الذي شهد تلاحماً بين الأجيال. لا أنكر أنّني تعثّرت بعض الشيء أمام الإعجاب بعمل فني يعيدني إلى السينما بعد الأفلام المذكورة، وفضّلت عدم التواجد حتى يستجد جديد.

■ صرّحت أنّ فيلم «بتوقيت القاهرة» أخرجك من عزلتك السينمائية، ووافقت عليه منذ اللحظة الأولى، فما الحكاية؟
هذا صحيح. رغم خبرتي الطويلة، إلا أنّني أعتمد في الاختيار على الانطباعات الأولى. بمجرّد قراءتي فكرة أو معالجة تحمّسني وتعجبني من المرّة الأولى، أوافق على الفور، ويكون حكمي الأوّل هو الأخير. وهذا ما حدث مع سيناريو «بتوقيت القاهرة».

■ هل وجود ميرفت أمين وسمير صبري شريكي رحلتك الفنية الطويلة كان سبباً في ترحيبك بالفيلم؟
بكل تأكيد. شعرت بعودة الزمن الجميل. سمير صبري صديق عمر وفنان قدير، وميرفت أمين رفيقة عمر، وأكثر ممثلة شاركتني بطولات أفلامي.

■ جسدت في «بتوقيت القاهرة» شخصية رجل مسن يعاني من الزهايمر، ألم تخف من هذا الدور؟
الحياة بالنسبة إليّ مغامرة. صحيح أنا أجسّد دور رجل يعاني من هذا المرض ويُدعى يحيى شكري مراد. يعتقد الرجل أنّه يبحث عن امرأة معيّنة ولا يعرف مكانها أو أي تفاصيل عنها بل يتخيّل صورة معينة لها. يسافر يحيى من الإسكندرية إلى القاهرة ليبحث عن تلك المرأة الغامضة، ويترك وراءه ابنة تحبه جداً ومرتبطة به كثيراً، وابناً لا تربطه به علاقة قوية. يصرّ الوالد على ترك الإسكندرية ليبحث عن امرأته الغامضة، وفي الطريق يقابل شاباً يبحث عن أهله (شريف رمزي)، وتتوالى الأحداث بينهما في رحلة بحث كلّ منهما عن ضالته.

■ بعضهم أشار إلى أنّ الشريط يحمل رسائل سياسية، ويلمّح إلى الأحداث الأخيرة والتيار الديني، فما رأيك؟
كل ما أستطيع قوله إنّ الفيلم يرصد التغييرات في السلوك والشخصيات منذ «ثورة 25 يناير» وحتى سيطرة التيار الديني على الإعلام والسياسة، وتأثير ذلك في الشخصيات. أجمل ما في العمل أنّه يعالج كل القضايا بخفة ظل متناهية، كما أنّ المواضيع تُطرح بسلاسة وحرفية، وبشكل درامي وسلس جداً.

■ ما هو تحليلك للمشهد السينمائي؟
السينما حالياً جيّدة جداً، وفيها ممثلون ومخرجون على مستوى رفيع جداً. لكن نصيحتي أن يبتعدوا عن تقليد السينما غير المصرية كالأميركية وغيرها. في هذه الحالة تكون الأفلام بلا هوية ولا طعم.

■ هذا يعني أنّك ضد التكنيك الأميركي في الإخراج وضد اقتباس المواضيع؟
أنا مع التحديث والانفتاح على السينما العالمية، لكنّني ضد أن يطغى ذلك على هوية الموضوع، إذ نهتم بالتكنيك على حساب الموضوع. وأنا لست ضد الاقتباس لكن يجب «تمصير» الأعمال لأنّ الفن في النهاية روح ولغة وهوية.

■ سبق أن قلت إنّك تتمنى العمل مع المخرجة كاملة أبو ذكرى؟
أنا من المعجبين جداً بها. هي مخرجة حسّاسة وجادّة ومتمكّنة، وبالتأكيد أحب العمل معها لأنّها تحيي الأعمال الواقعية، ولعلّ النجاح الكبير الذي حققه مسلسلها الأخير «سجن النسا» أبرز دليل على هذا. في الثمانينيات، كنّا من أشد المتحمسين لتناول الواقع، وكان المخرج الراحل عاطف من أهم روّاد هذا التوجّه، إضافة إلى محمد خان، وداود عبد السيد وغيرهم.
بوسي رفيقة عمري، وكيف
ننسى 40 سنة بسبب ورقة طلاق؟




■ سمعنا أنّك رُشّحت لأكثر من دور في أفلام عالمية ورفضت، لماذا؟
أنا فنان مصري لم أصل إلى العالمية ولم أسع إليها لا أعرف لماذا. وأنا فخور بعروبتي.

■ ما رأيك في مستوى الدراما هذا العام، خصوصاً أنّك سبق أن تحدثت عن الزحام المزعج؟
رغم سعادتي الشديدة بمستوى الدراما وتقدّمها، إلا أنّني أتمنى تنسيق العرض التلفزيوني بشكل أفضل مما يجري في رمضان. الزحام أصبح لا يطاق، وهذه مبالغة مدمّرة لأنّها تظلم كل الأعمال في المشاهدة.

■ أين أصبحت «أكاديمية نور الشريف»، ولماذا توقفت؟
لا أعلم السبب. قد تكون الظروف مجتمعة قد أدّت إلى ذلك. كان لدي حلم في استمرار الأكاديمية، وإطلاق ورش عمل تقدّم ممثلين ومخرجين وكتاب سيناريو. التوقف ليس خياري طبعاً، لكن عموماً ما لم أستطع فعله في الأكاديمية حاولت تنفيذه في أعمالي قدر المستطاع، وأنا مستمر في ذلك.

■ ماذا عن احتمال عودتك إلى المسرح؟
رغم عشقي للمسرح، لا أملك أي مشروع مسرحي يعيدني إلى الخشبة للأسف. هناك مشاكل كثيرة في المسرح سبق أن تحدّثت عنها، مثل ارتفاع أسعار التذاكر في المسارح الخاصة، إضافة إلى الأزمات المالية التي تواجه المسرح القومي والعام.

■ هل تعتبر أنّ الفن يعاني حالياً من مضايقات في المحروسة بعد منع فيلم «حلاوة الروح» (أعيد عرضه بعد المقابلة)؟
أنا ضد المنع، وضد تقييد أي عمل إبداعي لأنّ الفن انعكاس للحياة. أرفض التسرّع في القرارات والأحكام وأرجو التأني وعدم التعميم.

■ رغم انفصالك عن الفنانة بوسي، ما زالت علاقتكما جيّدة جداً. هل ما زلت تحبّها؟
بوسي ستظل أم ابنتيّ ورفيقة مشوار عمري الطويل. الزواج أو الانفصال لا يعنيان انقطاع العلاقة الإنسانية. كيف ننسى أكثر من 40 سنة عشرة بسبب ورقة طلاق؟

■ احتفلت بعقد قران ابنتك «سارة»، وتوقفت «مي» ابنتك الصغرى عن التمثيل بعد تجارب عدّة. حدّثنا عنهما؟
ابنتي «سارة» قريبة جداً من قلبي وهي تشبهني في التفكير العملي كثيراً، لذلك اختارت دراسة الإخراج. وأنا سعيد جداً أنّها وجدت نصفها الآخر وأتمنى أن يكون شريك حياتها ومصدراً لسعادتها. أما «مي» فهي رومانسية وحالمة، ومشروع ممثلة جيّدة جداً، لكنّها هاوية في النهاية وأنا لا أضغط عليها للعمل في هذا المجال. لقد عوّدت «سارة» و«مي» على حرية الرأي وتحمّل مسؤولية قراراتهما منذ الطفولة.