دمشق | ■ دعينا نبدأ من جديدك لهذا الموسم، إذ عدتِ للوقوف أمام كاميرا باسل الخطيب في «حرائر». كيف تبدو ملامح شخصية «زبيدة» التي تجسدينها؟أحببت هذه الشخصيّة كثيراً، خصوصاً على مستوى التحوّلات التي تحملها لها الأحداث دراميّاً، وزمانياً، ومكانيّاً، حيث تنتقل من دمشق إلى اسطنبول، لتخوض مواجهةً مصيرية هناك. قبل ذلك، تحاول «زبيدة» إنقاذ زواجها بطرق عدّة، من دون أن تتخلى عن كرامتها.

■ قبل «حرائر» شاركت ببطولة مسلسل «مذنبون... أبرياء» (إخراج أحمد سويداني)، هلّا أخبرتنا عن هذه المشاركة التي تحمل الكثير من التجديد بالنسبة لك على مستوى الشكل والمضمون؟
العمل ككل يقدّم أجواءً جديدة، تتناول المخدرات، وأؤدي فيه دور «ديلر» (موزّعة ومروّجة) في الشارع وبين الشباب. الموضوع حسّاس جداً، ومعالجة هذه القضية ملحّة، ومن الجميل التصدي لها عبر عملٍ درامي. أما في ما يتعلق بالشكل الخارجي لشخصية «سراب»، فعملت عليه بما يتناسب مع الطبيعة الخاصّة لهذا الدور، وأتمنى أن يُنجز هذا العمل لرمضان المقبل.

■ أنهيت أواخر عام 2014 تصوير دورك في فيلم «سوريون... أهل الشمس»، تحت إدارة المخرج باسل الخطيب، مَن تكون ميسون أبو أسعد بين أبطال الفيلم؟
«زينة»، وهي ليست شخصية عادية برأيي. أنا قرأتها كطيف، يحتمل الكثير من القراءات، والدلالات. تُعاني المرض والفقدان، وتعجز عن أن تكون إلى جانب حب حياتها «يوسف» (محمود نصر) الذي تنقلب حياته رأساً على عقب، بعد فقدانه زوجته في أحداثٍ إرهابية. يركزّ الفيلم على المعاناة نتيجة الظروف الراهنة في سوريا، ويقدّم حالة رومانسية حزينة، تعكسها كاميرا باسل الخطيب بشكل حساس وجميل.

■ «أهل الشمس» هو التجربة السينمائية الثانية لك مع المخرج نفسه، بعد فيلم «مريم». وكان من المفترض أن تكوني أيضاً بطلة فيلم «الأم»، ثاني أفلام الخطيب ضمن ثلاثيته عن «المرأة السوريّة في ظل الحرب»، وقيل إنّك فضّلت المشاركة في مسلسل «باب الحارة» عليه، هل هذا صحيح؟
من جهتي حاولت فعل المستحيل، لكي أشارك في العملين معاً، وبذلت أقصى جهدي لذلك، سواءً مع باسل، أو فريق عمل «باب الحارة»، لكنّهم خشوا من حدوث تضارب بين مواعيد التصوير، فاخترت المشاركة في «باب الحارة 6»، وكنت حزينةً جداً لكوني مضطرة لهذا الاختيار الصعب، بين عمل أحب المشاركة فيه، وآخر يمكن أن يقدّم لي الكثير.

■ ماذا قدّم لك «باب الحارة» بجزئه الجديد (تأليف عثمان جحى، وسليمان عبد العزيز، إخراج عزّام فوق العادة) في ظل الانتقادات الكثيرة التي تعرّض لها؟
سعيدة جداً بهذه المشاركة، ولاحظت بوضوح لاحقاً حجم الشهرة التي رسّخها لي هذا العمل خارج سوريا، كما أنّ دور «ناديا» بحد ذاته كان ظهوراً غريباً من نوعه، ومختلفاً عن المزاج العام للعمل ككل. ولا يمكن لأي ممثلة أن ترفضه. أما في ما يخص الانتقادات الدائمة الموجهة لـ«باب الحارة»، فحتى مَنْ ينتقده يحارُ في السر الغريب لجماهيريته عربياً، كما أن الجزء السادس، تُحسب له الكثير من الإيجابيات.

■ يجتهد صنّاع الدراما السوريّة لتقديم مقارباتهم للأزمة السوريّة، أنت كنت من أوائل الممثلات المشاركات في هذا النوع من الأعمال من خلال «حائرات»، ثم كان مسلسل «شهر زمان» الذي انتهى عرضه أخيراً. ما الفارق بين التجربتين؟
في «حائرات» (تأليف أسامة كوكش، وإخراج سمير حسين)؛ دوري كانت له علاقة بتناول الفساد داخل دائرة حكومية، وكل الشخصيّات تعاني من انعكاسات الأزمة السورية، أما مسلسل «شهر زمان» (تأليف وإخراج زهير قنوع)، فيسلط الضوء على معاناتنا مع الإرهاب، ودخوله حياتنا كسوريين اليوم. فخط شخصية الصحافية «تولين» التي أجسدّها، يتعلق بالخطف، والابتزاز، واستباحة كل شيء. لكن نهاية كل من العملين فيها نوع من التفاؤل.

■ رغم الانتقادات التي تواكب عادةً هذا النوع من الأعمال؛ هل لاحظتِ تطوّراً في مقاربات صنّاع الدراما السورية للأزمة، في الأعمال الأخيرة؟

زُرْت برشلونة ورأيت ليونيل
ميسي عن قرب

ربّما يجب أن ننظر بصورة عامّة لكل الأعمال التي قُدّمت عن الأزمة، سواءً داخل البلاد أو خارجها، على أنّها تشكل بمجموعها مقاربة للأزمة السورية. لأنّ كل كاتب برأيي ينحو عموماً باتجاه معيّن، أو يميل إلى أحد الأطراف، ويمكن أن نستثني من ذلك «سنعود بعد قليل» (تأليف رافي وهبي، وإخراج الليث حجو) لأنّ تركيزه انصب بصورة أكبر على الجانب العاطفي من معاناة الشخصيات، أكثر من التركيز على خلفيّاتها السياسية، ومواقفها مما يجري.

■ دورك في «حدود شقيقة» (تأليف حازم سليمان، وإخراج أسامة الحمد) كان الدور الكوميدي التلفزيوني الأوّل خلال مسيرتك الفنيّة. إلى أي مدى حققت لك هذه التجربة ما كنت تريدين تقديمه في هذا النوع من الأعمال؟
ليس كل ما أريد، لكنّ مشاركتي فيه كانت محطّة لطيفة عموماً، ربّما لِجهة لَفت نظر المخرجين لكي يتذكروني بالأدوار الكوميدية المحبّبة بالنسبة لي. فالعروض التي تأتيني في هذا الإطار قليلة، وسأشارك قريباً في «بقعة ضوء 11» لموسم دراما 2015 (إخراج سيف الشيخ نجيب)، كما سبق أن أتيحت لي فرصة المشاركة مع الأستاذ دريد لحّام والراحل الكبير عمر حجّو بدورٍ كوميدي في مسرحية «السقوط» عام 2011 (تأليف علاء الدين كوكش، وإخراج محسن العلي). إلا أنّ تأزّم الأوضاع في المنطقة، لم يتح لنا استمرار العرض في بلدانٍ عربية عدّة كما كان مقرراً.

■ لماذا لا نراكِ بأدوار على مسارح دمشق، رغم أنّ بداياتك كانت مسرحية؟
المسرح تضرّر كثيراً بسبب الأزمة، والصالات فارغة تقريباً، ربّما هناك عروض كسرت هذه القاعدة، لكن لم يُعرَض عليّ مشروع مسرحي مغرٍ في هذه الفترة. وإذا كنتُ انتقائيةً في أدواري التلفزيونية، فأنا أكثر تأنياً حينما يتعلق الأمر بالمسرح، ولا أتجرأ على المغامرة. يمكن أن أعمل مع الفنّانين المخضرمين، لكن لدي حالةً من الترقّب، والتحفظ إزاء التجارب الشبابية. هذا لا يعني عدم وجود تجارب لافتة، كتجربة الممثل كفاح الخوص، في الاستفادة من موهبة خاصّة يمتلكها، بالزجل، والحكاية الشعبية، ويعمل على تطويرها، وطريقة تعبيره عنها باستمرار.

■ عُدت أخيراً من زيارةٍ قصيرة لبرشلونة الإسبانية. هل حملت هذه الرحلة مشاريع فنيّة جديدة بالنسبة لك؟
برشلونة مدينة جميلة، وأنيقة، وسكّانها ودودون، وفيها معالم مهمة جداً، يقصدها الناس من جميع أنحاء العالم. كنت في إجازة، لكن أجواء المدينة، وبعض من تعرفت إليهم يوحون بإمكانية خلق بعض المشاريع في المستقبل.

■ كشف الفيديو القصير الذي صورته من ملعب الـ«كامب نو» الشهير ونشرته عبر فايسبوك أنّك مشجّعة لنادي برشلونة لكرة القدم. كيف كانت الأجواء هناك؟
أنا شخصياً رياضية. كنت ألعب كرة السلة سابقاً، وأعشق الرياضة، ولا أتركها، وأتابع بعض المباريات، لكن ليس لدي هوس حضورها بكثافة على شاشة التلفزيون. بحثت عن جدول مباريات نادي برشلونة قبل الذهاب إلى هناك، ورغم صعوبة الحصول على البطاقات، ساعدني الحظ في النهاية، وكانت تجربة لا تنسى. أتمنى لكل عشاق الكرة حضور مباراة في الـ«كامب نو»، لا سيّما أنّني تمكنت بعد طول انتظار من رؤية نجم الفريق ليونيل ميسي عن قرب.

■ أصبحت أخيراً ناشطةً جداً على مواقع التواصل الاجتماعي. هل يعكس ذلك حالةً من الشغف بتلك المواقع؟ أم أنّها أصبحت ضرورة، أو أسلوب حياة؟
أنا لست شغوفة بالتواصل الافتراضي. دخلت هذا العالم مضطرة لكثرة الحسابات المزوّرة باسمي، ولأنّه أصبح ضرورياً، في هذا العصر، ومنبراً سريعاً للممثل ليعبّر من خلاله عن نفسه. لكن لهذا العالم جوانب جميلة جداً، وسلبيات في الوقت نفسه.

■ يبدو لافتاً، اهتمامك بإطلالاتك ضمن الأعمال الدرامية، وفي المناسبات الاجتماعية والفنيّة. هل تستعينين بفريق عمل؟
أعتمد في تسريحات الشعر على جوزيف ثابت، وهو من اهتم بشعري في «باب الحارة»، و«شهر زمان»، و«مذنبون أبرياء»، و«حرائر». عمله ليس تجميلياً فقط إنّما درامي، فهو يحرص على قراءة المسلسل كاملاً قبل اقتراح الشكل. واعتزّ باللمسات الساحرة للفنّانة ردينة ثابت على ماكياجي.

■ ماذا غيرّت فيك الحرب على المستوى الشخصي؟
تمرّ هذه السنوات قاسيةً عليّ، كما باقي السوريين. حياتي تغيّرت. هناك أقرباء وأصدقاء لم أعد أراهم بسبب مغادرتهم البلاد. معظمنا غيّرنا أماكن إقامتنا، وجميعنا نعاني من انقطاع الكهرباء، وتدهور الخدمات، وما نراه من حولنا، يجعلنا في حالة حزن دائمة. إنّنا متعبون جداً، وثمّة لحظات يهتز فيها إيماننا، والأيام تزداد قسوة.

■ هل قطعتِ مرحلة الهزّات الكبرى بسبب الأحداث، أو عدتِ إلى نقطة التوازن؟
أخشى أنّها حالة من التعوّد. هذه الفكرة تزعجني، ودائماً أسال نفسي: هل هو توازن، أم تعّود؟ نحن نشاهد يومياً أحداثاً لا يتقبّلها العقل، لكن ردود الفعل تكون أقل مما يجب. التعوّد على هذا الظرف سلبي جداً، إلا أننا لا نملك غيره.

■ ما أكثر ما يخيفك اليوم؟
لم أعد أخاف الحرب، بل تغيّر الحياة وتدهورها على صعيد التفاصيل اليومية، أو جوهر العلاقات الإنسانية. منذ عام ونصف تقريباً، دخل السوريوّن في هذا الطور، وأشعر بأنّه الهدف الأوّل والأخير مما يجري. لقد ضُرب الإنسان السوري بطريقة ممنهجة جداً، ليعيش مدمّراً نفسياً بعيداً عمّا يحب. وليفضّل العزلة، ويصبح همّه الأكبر تأمين حاجاته اليومي، وينتهي طموحه. وهذا أسوأ ما يمكن أن يعيشه إنسان على وجه الأرض.

■ هل من أخبار عن القلب؟
(تضحك) لا أخبار عن القلب حالياً.