«رياضي يا مدرسة لعب وفن وهندسة». تلك الكلمات المصرية الشهيرة تليق بالنادي الرياضي، بطل كل شيء في كرة السلة اللبنانية. هذه العبارة تشبه كل فرق النادي الاصفر وهيكليته الادارية والفنية، فما فعله الرياضي هذا الموسم لا يمكن وصفه حتى بكلمات ولا يعطيه حقه ابداً. هو اليوم انجح اندية الرياضة اللبنانية بمختلف أنواعها، برجاله، بسيداته وبناشئيه. ببساطة هو القلب النابض لكرة السلة في لبنان.
لعب وفن؟ نعم هو فن اذا ما تحدثنا عن اداء فريقي الرجال والسيدات، اذ ما فعله كلٌّ منهما في سلسلة المباريات النهائية لبطولته لم يكن عرضاً عادياً. بصراحة، هو الفريق الذي لا يمكن ان تكرهه، اذ قد يأتي اي احدٍ ليقول انه لا يشجع فريق الرياضي، لكن ستكون جريمة اذا قال انه لا يستمتع بما يقدّمه وائل عرقجي واسماعيل احمد وفادي الخطيب وامير سعود وجان عبد النور وزملاؤهم.
اما فريق السيدات، فلا يعرف غير الطريق الى الانتصارات بألقابه المحلية والاقليمية. يلعب ويلعب من دون يأس، والدليل الطريقة التي خطف بها اللقبين من هومنتمن انطلياس في نهائي البطولة والكأس.
اما الهندسة، فلها قصة اخرى. نحن نتكلم اليوم عن نادٍ لا يشبه اي نادٍ رياضي آخر في لبنان، لا في كرة السلة فقط. فالهندسة تبدأ من الاستقرار الاداري الذي اوجده منذ فترة طويلة، ثم ادخال روح الشباب وابعاد «صقور» معروفين عن مركز القرار من دون ضجيج، فوصل اداريون مثل تمام جارودي ومازن طبارة، منغمسون في اللعبة ويحرصون على مصلحة ناديهم قبل اي شيءٍ آخر.
ادارة النادي الرياضي غير كل الادارات، فهي تُدخل الاموال وتجذب المستثمرين الى خزيتها، لكن من دون «فولكلورات» و«بروباغندا»، اذ ان الهمّ الاول عند افرادها ليس الظهور الشخصي او التسويق لصورتهم بل النجاح العام، الذي بطبيعة الحال ينعكس ايجاباً عليهم عند رفع كل لقب، من دون ان يكونوا بحاجة للـ «أنا».
الهندسة الذكية تبدأ في الحفاظ على اللاعبين الافضل وتعزيزهم في كل فرصة متاحة، على غرار ما حصل عبر التعاقد مع الخطيب. والهندسة الذكية ايضاً هي خلق استقرار فني مع مدربٍ ناجح من دون محاربته وتذليل العقبات امامه، ومع اجانبٍ يسدّون الحاجة المطلوبة من دون تعقيدات وفذلكات تضرّ اكثر مما تفيد. وهذه الهندسة الناجحة ايضاً تنعكس في طريقة التعامل مع اتحاد اللعبة عبر جعله «حليفاً» لا «عدواً»، ودائماً ضمن مبدأ حماية مصلحة الفريق وجعلها فوق كل اعتبار حتى لو ان الامر يخالف قناعات النادي.
الهندسة ايضاً تُختصر في التخطيط الصحيح على صعيد السيدات عبر حماية الفريق وخلق خطة «ب» عند اقرار لائحة النخبة، فجرى تخزين لاعبات مميزات في فريق الشباب العربي للاستفادة منهنّ عندما تدعو الحاجة. اما النتائج فباتت معروفة، وهي تكمل دورة نجاح كاملة مع فريق الرجال للموسم الثاني على التوالي.
الهندسة والتخطيط للمستقبل يمكن ان تكتشفهما صباح كل سبت او قريباً في العطلة الصيفية، في كل مرّة تزور فيها قاعة صائب سلام، حيث العناية بتدريب النشء بطريقة جديّة لا تجدها في اي نادٍ كبير آخر، اذ يبدو الرياضي مع هوبس الوحيدين اللذين يعيران الاهتمام لهذه المسألة التي من دون شك ستدرّ عليهما فائدة كبيرة مستقبلاً.
«رياضي يا مدرسة لعب وفن وهندسة». فعلاً هو النادي المدرسة الذي يمكن ان يكون قدوة لكل الاندية الاخرى الساعية الى النجاح، والتي تجرّها حماستها احياناً الى الفشل، وهي الكلمة التي محاها «الأصفر» من قاموسه.