دمشق | يسعدنا خبر عودتك إلى السينما المصرية من خلال فيلم «خطّة بديلة» (إخراج أحمد عبد الباسط، وكتابة محمد علّام)، ولكن لماذا كل هذه المسافة الزمنية (خمس سنوات) بين فيلمك الأوّل «ميكانو» والفيلم الثاني؟ سنوات هي بالعدد كثيرة، لكنّها بالنتيجة ليست كذلك، بالنظر إلى واقع السينما الذي عانى من مشاكل إنتاجية منذ عام 2008، وحتى ما قبل سنة أو اثنتين. كما أنّ المشاريع السينمائية التي عُرضت عليّ خلال تلك السنوات لم تكن مقنعة، ففضلت الانتظار.

■ يبدو جلياً أنّك لا تزال تتمتع بحظوة كبيرة لدى العديد من منتجي التلفزيون المصريين، لكن ربمّا تكون الحال مختلفةً في السينما. هل تأخّر فيلمك الثاني بسبب اعتبارات تتعلّق بالإنتاج السينمائي فقط، أو ربما لكونك لا تعتبر أحد نجوم شبّاك التذاكر بمعايير جمهور المحروسة؟
قلت من البداية، وأكررها؛ لن أقبل العمل في فيلم بنص سيئ لمجرد أنّه سينمائي، وما عُرِضَ عليّ بعد فيلم «ميكانو» لم يكن مقنعاً، فآثرت التأنّي بانتظار النص الجيد لأشتغله، وهو ما وجدته أخيراً في فيلم «خطة بديلة». أما بالنسبة إلى الإيرادات، فيجب أن نقول إنّها باتت معروفة لصنّاع السينما في العالم العربي، فالأكشن والكوميدي هما الحصانان الرابحان في شباك التذاكر، وتأتي الأنواع الأخرى بعدهما.

■ كيف يبدو المحامي «طارق»؛ الشخصيّة التي تؤديها في «خطّة بديلة»: محامياً مثالياً، أم محامي الشيطان؟
سيكشف الفيلم نوع المهنة التي يعمل بها «طارق» واقتناعاته التي من الواضح أنّها أصبحت سمات عامة في هذه الأيام، وملخّصها هو «احصل على ما تريد كيفما تريد».

■ هلّا أخبرتنا عن تجربتك في العمل أمام كاميرا المخرج أحمد عبد الباسط، والشراكة مع الممثل المصري خالد نبوي؟
أحمد مخرج مجتهد، وسعدت بالتعامل معه، وأطمئن إلى عمله، وكذلك الأمر بالنسبة الى خالد النبوي. وجود الأخير في الشريط دليل على تميّزه، وشراكتنا في العمل من شأنها أن تزيد المتعة والمنافسة الفنية الصحية، فمن دون هذه المنافسة تكون مهنتنا بلا طعم ولا رائحة.

■ متى سيكون عرض الفيلم؟
خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة.

■ هناك مَن يغمز من قناة اسم فيلمك الجديد، ويعتبر عودتك إلى السينما بـ«خطّة بديلة»، خطةً بديلة تعوّض عما رآه بعض النقّاد خيارات غير موفقة بالنسبة إليك على الشاشة الصغيرة، عبر ما قدّمته من أعمال في مصر أخيراً؟
يضحك النجم السوري ويجيب قائلاً: أي نقد هذا الذي يفتقر إلى أدنى حدود الملاحظة، فالكل يعرف أنّ من الممكن لممثل، أو نجم سينمائي ناجح أن يغازل التلفزيون بمسلسل كل فترة، فهو يملك من مكانه هذا الخيار، ومن الممكن استثمار نجاح ممثل ما في التلفزيون، وانتقاله إلى السينما التي يتفق كل عاقل على أنّها الأعلى مكانة فنياً. أما أن يفشل ممثل في التلفزيون، فتخاطبه شركات الإنتاج السينمائية ليعمل معها! فـ«هي تخينة شوي». وفي ما يتعلٌّق بمسألة الخيارات غير الموفقة بحسب ما تنقله عن بعض النقاد، فهي قضية نسبية. أحترم وجهات نظر مطلقيها، وأرى أنّ الأهم للممثل هو الاشتغال على أدوار مختلفة، ومتباينة قد الإمكان. وفي حال لم توفّق هذه الأعمال التي تضم شخصيات كثيرة، فهذه ليست مسؤولية الممثل حصراً. هذا غير منطقي.

■ بالانتقال إلى التلفزيون، لا يزال مسلسل «الإخوة» (إنتاج شركة «كلاكيت» عن نص لمحمد أبو اللبن ولواء يازجي، إخراج سيف الدين سبيعي وسيف الشيخ نجيب) قيد العرض. ورغم نجاحه الجماهيري، ثمّة مآخذ كثيرة عليه (كمستوى النص، وتركيبته ككل التي يعتريها الكثير من التغريب)، وهناك مَن يتساءل عن سبب ذهابك نحو هذا الخيار من بين مشاريع عدّة طُرحت عليك في الفترة الأخيرة؟
أزور سوريا دائماً وفقاً لما
تتيحه ظروف العمل


يؤدي بطولة «تشيلو» إلى جانب نادين نسيب نجيم ويوسف الخال


هذا المسلسل خياري الذي أُصرّ على أنّه الأفضل من حيث النوع، لما نعيشه من حساسيات، واحتقانات. ولا أذيع سرّاً أنّ البحث عن النص الجيّد اليوم يشبه البحث عن إبرة في كومة من القش. وبالتالي، فالذهاب إلى نص درامي جيّد وفق معايير صارمة يكاد يكون شبه مستحيل، لذلك نحن نعمل على المتوافر، ونحاول تجويده على الورق، وأثناء التصوير وفق الوقت المتاح. قد يمنحنا ذلك الفرصة في تغيير النص بأكمله، وربما لا يتيح للواحد منا أكثر من تجويد دوره. لكن ما هو الخطاب الدرامي الذي يريده المشاهد العربي اليوم وسط اللون الأحمر الذي تصطبغ به الشاشات؟ هل أعيد إنتاج نشرات الأخبار، أم أقدّم مادة للاستراحة منها والاسترخاء بعيداً عنها؟
هناك قضايا أخرى تتعلق بالتجريب. ربما خوض التجربة كنقطة انطلاق نحو تجربة أفضل. لا أريد أن أفلسف الموضوع أكثر، لكن ما من أحد منّا استطاع في كل الأوقات تحقيق معادلة الجمهور والنقاد في آن معاً. وإن كنت أسعى إلى تحقيق هذه المعادلة، فإنّني سأكرّر هذا النوع من الأعمال، وبكل سعادة. فإنجازه الجماهيري، وحالة التسلية والإمتاع التي حققها تسعدني جداً، وأضحك عندما أجد بعض زملائي الذين يصرّحون هنا وهناك بأنّ «الإخوة» لا يناسب حجم تيم، وأقول لهم: أشكر لكم حرصكم عليّ، لكنّني متأكد من أنّكم ستكونون مسرورين لو كنتم معنا في عمل كهذا، واستمتعتم بالحالة الجماهيرية التي حققها المسلسل مع كل الملاحظات ــ وهي كثيرة ــ عليه.

■ تسّرب من كواليس «الإخوة» أنّك لم تكن مرتاحاً لأجواء العمل ككل، هناك من تحدّث عن خلاف كبير وصل إلى حد المشادّة بينك وبين المنتج إياد نجّار، هل هذا صحيح؟
في بحثك عن أفضل الممكن، ووفق ما هو متاح، لا بد من أن تختلف بعض وجهات النظر، وهي من نوع الخلاف الذي يصب في صالح العمل. إياد نجار منتج في أوّل الطريق وعنده حماسة، وبالنتيجة مسلسلنا موجود على قنوات كثيرة مهمة، وهذا بحد ذاته ينسينا مرارة المطبات التي يعاني منها كل عمل عربي للأسف.

■ ماذا عن مسلسل «الوسواس» (تأليف محمد ذو الفقار، وإخراج حسني صالح)، لماذا توقف المشروع؟ وهل سيتم استئنافه في رمضان 2015؟
توقف العمل لأجندات إنتاجية، وسنعاود التصوير استعداداً لعرضه في أوائل السنة المقبلة.

■ سيكون ذلك إذاً بالتوازي مع مشروعك المقبل «تشيلو» (سيناريو نجيب نصير، وإخراج سامر برقاوي، وإنتاج شركة «الصباح»)؟
من المنتظر أن أنتقل في بداية 2015 إلى لبنان لتأدية دور البطولة في «تشيلو»، مع اللبنانيَين نادين نسيب نجيم، ويوسف الخال، على أن أعود إلى مصر لأواصل تصوير مسلسل «الوسواس».

■ لا نزال نتساءل عن سبب غيابك عن الدراما السوريّة، فهناك أعمال عدّة قُدمت أخيراً، معظمها قارب الأزمة التي تشهدها البلاد، وكان لبعضها حظّ من النجاح. ألم تُعرض عليك مشاريع من هذا النوع؟
نعم، عُرضت عليّ أعمال درامية سورية، ومن هذا النوع، واعتذرت عن القليل الجيد فيها بسبب ارتباطي بتصوير «الإخوة» الذي تجاوز وقت تصويره مواعيده المحددة، الأمر الذي انعكس على ارتباط جميع من عمل في المسلسل، وأعود لأقول هذه المرحلة حساسة جداً، وسأنتق فيها الخيارات التي تناسبني بعناية كبيرة، لأنّ الأولوية الآن هي لعدم الانزلاق إلى الدم، من حيث ندري، أو لا ندري.

■ لكنْ هناك ممثلون سوريّون يعتبرون مشاركتهم في أعمال تتناول الأزمة السوريّة فرصة لتقديم وجهة نظرهم إزاء ما يجري. ألا تجد ذلك ضرورياً بالنسبة إليك؟
هي وجهات نظر خجولة، تلعب كلّها في منطقة الوسط، أو الرمادي. ولا يمكن وصف الطرح الذي تقدّمه بطريقة أخرى.

■ متى كانت آخر مرّة زرت فيها سوريا؟
أزور سوريا دائماً، وفق ما تتيح لي ظروف عملي. وقد اضطررت إلى الغياب عنها نحو عام نتيجة انشغالي بتصوير الفيلم، وبعملين دراميَين، أحدهما يعادل ثلاثة مسلسلات.

■ هل تخاف على أمنك الشخصي من العودة إلى دمشق أو العمل فيها؟
لا أمانع من تجسيد أي عمل في دمشق، يحقق معاييري في اختيار الأعمال على صعيد النص، والشروط الجيّدة لصناعة العمل. الحديث عن مخاوفي على أمني الشخصي سيبدو مثيراً للسخرية أمام مخاوف أي سوري على أمان الوطن وسلامته. لا أريد أن أفلسف القصة، فأنا واحد من السوريين، سواء ممن ظل في سوريا، أو من أجبرته الظروف على الخروج منها. لكلٍ منّا حساباته الخاصة التي يبدو الحديث عنها مخجلاً، أمام ما يجري اليوم في البلاد من موت ودمار.