قد لا تعلم فتاة في مقتبل العمر وهي تنظر الى الملابس المعلقة في أحد المحال الواقعة بين سوق الجمال وسوق الخضار المركزي في الشياح، أنها حيث تقف وهي تساوم البائع، وقف لاعبون بدأوا صغاراً من ملعب النصر ونجحوا في كتابة أسمائهم بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم اللبنانية. من «السد العالي» محمد حاطوم، وانتهاء بالمايسترو موسى حجيج مروراً ببسام همدر وأحمد عبد الكريم «التكه» وعبد سبليني وحسين خليل وعادل هيدوس وعلي الحمود والحارس علي الرمال وآل الرميتي كمحمد وعلي ومصباح.
الأخير أشهر من نار على علم في المنطقة قرب سنتري الخليل والجمال. فالجميع يحيي «أبو أرز» وهو يرافقك في جولة حيث كان ملعب نادي النصر الشياح، ثم أصبح يضم محالّ تجارية وسوق خضار، بعدما قرر الملّاكون زهر الدين الجمال وآل كزما، في منتصف التسعينيات، تحويل الأرض الى مشروع تجاري، مكتفين بأكثر من عشرين سنة قدموا فيها الملعب للكرة اللبنانية.
غالباً ما تُشيّد الملاعب في ضوء النهار، لكن ملعب النصر أنشئ في الليل في أوائل السبعينيات، حين كان الإخوة الرميتي ورفاقهم من آل الخليل وكنج وغيرهم ينتزعون أشجار الليمون والتوت ليلاً الواحدة تلو الأخرى حتى أصبحت الأرض خالية، وتحولت الى ملعب كرة قدم يتسع لسبعة لاعبين وحارس لكل فريق.
نشبت الحرب اللبنانية، فكان «القناص» حاضراً في مناطق محاذية يستهدف المارة واللاعبين، فكان الحل بإقامة السواتر الترابية والبراميل على سطوح البنايات المجاورة في وجه القناص، الذي بقي قادراً على إصابة أحد المرميين، فكان القرار برفع السواتر أكثر حتى أصبح الملعب آمناً.
فيه كانت تحتشد الجماهير لمتابعة مباريات الدورات الشعبية وأشهرها في شهر رمضان، بمشاركة فرق النجمة، الذي استفاد كثيراً من المواهب التي تُكتشف في الملعب، وهومنمن وهومنتمن، ولاعبين من المنطقة الشرقية، كان المنظمون ينتظرونهم عند المتحف ويرافقونهم الى الشياح ذهاباً وإياباً.
نادي النصر الشياح زال عن الخريطة الكروية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملعبه، فالزمن لا يرحم، لكن النادي والملعب سيبقيان في ذاكرة الكرة اللبنانية، وفي ذاكرة كل لاعب مرّ عليه، سواء وصل الى النجومية أم لم يصل.