في دور «دون» المحارب الشجاع في الجيش الأميركي، يطل براد بيت في فيلم التشويق «فيوري» (غضب) على متن الدبابة التي يقودها في ألمانيا النازية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية. العمل من بطولته وإخراج دايفيد آير مخرج «تخريب» (2014)، و«نهاية المناوبة» (2012)، وكاتب سناريو «يوم التدريب» (2001) (حاز عنه الممثل دنزل واشنطن جائزة أوسكار أفضل ممثل).
قد يشبه الفيلم أعمالاً أخرى تناولت الحرب العالمية الثانية ودور الأميركيين فيها كـ«إنقاذ الجندي راين» لستيفن سبيلبرغ أو«أوغاد مجهولون» لكونتين تارنتينو من بطولة براد بيت أيضاً. لكن «فيوري» يعتمد أكثر على التشويق الحركي، في حين أنّ الحبكة الدرامية ليست على ذات المستوى من الابتكار. تدور معظم الأحداث داخل الدبابة «فيوري» التي يقودها «دون» وفي داخلها كتيبة جنود صغيرة. جنود يوجّهون أسلحتهم صوب النازيين وينالون منهم كالأرانب، عبر طريقة تصوير تشبه ألعاب الفيديو، بينما تبرزالدبابة أحياناً كالبطلة الرئيسية في الفيلم، كما في الصراع الذي يحدث بين «فيوري» ودبابة أخرى ألمانية، ما يعكس جانباً من رؤية المخرج القائمة على تصوير العدو النازي بطريقة كاريكاتورية.
من ناحية أخرى، يقدّم الشريط البطل الأميركي بطريقة أقل مثالية مما جرت العادة، كما حين يقول «دون» للكاتب الشاب «نورمان» (لوغان ليرمان) الذي أُجبر على المشاركة في القتال حين يرفض أن يقتل الضابط الألماني: «لسنا هنا لفعل الصواب أو الخطأ، نحن هنا لنقتل، إما تقتله أو أقتلك». كذلك، تحمل بعض الحوارات بين «دون» (علماني) و«بويد» (شيا لابوف ــ المتديّن) بعضاً من النقد للعقيدة الدينية المسيحية التي هي جزء مهم من صورة البطل الأميركي التقليدية وفي منح قضيّته أحقية، كما حين قال «دون»: «باستطاعتنا أن نقتل بحسب الدين، لكن من الممنوع أن نمارس الجنس؟»، علماً بأنّ الفيلم في النهاية يعود إلى هذا الكليشيه حين يستدير «دون» مجدداً صوب المخلّص ويثبت إيمانه قبل موته.



هذا التناقض نراه أيضاً في جوانب أخرى، كما في الصورة التي يقدّمها الفيلم عن المرأة. مثلاً، يتردّد أن المرأة الألمانية تقبل بممارسة الجنس مقابل لوح من الشوكولا أو علبة سجائر. والمذهل أكثر هو أنّه فيما يحرّر الجنود إحدى المناطق من الجيش النازي، يتعاملون مع الألمانيات كسبايا. هناك مشكلة أخرى في لقطات يريد فيها العمل تبرئة نفسه من تهمة الذكورية بطريقة شديدة المباشرة لا تخلو من الكوميديا. هنا، تجدر الإشارة إلى مظهر ولغة وشتائم «دون» وجنوده تبدو خارج الحقبة التي يتبناها الفيلم وأقرب إلى هذا العصر. صحيح أنّ التشويق هو اللعبة الأساسية التي يبرع فيها المخرج، غير أنّ بعض اللقطات تعكس رؤية سينمائية مختلفة أكثر ابتكاراً تجسّد ما هو أشبه بجمالية القيامة، مثلما نراه في مشهد خط الطائرات التي تعبر السماء كالنورس أو الهدوء الحذر في مشهد العشب القاتم في البداية والحصان الذي يقترب من البعيد. أما براد بيت، فلا تساعد نظرته الصبيانية في إقناعنا تماماً بحكمة شخصية القائد التي يؤديها.يذكّر الفيلم أيضاً من خلال ثيمة الجنود المحاصرين داخل الدبابة بالفيلم الإسرائيلي «لبنان» (2009) لصموئيل ماوز الذي يصوّرالاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 من وجهة نظر الجنود الإسرائيليين الذين يقدّمهم في صورة الضحية تارةّ، وطوراً على هيئة المخلص، حتّى لو اعتبر العمل مناهضاً للحرب.

صالات «أمبير» (1269)، «بلانيت» (01/292192) و«سينما سيتي» (01/995195)