القاهرة | ■ في البداية، صفي شعورك بعد فترة الغياب التي استمرت عامين بعيداً من الكاميرا؟فعلاً، عامان بعيداً من الكاميرا أمر مرعب جداً. الحمد لله أنّي عدت مع المخرج شريف عرفة وزملاء نجاح ورحلة «الجزيرة» الذي عُرض جزءه الأوّل منذ سبعة أعوام تقريباً. طبعاً كنت خائفة جداً في أوّل يوم تصوير، وكنت أفتقد العمل وأجواء الاستديو والزملاء. لكن بمجرّد أن دارت الكاميرا شعرت أنّني موجودة بين أشخاص رائعين وزاد حماسي كثيراً.

■ كيف جاءت فكرة إنجاز جزء ثان من فيلم «الجزيرة»؟
نجاح الجزء الأوّل من جعل لـ«منصور الحنفي» (أحمد السقا) و«كريمة» (هند صبري) وباقي الأبطال جمهوراً كبيراً، خصوصاً أنّ أحداثه تركت النهاية مفتوحة ومشوّقة. لذلك، أعتقد أنّ فكرة الجزء الثاني أتت من خلال مطلب عدد كبير من الجمهور الذي يتواصل مع المخرج (شريف عرفة) والمؤلف (محمد دياب). وهذا أيضاً كان رأينا عندما كنا نعمل على الجزء الأوّل في 2007. وبالفعل وافق عرفة على الأمر، خصوصاً في ظل المتغيّرات الكثيرة التي تطرأ على مجتمعنا.

■ وماذا عن أجواء التصوير والكواليس؟
كان في داخلنا جميعاً سعادة كبيرة جداً، نظراً إلى أنّه أوّل فيلم كبير يتم إنتاجه منذ سنتين ونصف السنة تقريباً، بعد توقف صناعة السينما لفترة في مصر بسبب الأحداث السياسية. واستبشرنا خيراً بهذا الشريط لأنّنا اعتبرناه بداية عودة قوية للسينما ومؤشر جيّد لصناعتها قبل أن يكون جيداً بالنسبة لنا.
طبعاً، توجد سعادة أخرى، وهي أنّنا اجتمعنا مجدداً أمام الكاميرا، مع الإضافات الجميلة الخاصة بالجزء الثاني، مثل الرائع الراحل خالد صالح، والجميلة أروى جودة وأحمد مالك إلى جانب من شاركونا بالجزء الأوّل. كذلك، هناك الأزياء التي صممتها ناهد نصر الله، وأيمن أبو المكارم، والديكور الذي حمل توقيع فوزي العوامري. شعرنا أنّنا في مهمة وطنية!

■ ألم تخافوا من هكذا مغامرة، خصوصاً أنّ الجمهور غالباً ما يشعر بأنّ الجزء الثاني من أي عمل ناجح لا يكون بالمستوى نفسه؟
طبعاً، وكان هناك خوف من التكرار أو استثمار نجاح الجزء الأوّل. لكننا كنّا نجتهد في أن يكون العمل الجديد أفضل من سابقه. وما كان فريق العمل ليقدم على هذه الخطوة من دون وجود سيناريو على قدر جودة الجزء الأوّل إن لم يكن متفوقًا عليه. وهذا ما نجده في الأعمال الأجنبية. أنا شخصيّاً أحب الجزء الثاني من فيلم «العرّاب» أكثر من الأوّل.

■ قلت أنّ شخصية «كريمة» من أهم الشخصيات في حياتك الفنية، لماذا؟
لم تحسم أمرها بشأن
الظهور في رمضان 2015


فيلمي الأخير لم يُسئ
إلى «ثورة يناير»

أعتبرها شخصية العمر، ومن أهم محطات حياتي الفنية. هي من أقرب وأنجح الشخصيات التي قدّمتها، ولها معزّة خاصة في قلبي. وكنت متحمسة للغاية لتقديمها فى جزء ثانٍ. وعندما قرأت سيناريو الجزء الثاني ازداد حماسي وشغفي بالمشاركة نظراً إلى التطوّر الكبير الذي طرأ عليها.

■ هذا التطوّر فاجأ الجمهور إذ أصبحت «كريمة» كبيرة الجزيرة، فهل ترين أن هذا الانقلاب طبيعي؟
منذ البداية كانت شخصية «كريمة» قوية وقيادية، ولا أعتبر تطوّرها لتكون أكثر قوة يشكّل تناقضاً، بل على العكس هو تطوّر منطقي وطبيعي. أي امرأة صعيدية معروفة بأنّها قوية ومسيطرة، وكبرياؤها وكرامتها أغلى عندها من أي شيء، وهو ما ظهر بوضوح في الجزء الثاني من «الجزيرة».

■ ما هي المشاهد التي أرهقتك أثناء تصوير دور «كريمة»؟
أصعب المشاهد كانت تلك المتعلقة بالحب والعنف التي تسيطر على «كريمة» و«منصور». هو حب وكبرياء بمعنى الكلمة. علاقتها بمنصور شائكة، وكأنّها تمشي على الحبال. هي أحبته وما زالت تحبّه، لكن عائلتها وكبرياءها كانا أكبر من حبها. كانت هناك مشاهد مركبة جداً، ففي بعض الأحيان تفلت بعض المشاعر منها تجاهه، لكنّها تعود إلى رشدها سريعاً فى مشاهد أخرى. هي علاقة مرتبكة ظهرت في الجزء الأوّل واستمرت في الثاني.

■ انتقادات عدّة طاولت العمل لجهة أنّه خيالي بعض الشيء في مسألة حصول امرأة على منصب «الكبيرة» في الصعيد، فهذا مخالف للعادات الصعيدية.
اتفق كثيراً مع هذا الرأي بالنسبة للعادات الصعيدية بشكل عام، لكن «الجزيرة» تحديداً مكان خاص، ويحتمل وجود بعض التقاليد غير المألوفة

■ البعض رأى في الشريط أيضاً تدعيماً لشخصية المرأة المصرية وتعظيماً لدورها في المجتمع؟
بالتأكيد، الفيلم يشجّع المرأة ودورها عموماً، وكنت سعيدة جداً بسماع مثل هذا الرأي. لكن هذا ليس مبالغة أو خيالاً فنياً، فالمرأة العربية والمصرية خصوصاً، وتحديداً في الصعيد وفي الأقاليم دورها أكبر مما نتخيّل، إذ قد تتحكم في مصير عائلة، وقد تكون كلمتها فاصلة في بعض الأحيان.

■ شبّهك الجمهور بشخصية الفنانة هدى سلطان في مسلسل «الوتد»، إذ تمتعت بنفس القوة والتأثير...
هذا كلام يخجلني. فالنجمة الكبيرة هدى سلطان رائعة وكذلك شخصيتها في مسلسل «الوتد». عبّر هذا العمل عن حالة حقيقية تتكرّر في الريف المصري. وهدى سلطان كانت كبيرة العائلة في المسلسل وكانت تسيّر الأعمال، وتحدد لكل من أبنائها عمله ووظيفته. ولم يستطع أي منهم مخالفة رأيها، ما يثبت منطقية شخصية «كريمة» منطقية في الفيلم. الأحداث بيّنت أنّ كل رجال عائلتها ماتوا وبقيت هي «كريمة» كأكثر النساء في العائلة سيطرة وقدرة على إدارة شؤونها.

■ الفيلم تناول «ثورة يناير» بأكثر من وجهة نظر، والبعض اتهمه بالإساءة إليها والهجوم عليها، فما رأيك؟
لا توجد معلومة حقيقية ومثبتة تخص الفترة بين 2010 ومنتصف 2012، والفيلم قدّم وجهة نظر صنّاعه في ما قبل الثورة وحتى الفترة المذكورة. كان هناك الكثير من الكواليس والأسرار، فلا يوجد شخص عادي في المجتمع يعرف بالتحديد ما حدث، وستبقى هذه الفترة في التاريخ محيّرة للغاية. أما في ما يتعلّق بأنّ «الجزيرة 2» ضد الثورة، أقول إنه قدّم وجهات نظر مختلفة، لكن أكثر شخصية هاجمت الثورة كانت شخصية خالد الصاوي (رشدي)، وهي وجهة نظر الضباط عموماً، ومن غير المنطقي أن يعبّر الضابط الوحيد في الفيلم عن وجهة نظر مخالفة لمعظم آراء الضباط الذين يرون أنّ ما حدث مؤامرة.

■ ما رأيكِ في وضع السينما الحالي؟
السينما حالياً تتقدّم بشكل كبير جداً، وهذا يسعدنا جميعاً. لقد بدأت عجلة الصناعة في التحرّك ونجحت أفلام كبيرة مثل «الفيل الأزرق» في العيد الماضي، كما أنّ هذا الموسم نجح أيضاً وحقق إيرادات أنعشت الصناعة السينمائية. أعتقد أنّ نجاح موسمين بهذا الشكل سيعيد الأمور إلى نصابها، سيخرجها من كبوتها.

■ بالنسبة إلى التلفزيون، هل هناك مشروع قريب بعد مسلسل «إمبراطورية مين» الذي قدّمته في رمضان الماضي؟
لم أحدد عملاً رمضانياً حتى الآن، ولا أعرف ما إذا سأكون موجودة على الشاشة في شهر الصوم. أنتظر فكرة جيدة لأنفّذها، فأنا لا أوجد فقط من أجل الوجود. المهم أن يكون العمل هادفاً ومختلفاً.

■ جاء اسمك ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية. حدّثينا عن هذا الموضوع.

سعدت طبعاً به. في الحقيقة توجد أكثر من مليون امرأة قوية لا يشملها هذا الاستفتاء. فالمرأة لها دور وشخصية وفاعليات ووجود ملحوظ، وعندما تأتيها الفرصة تعطي بشكل يبهر الجميع من دون التقيّد بمجال محدد، المهم هو قوّة الشخصية والإرادة. أعتبر معظم النساء العربيات قويات وعظيمات جداً.

■ ماذا عن ابنتيك عالية وليلى؟
عالية تلبغ من العمر أربع سنوات، وليلى تقترب من عامها الثاني. الأولى تشبه والدها، أما الثانية فتشبهني. الاثنتان تملكان روح الدعابة مثل والدهما. عالية أخذت منّي العناد وقوّة الملاحظة والتركيز، لكن شخصية ليلى ما زالت تتكوّن ولم تتحدد سماتها حتى الآن.
إنّها المرّة الأولى التي أعود فيها للعمل بعد ولادة ليلى، والآن فهمت معنى مصطلح «امرأة عاملة»، إنها تلك المرأة التي تريد أن تنتهى من عملها لترجع إلى أسرتها على الفور. وأنا أحترم جداً الأم التي تستطيع أن تنظم وقتها بين عملها وأسرتها؛ فهذا يحتاج إلى قدرات كبيرة.

■ انتقد البعض نشرك صورة حديثة لك من دون مكياج على الشاطئ أثناء إجازتك. فرديت بحزم، هل أغضبك هذا الموضوع؟
لا طبعاً، لم يغضبني لكن يزعجني التدخل في حياة الفنان على اعتبار أنّه ليس إنساناً ومن حقه أن يكون على حريته. أنا لست في مسلسل أو فيلم، أنا مع أسرتي أمضي إجازتي، ومن حقي أن أظهر بالشكل الذي يحلو لي. وقلت بصراحة شديدة لمن انتقدوني بعنف أنتم لا تحبّون أنفسكم على طبيعتها لكني أحبّها، ولا أحتاج أن أظهر بشكل جميل كل الوقت لأكون سعيدة. أرجو أن تستمروا في كرهكم للعالم لأنّه يحتاج للكارهين أمثالكم. أنتم تقومون بمهمتكم على أكمل وجه، ولكنّني الآن سأذهب لأستمتع لأنّ لدي حياة أعيشها، وأتمنى أن تجدوا حياة لكم قريباً.