نجح عدنان شيا في تحويل حلمه إلى حقيقة: أن يجعل من الأرض المقفرة مكاناً للحياة. يعبّر عن هذا الحلم بلغة انكليزية تعلمها خلال الأعوام العشرين التي أمضاها في كندا، وتنقل خلالها بين عدد من الولايات الأميركية. هناك، تكثر الاستراحات في المناطق الفاصلة بين الولايات والمدن. عندما قرّر العودة إلى لبنان، لكي يكبر ولديه هنا، لم يفكّر كثيراً في العمل الذي سيختاره ليعيل عائلته. دفع المبلغ الذي كان في حوزته لشراء بوسطة لا تعمل، وتأهيلها لتصبح استراحة يتوقف عندها سالكو طريق ضهر البيدر ـ صوفر، باتجاه بيروت.
يصف فكرته، التي وضعها موضع التنفيذ قبل ثلاث سنوات، بالخلاقة. لم يحتج إلى الكثير لإقناع رئيس بلدية صوفر بالأمر. أهّل قطعة الأرض التي كانت مليئة بالنفايات، وحصل على الموافقة القانونية اللازمة وبدأ عمله. 24 ساعة على 24، يعمل من دون توقف بمساعدة فتى أو فتيين. وهو عمل يتيح له تعليم ولديه، والقيام بكل الواجبات الاجتماعية المطلوبة منه، من دون أن يطلب مساعدة من أحد.
يتوقف المارّة بسياراتهم ليشربوا فنجان قهوة، ويستمتعوا بالمنظر الجميل الذي تكشفه صوفر. هنا، ممنوع رمي النفايات وخاصة أعقاب السجائر، كما تشير الأوراق الصغيرة التي ألصقها على البوسطة. وهنا، لا حاجة إلى لوحات، حتى في الاستراحة الصغيرة المقفلة التي بدأ يعدّها لاستقبال فصل الشتاء. يبدي شيّا سعادته بما يقوم به، وهو الذي تعلّم المصارعة في لبنان على يد الأخوين سعادة، وعمل في كندا مصارعاً في الأحياء، street fighter، يقول. هذه المهنة تطرد الخوف من قلبه، ومن قلوب روّاد الاستراحة اللطيفة التي ابتكرها. يبتسم للجميع، مستفيداً من شخصيته الإيجابية ومن وصية والدته له ولإخوته قبل وفاتها، وكان طفلاً في العاشرة «لا تتشاجروا مع أي أحد بسبب المال». يقول: هذا ما تركته لنا.