في ستينيات القرن الماضي كانت البداية. وقتذاك ظهرت رياضة ركوب الأمواج أو ما يعرف بالـ «Surfing» على الشاطئ اللبناني، واستمرت حتى الحرب الأهلية التي قضت عليها مثلما قضت على الكثير في هذه البلاد، لكن بعدما هدأ أزيز الرصاص، أعاد بعض لبنانيي الخارج نفخ الروح باللعبة من جديد. جاؤوا الى هنا مع ألواحهم التي تركها بعضهم، ثم رحلوا. نَمَت ثم اختفت تدريجياً، لكن ها هي اليوم تطل مجدداً.
احد ابرز رواد ركوب الامواج في لبنان، المغترب علي الأمين، يبدو واثقاً بعودة اللعبة اقوى من اي وقت مضى لتصبح جزءاً اساسياً في الرياضة اللبنانية.
هذا، بالحد الأدنى، هدف الأمين، مؤسس جمعية «Surf Lebanon»، الذي قدِم من اوستراليا لتعزيز هذه الرياضة، حيث يرى في لبنان وعلى الساحل الطويل، القريب من الجبل موقعاً استثنائياً.
قد تبدو هذه الجملة الأخيرة «قرب ساحله من جبله» عبارةً مضحكة نظراً لزحمة السير. وهي جملة تعلمناها، نحن اللبنانيين، أيام المدرسة في كتاب «المنهج الواضح في الجغرافيا» التابع لوزراة التربية، لكن الأمين يعقّب «أنه البلد الوحيد الذي يحمل هذه الميزة مع اليابان وكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية وبمكانٍ ما نيوزيلندا».
وعكس الشائع، هذه الرياضة شتوية، بحيث ان قمة نشاط ممارسيها يكون في فصل الشتاء، وتحديداً عند اشتداد العواصف. في لبنان، يتوزع النشاط في مناطق عدة، أبرزها الجية والبترون، تليها، الهري، شكا، جبيل، وبيروت. وتوصف موجة شكا بـ «ملكة الساحل» لامتلاكها أجمل وأقوى الأمواج التي يعشقها راكبوها، وعلى رأسهم الأمين.
اما ممارسو هذه الرياضة في لبنان، فيقدّرون بحوالى 50 شخصا، بينهم 5 فتيات، ويتوزع هؤلاء بين ناديين اساسيين هما «Surf Lebanon» و«Batroun Water Sports»، الى ممارسين فرديين أيضاً. النادي الأول هو الوحيد المعترف به من قبل الجمعية الدولية لراكبي الأمواج «ISA» ، والأمين يمثل لبنان عبر ناديه في الاتحاد العالمي للعبة.
يتصف راكبو الامواج بالأنانية فهم يريدون دائماً الظفر بالموجة الأفضل


وفي ظل ارتقاء مستوى المنافسة وعدد المشاركين فيها سنة بعد أخرى، بحسب ما يقول الأمين، فان الدورة التي نظّمها عام 2013 بلغ عدد مشتركيها 21 لاعباً. أما في الصيف الماضي فقد وصل العدد الى 35 مشتركاً.
يتصف راكبو الامواج بالإدمان على اللعبة على نحو أساسي، والأنانية أيضاً. يريدون دائماً الظفر بالموجة الأفضل لهم وحدهم على حساب صديقهم وغريمهم على حدّ سواء. ومعظمهم في بدايتهم، يبتعدون عن ترف الحياة، لكي يشاركوا في دورات محلية وخارجية، وللحصول على معدات هذه الرياضة. ألواح يراوح سعرها بين 650 و1800 دولار اميركي، هذا عتاد الرياضة في الصيف، أما في الشتاء، فتضاف اليها البدلة التي تقيهم برودة الطقس، ويراوح سعرها بين 200 و700 دولار.
تتكوّن الأجيال اللبنانية في هذه اللعبة على نحو بطيء، بطريقة شبيهة بتكوّن الأمواج. تنتقل من أماكن بعيدة جداً عن الشاطئ وتنتهي عليها. وهدف الأمين اليوم هو تأليف منتخب لبناني يمثّل بلده في المحافل الدولية «نحتاج إلى ما بين 15 و20 سنة حتى نصبح بمستوى التحدي».
يؤكد أن المشهد واضح أمامه، وهدف الجيل الحالي التفوق على مدربيه، والمستوى يتحسن تدريجياً الآن، بتدريباته ومساعدة تلميذيه السابقين حسين الحاج وأحمد فرحات، والمدرب الآخر مصطفى الحاج.
لا يجد الأمين أي تبرير لعدم وصول لبنان الى المشاركة عالمياً «نحتاج الى الوقت فقط». عدد اللبنانيين المحترفين في الخارج ليس قليلاً، وهم يتوزعون في شتى بلدان العالم أبرزها أوستراليا والولايات المتحدة. أسماء محترفين مثل نادر طه وسامر إدريس، قد تمر عليها مروراً اعتيادياً في تصنيفات اللعبة، واسم من أفضل 5 راكبي أمواج في العالم هو تاج برّو، الأوسترالي اللبناني الأصل، الذي تعلم واحترف اللعبة هناك، حتى وصل الى ما وصل اليه.
اليوم، الأصغر في لبنان هو طه الحاج (11 سنة)، الذي يشي بمستقبل باهر، وقد يكون إسمه أو إسماً لبنانياً آخر ممثلاً مشرفاً للبنان في المستقبل القريب «لكن ليصيروا مثل برو أو أكثر، نحتاج الى مدربين محترفين واستقطاب المحترفين الأجانب الى لبنان بعيداً من الأوضاع الأمنية السيئة، حتى تكبر موجة هذه الرياضة وتحمل معها انجازات لبنانية الى الشواطئ العالمية»، يختم الأمين.




الإسرائيليون ضحكوا علينا

ظهر اسم علي الأمين الى العلن مع تقريرٍ نشرته «الأخبار» مطلع تشرين الأول الماضي، يحكي عن لبنانيين شاركوا الى جانب إسرائيليين في «ركوب الأمواج من أجل السلام»، ضمن مشروع أقيم في فرنسا. وإذ ورد اسم الأمين كأحد المنظمين من قبل الجهة التي توّلت تنظيم الحدث، فقد أكد الأخير أنه والمشاركين اللبنانيين خُدعوا لأن المنظمين لم يأتوا على ذكر وجود أي إسرائيلي في المشروع. وأكد الأمين أنه طلب أخيراً سحب اسم جمعيته من التداول في ما خصّ هذا المشروع المشبوه، وإلا سيتخذ خطوات قضائية استناداً الى القانون اللبناني الذي يحظر التعامل مع الإسرائيليين. ويقر الأمين بأنه «انضحك علينا»
من قبل المنظمين «الذين بدوا فرنسيين في مرحلةٍ أولى، وروّجوا لمشروعهم في الوقت نفسه الدي تقام فيه منافسة عالمية، يشارك فيها لاعبون محترفون، وكل هذا لتشجيع اللبنانيين على الذهاب والمشاركة».