واقفة، تقود لورا بيكاريان الـATV وهي تنظر إلى الخلف. تطلب من سائقي الآليات المماثلة التي تتبعها، أن يخففوا السرعة، أو أن يلتزموا خط السير الذي تتقدّمه. لورا هي العنصر النسائي الوحيد الذي يمارس مهمة الدليل، في رحلة الـATV كما في رحلة «السكيدو». كانت في زيارة مع أصدقائها إلى الثلج قبل عامين، عندما تعرفت إلى زوجها، الذي يمارس هذه المهنة في فاريا. كان دليلها، ووقعت في حبه من النظرة الأولى، كما تقول ضاحكة «وبعد ثمانية أشهر تزوجنا، وكنت قد بدأت أعمل معه».
لم تخطط لورا لتكون دليلاً، خصوصاً لما تتطلبه هذه المهمة من شجاعة وقدرة على التصرّف في حال طرأت مشاكل. تقول «كنت أساعد زوجي فقط، لكن عندما يكون الموسم مزدهراً ويحضر الزبائن، لا أستطيع أن أتركهم ينتظرون او يغادرون بسبب عدم وجود دليل. لذا، كنت أشجّع نفسي وأبادر إلى قيادتهم. هذا رزق ولا يجوز التفريط به».

حضورها النسائي، يجعل الكثيرين يطلبون مرافقتها «وهذا أمر يحرجني أحياناً، ففي إحدى المرات غيّر الفريق حجزه مع آخرين بعدما رآني، طالباً أن يقوم بالرحلة تحت قيادتي».
تقوم لورا بهذا العمل، في طقس بارد، فيما ينام ابنها الرضيع ذي السبعة أشهر في غرفة دافئة خُصّصت له داخل الهنغار الذي يحتضن الآليات. يوم الأحد الفائت، كانت الـATV هي الأكثر استخداماً، فيما تنتظر «السكيدو» الثلج لتنطلق. لم تطل رحلة لورا، مع السيّاح العراقيين، عادت بعد ربع ساعة، في حين يقدّر وقت الرحلة بساعة كاملة. لكن الثلج كان قد بدأ ينهمر بغزارة، فلم يستطيعوا إكمال السير. عاد العراقيون إلى الهنغار وهم يرتجفون من البرد. لم يكترثوا لنصائح السائق المتكررة لهم بضرورة أن يرتدوا ثياباً سميكة. أحدهم اكتفى بالقميص، لذا تمسّك بالثياب التي أعطته إياها لورا قبل أن يستقلّ دراجته. قدّم له أحدهم الشاي، ثم وقف مع لورا وبقية العاملين في المكان، ينظرون من خلف الزجاج إلى الثلج منهمراً وهم يحاولون تقدير كميته وعدد الأيام المماثلة التي يحتاجونها لكي ينطلق الموسم. الرضا واضح على الوجوه، «منذ بدأنا العمل هنا، لم ينطلق موسم التزلّج قبل الميلاد وراس السنة». العام الفائت فقط كان كارثياً «وإذا تكرر هذا العام أيضاً، سنبدأ بالبكاء» تقول لورا، ثم تستدرك: «لكن لا، هذ السنة مختلفة، وسيكون لدينا الكثير من العمل».
الكثير من العمل، لا يعني العودة إلى الماضي القريب. عندما كانت فاريا تستقبل السياح الخليجيبن والأوروبيين. لقد انخفض عدد السياح كثيراً، والاستقطاب الآن يكاد ينحصر باللبنانيين و... العراقيين. أكثر من عشرة أشخاص قدموا من بابل وبغداد لتمضية خمسة أيام في لبنان، بسبب وجود عرض يخفّض قيمة تذكرة السفر إلى 150 دولاراً فقط. وهذا ما أنعش عطلة نهاية الأسبوع الفائت.
ويبقى أن يبدأ اللبنانيون عطلهم، لكي يتوجهوا إلى جرد فاريا في كسروان حيث ينتظرهم أصحاب المصالح الموسمية.