ولدت ميساء سليمان في بيت «شيوعي» ومطعّم... «قومي سوري». كان لهذه الولادة أثرها في تكوين وعي الصبية السياسي، الملتزم في كل الأوقات خطين «أولهما معارضة الطبقة السياسية المهترئة في الغالب ودعم المقاومة».ميساء، التي تربّت على «خطين أحمرين»، لا تشبه فادي الشامي في شيء. أقلّه في الموضوع السياسي. فابن العائلة البيروتية الذي تكون وعيه السياسي متأخراً، وتحديداً عقب مؤتمر «البريستول» الشهير عام 2004، بدأ مسيرته في جمعية «شباب المستقبل» التي تعنى بشؤون الطلاب. بعدها، «ابتعدنا قليلاً وتقربنا من الجميع»، يقول. مع ذلك، بقي بعيداً من «مبادئ» سليمان. بقي هناك في خندق الـ»نحن».
«سردة» مملة، خصوصاً في ظلّ اختلاف حاصل منذ ما بعد «البريستول» الشهير ـ على حد قول الشامي ـ ولكنها ضرورية لنعرف مثلاً أن سليمان والشامي، وكما الكثيرين، تقدر كأس «ويسكي» على جمعهما أمام «بار» واحد.
وقد يكون هذا «أجمل ما في الأمر»، تقول سليمان. وتضيف مبتسمة: «في بعض الأحيان كنا نتصادم أنا وفادي عند التطرق لموضوع حزب الله، وفي أحيان أخرى نتجنب الموضوع بسبب تحوله لجدال بيزنطي، لكن حتى لو اختلفنا بالسياسة نجتمع على كأس».

هذه الكأس التي صار طقساً أسبوعياً، يجتمع لأجلها الصديقان في حانة بيروتية. هناك، «نضرب كؤوسنا ونضرب معها كل شيء»، يقول الشامي. ويتابع: «عندما تشاهدني ميساء تقول ممازحة: إجا المستقبل، فأجيبها: خليكي بكتلة الوفاء للمقاومة».
ما جمع بين الشامي وسليمان جمع أيضاً بين محمد غريبة، ابن الحزب الشيوعي، وجاد حمورة الكتائبي. يختلف الشابان في كل شيء: السياسة، الاقتصاد، وفي أمور حياتية أخرى، إلا الكأس «فهي أساس جمعتنا، ولو أن أحدنا لا يعاقر الخمر لما كنا اجتمعنا وإن كان يجمعنا فريق كرة قدم واحد»، يقول غريبة. وعندما تبدأ حفلة السكر «لا نحبّذ النقاش السياسي، فهناك موضوعات أهم من السياسة منها مثلاً التحدث عن الفريق الرياضي المفضل وعن بيروت والنساء والزواج»، يتابع حمورة.
أما في أوقات الصحو، فتفعل السياسة فعلها. وهنا، يقول غريبة أنه حذف حمورة عن قائمته على موقع التواصل الاجتماعي لأنه استبدل صورته بصورة للرئيس بشير الجميل ولم يعده إلا عندما أزال الصورة. وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدلّ على سحر الكأس. فما لم تستطع فعله السياسة، تكفلت به الويسكي عندما وضعت حداً للمشاكل السياسية ومشاكل الـ»نحن» والـ»هم». أقلّه في حالة السكر.