دقّت الساعة الصفر بالتوقيت الروسي. العمليات الجوية التي انطلقت يوم الأربعاء لم تميّز بين تنظيم «الدولة الإسلاميّة» وغيره من المجموعات المسلّحة، في ما يبدو ترجمة موسكو العمليّة لتصريحات مسؤوليها الاستباقيّة التي أفادَت بأنّ «العمليات ستطاول كل التنظيمات الإرهابية».
وإذا كانت الترجمة الروسيّة توحي بأنّ معظم المجموعات «إرهابية» وفق تصنيف موسكو، فإنّ المسلّم به أنّ لـ«جهاديي القوقاز» حصّة كبيرة قادمة حتماً من طلعات «السّوخوي». واستناداً إلى العداء التاريخي بين الطرفين، فقد دأبت تصريحات المسؤولين الروس على الإشارة إلى وجود «القوقازيين» في سوريا منذ شهور طويلة. أحدث تلك التصريحات جاء على لسان الرئيس فلاديمير بوتين خلال مقابلة أجرتها معه قناة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية قبل أيّام. بوتين جاء في المقابلة المذكورة على ذكر «داعش» و«جبهة النصرة»، إضافة إلى حديثه عن وجود «أكثر من 2000 مقاتل من دول الاتحاد السوفياتي (السابق) على الأراضي السورية». وأعرب في هذا الإطار عن مخاوف «من أنهم سيعودون إلينا، لذا فالأفضل لنا أن نقدم المساعدة لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد للقتال ضدهم هناك على الأراضي السورية. وهذا هو الحافز الأساس الذي يدفعنا إلى تقديم العون للأسد». بدورهم، يبدو «الجهاديون القوقازيون» واثقين من اشتمال بنك الأهداف الروسي على كثير من مقارّهم وتمركزاتهم. وتؤكّد معلومات متقاطعةٌ قيام معظم المجموعات القوقازيّة بجملة إجراءات وقائيّة، مثل إفراغ المقار الكبرى، وتبديل مواقع إقامة أبرز القادة، وتوزيع الأسلحة والذخائر على مستودعات صغيرة متباعدة.

مجموعة «أجناد القوقاز»
واثقةً من أنّ
استهداف الطائرات الروسية
لها مسألة وقت
أبو عمر الأوزبكي، أحد مقاتلي «إمارة القوقاز لنصرة أهل الشّام» أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الإمارة لم تُفاجأ بصيال الروس». وفيما تحفّظ عن ذكر التفاصيل، أكد أنّه «تمّ اتخاذ الاستعدادات المناسبة، من بعد التوكّل على الله. ونحن نتمنّى أن نرى جنودهم على الأرض قريباً لنذيقهم بأسنا. ونبشّرهم بأن التكتيكات الخطابيّة في انتظارهم». تُنسب التكتيكات المذكورة إلى «الجهادي» السعودي ثامر صالح السويلم (1969 – 2002) الشهير باسم خَطّاب، وهو أحد أبرز قادة «الجهاد في الشيشان». وتقوم هذه التكتيكات في الدرجة الأولى على أنّ «أهم عوامل التفوق وإرباك العدو هو عدم وجود منشآت حيوية أو مقارَ ثابتة للمجاهدين، وتوزيعهم على مجموعات صغيرة دائمة التنقل، يتبدل مكانها من المدن والقرى إلى الجبال حسب تطورات المعارك». كذلك، تبدو مجموعة «أجناد القوقاز» واثقةً من أنّ استهداف الطيران الروسي لها مسألة وقت. يقول أبو عبيدة الشركسي لـ«الأخبار»: «نعم، نحن نتوقع أن نُقصف في أي لحظة، وقد اتّخذنا جميع الإجراءات لمنع وقوع خسائر كبيرة في صفوفنا في الأيام المقبلة». أبو عبيدة (وهو أحدُ متحدّثي اللغة العربية القلائل في صفوف «أجناد القوقاز») يؤكّد لـ«الأخبار» أنّ «الأجناد أكبر فصيل قوقازي مستقل على أرض الشام، ويضمّ في صفوفه رموزاً جهاديّة كبيرة من أيّام خطّاب وشامل باسييف (1965 – 2006، من أبرز القادة العسكريين الشيشانيين في الحربين الأولى والثانية)، وهم حتى الآن على قائمة المطلوبين روسيّاً. لذلك كان لا بدّ من اتّخاذ إجراءات أمنيّة استثنائية». يُبدي أبو عبيدة ثقةً عالية، وينفي أيّ احتمالٍ لانسحاب «الأجناد» من المشهد السوري رغم القصف المُرتقب، ويقول «كنا نتمنى ملاقاة القوّات الرّوسية، وإذا هم بأنفسهم أتوا إلينا. هذا والحمد لله جيّد. فلا حاجةَ بنا لنذهب ونقاتلهم في القوقاز، فها هم اليوم قد أصبحوا عندنا. لقد صار جهادنا في الشام ضد ثلاثة أعداء معاً: روسيا والنظام وإيران الشيعية».