اختتمت أمس المرحلة الأولى من «اتفاق البلدات الأربع» (الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة) مع استكمال خروج الدفعة الأخيرة من مسلحي مدينة الزبداني وبلدة سرغايا ومحيطها، بالتزامن مع مغادرة دفعة جديدة من أهالي كفريا والفوعة للبلدتين نحو مدينة حلب مؤقتاً. إنجاز الاتفاق أنهى بشكل كامل الواجود العسكري المسلح في ريف دمشق الغربي، بعد أعوام طويلة من بقاء عدد كبير من بلداته خارج سلطة الدولة، تخللها تصعيد ومعارك متكررة، ودفع لملف حصار المنطقة إلى المنابر الدولية لمرات متعددة للضغط على دمشق وحلفائها.
ويشير الانتهاء من المرحلة الأولى، رغم المخاطر التي هددت نجاحها إثر التفجير الإرهابي الذي استهدف تجمع حافلات قادمة من كفريا والفوعة السبت الماضي، إلى إصرار الجهات الضامنة على إنهاء ملف البلدات العالق منذ أعوام. وهو ما عكسته التشديدات الأمنية المضاعفة التي شهدتها منطقة التجمع في الراشدين على أطراف حلب، عقب وصول 45 حافلة تقلّ المئات من أهالي كفريا والفوعة إلى المكان، في انتظار وصول 11 حافلة خرجت من منطقة الزبداني، وتنقل عدداً من المسلحين وعائلاتهم.

باريس: لدينا عناصر ستتيح
الإثبات أن النظام السوري
استخدم السلاح الكيميائي


ونقلت مصادر في الهلال الأحمر السوري، الذي يواكب عملية الإجلاء في البلدات، أن الحافلات نقلت قرابة 3000 شخص من البلدتين الإدلبيتين، مقابل خروج حوالى 300 مسلح من الزبداني إلى جانب عائلاتهم، فيما أشارت مصادر محلية عدة إلى أن عشرات المسلحين من أهالي الزبداني قرروا البقاء و«تسوية وضعهم». ويأتي إتمام هذه الدفعة بعد دفعة مشابهة الجمعة الماضي، ضمت قرابة 5000 شخص، بينهم 1300 مقاتل من كفريا والفوعة، و2200 شخص، ضمنهم نحو 400 مسلح من بلدتي مضايا والزبداني. وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن منطقة الراشدين شهدت إجراءات أمنية مشددة من قبل عناصر الجماعات المسلحة، تخللها «تفتيش لسيارات الصحافيين» الموجودة في المكان. وأظهرت عدة صور من المكان وجوداً لعدد من مقاتلي كفريا والفوعة في محيط الحافلات التي تقلّ الأهالي. وبيّنت أنه تم إغلاق مداخل إحدى الساحات بالحافلات نفسها، فيما يبدو أنه إجراء لمنع دخول أيّ سيارات إلى المكان. وشهد أمس أيضاً دخول 11 سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر و3 حافلات إلى منطقة الراشدين، لنقل جثامين الضحايا والجرحى من أهالي كفريا والفوعة، الذين قضوا أو أصيبوا جراء التفجير السبت الماضي، إلى مشافي الحكومة في مدينة حلب بدلاً من المشافي التي تم نقلهم إليها في مناطق المسلحين حينها.
كذلك، بدأ الجيش تفكيك العبوات الناسفة من المنطقة الممتدة شمال شرق بلدة بلودان وصولاً إلى برج البلدة بعد خروج المسلحين. وأكد محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم أن المحافظة «ستعمل على إعادة جميع الخدمات إلى مضايا بشكل تدريجي»، مضيفاً أنه «خلال اليومين المقبلين سيتم الدخول إلى مدينة الزبداني بعد تطهيرها من الألغام من أجل عودة أهاليها إلى منازلهم بأسرع وقت». ومن المنتظر أن يعلن عن جدول زمني للمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي سيخرج ضمنها ما تبقّى من أهالي ومقاتلي كفريا والفوعة، مقابل إجلاء المسلحين من مناطق جنوبي دمشق.
وعلى صعيد آخر، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، في حديث إلى القناة التلفزيونية البرلمانية الفرنسية، إن لدى بلاده «عناصر ستتيح الإثبات أن النظام (السوري) استخدم فعلاً السلاح الكيميائي». وأضاف أنها ستقدم «خلال أيام أدلّة على ذلك»، موضحاً أن «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستواصل تحقيقها أيضاً». وبالتوازي، نقل الوفد البريطاني في «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» عن المدير العام للمنظمة، أحمد أوزومجو، قوله إن «التحليل أثبت أن غاز السارين أو مادة سامة محظورة مشابهة» استخدمت في خان شيخون.
وفي ما يبدو أنه ردّ على التسريبات حول خطط أميركية حول سوريا، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن الحل الوحيد للنزاع يتمثّل في خطة «تمت الموافقة عليها في مجلس الأمن بموجب القرار 2254، وليس في واشنطن». ولفت إلى أن «هناك قوى تعمل على اختلاق ذرائع، بهدف الضغط باتجاه إطاحة نظام الحكم في سوريا». وأبلغ لافروف نظيره الفرنسي، خلال اتصال هاتفي، أن موسكو تعتبر ما جرى في خان شيخون «استفزازاً صارخاً»، معرباً عن قلق بلاده من «إجراءات واشنطن العدوانية المتسرعة» التي تنتهك القانون الدولي.
ومن جانبه، دعا رئيس الحكومة الروسية ديميتري ميدفيديف الغرب إلى عدم تصعيد التوتر وإجراء تحقيق محايد في حادث خان شيخون. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن ميدفيديف قوله إن «استمرار تصعيد التوتر في سوريا سيؤدي الى دمار الدولة وتقسيمها وتشجيع الإرهابيين»، مضيفاً أن «مثل هذا التطور لا ينسجم مع تصورات روسيا لمستقبل سوريا».
(الأخبار)