قررت حكومة حيدر العبادي في بغداد، تلبية لطلب أميركي، المباشرة قريباً في معركة تستهدف مناطق الحدود مع سوريا بقوات تعمل تحت إمرة الاميركيين، وهدفها منع وصول حلفاء إيران وسوريا الى تلك المنطقة.
وقالت مصادر سياسية في بغداد إن الجانب الاميركي يضغط بقوة على الحكومة العراقية لمباشرة عمليات عسكرية في المناطق الغربية، على أن تقتصر المشاركة على قطع من الجيش العسكري وفصائل مؤلفة من عشائر عربية من أبناء الانبار، مع تركيز على ضرورة إبعاد قوات الحشد الشعبي عن هذه المعركة خشية تحالفها مع الحرس الثوري الايراني وحزب الله والجيش السوري.
الى ذلك، أبلغت مصادر عسكرية في دمشق «الأخبار» أن العمليات باتجاه معبري التنف والبوكمال على الحدود مع الاردن والعراق ستستمر بصورة مكثفة، وأن قوات مجمعة من الجيش والحلفاء تعمل بغطاء جوي روسي لتجاوز مناطق واسعة في الصحراء، وتضع في حساباتها احتمال حصول مواجهات مع مجموعات مسلحة مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولا سيما العاملة تحت إمرة غرفة «الموك» في الاردن.

نشاط عسكري أميركي
وترامب يأمر بتسليح سريع للأكراد استعداداً لمعركة الرقة


وجاء التحرك السوري غير المسبوق نحو عمق البادية، ووصول القوات إلى مفترق الطرق الواصلة بين دمشق وبغداد وتدمر، بالتوازي مع التصريحات العراقية المتكررة حول قرب انطلاق العمليات باتجاه الحدود، ليعزز الترقّب لعمليات واسعة محتملة قد تشهدها المنطقة التي بقي «داعش» مسيطراً عليها لسنوات طويلة. الاندفاع للتوسّع في تلك المنطقة على حساب التنظيم المشغول بالدفاع عن معاقله الرئيسية في المدن، تقيّده توازنات سياسية كبيرة، لأنّ من شأن أي صدام عسكري ليس «داعش» أحد أطرافه، أن يقود إلى معارك قد تمتد إلى جبهات بعيدة جغرافياً ومرتبطة من حيث الأطراف الدولية والإقليمية المعنيّة.
وقالت المصادر العسكرية في دمشق إن مجموعات من أبناء العشائر التي تعيش في دير الزور وشرقها وعلى طول الحدود مع العراق، تعمل مع القوات السورية الحكومية، وليس صحيحاً أن العشائر قررت الانتقال لتكون تحت إمرة الاميركيين وحلفائهم. وأوضحت المصادر أن تنظيم «داعش» لم يعد يمكنه السيطرة على كل الصحراء، خصوصاً بعد خسائره في تدمر من جهة، وانشغاله ببناء خطوط دفاعية في محافظتي دير الزور والرقة، واستعداده الضمني لمواجهة مرتقبة مع الجيش السوري في بقية شرق حلب.
ورغم ما جرى تناقله أمس من أنباء عن اشتباكات في محيط منطقة السبع بيار الواقعة على مفترق طريق البادية، بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، و«جيش أسود الشرقية» والفصائل العاملة تحت إمرة «التحالف» من جهة أخرى، فإن مواقع سيطرة الطرفين لم تشهد تغييرات نوعية. ويندرج إعلان هجوم فصائل «التحالف» ونشر صور لعناصر من «مغاوير الثورة» في أثناء ما قيل إنه «تدريب على أيدي مستشارين أميركيين»، ضمن نطاق تكريس نفوذ واشنطن على المناطق المحاذية للحدود مع الأردن والعراق.
وفي موازاة ما يجري على الجانب السوري، بدا لافتاً إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «وضع خطة متكاملة لحماية الحدود العراقية ــ السورية»، وإشارته إلى «البدء بعمليات عسكرية واسعة شمال وجنوب بلدة الرطبة (غربي محافظة الأنبار)». ويندرج إعلان العبادي في خانة السباق بين الأميركيين وأدواتهم من جهة، وقوى «محور المقاومة» من جهة أخرى، بغية بسط السيطرة على الحدود بين سوريا والعراق. وقد يميل إعلان العبادي باتجاه أن يصبّ في «الخانة الأميركية»، خاصة أنّ توقيته يناسب الأميركيين، إلى جانب أنّ القوات العراقية التي من المفترض أن تشارك بعيدة نسبياً عن «محور المقاومة»، ولن تشمل «الحشد الشعبي».
وتفيد المعلومات المتوافرة بأنّ عمليات غرب الأنبار يُفترض أن تنطلق نهاية الأسبوع الجاري، على أن تُسند مسؤوليتها إلى قيادة «العمليات المشتركة» بمشاركة قوات «الحشد العشائري»، التي من المفترض أن تصل إلى الحدود السورية بهدف السيطرة على محيط معبري التنف والقائم الحدوديين. أما «الحشد الشعبي»، فسيتولّى عمليات المناطق الواقعة غربي محافظة نينوى، على أن تلتقي القوات المهاجمة عند حدود محافظتي نينوى ــ الأنبار. وتضيف المعلومات الخاصة بـ«الأخبار» أنّ العمليات العسكرية المرتقبة ــ وإن انطلقت على صعيد المواقف ــ إلا أنها لم تبدأ فعلياً في الميدان، وهي بانتظار «اللمسات الأخيرة»، على أنّ جاهزية القوات باتت شبه منجزة، «بانتظار أمر العبادي الذي سيطلق تلك العمليات لما لها من دلالات في الحرب على الإرهاب».
وفي السياق المتصل بهذه المعارك وببقية الوضع في سوريا، تواصل النشاط السياسي والعسكري الاميركي في المنطقة. وفي الوقت الذي تشارك فيه قوات أميركية في مناورات عسكرية مشتركة تُجرى في الأردن، وصل رئيس هيئة الأركان المشتركة، جوزيف دانفورد، إلى إسرائيل، والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، إلى جانب نظيره الإسرائيلي غادي آيزنكوت. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن المحادثات التي يجريها دانفورد ستركّز على الملف السوري ومستجداته، وعلى بحث ما طرحه ماتيس في خلال زيارته عن «هيكلية» أمنية مشتركة مع تلك الدول.
وبالتزامن، بحث وفد تركي عسكري أمني رفيع المستوى تطورات الوضع في سوريا والعراق، مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض، يرأسهم مستشار الأمن القومي هربرت رايموند ماكماستر. وقالت مصادر في رئاسة الأركان التركية إنّ الوفد التركي ضم رئيس الأركان خلوصي أكار، ورئيس جهاز الاستخبارات حقّان فيدان، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن. وبدا لافتاً في المقابل ما نقلته قناة «إن بي سي» الأميركية عن مصادر في وزارة الدفاع الأميركية، عن أن الرئيس دونالد ترامب وافق على «خطة لتسليح الميليشيات الكردية السورية» في الحرب على «داعش». وقال أحد المسؤولين، وفق القناة، إن ترامب وفريقه تحدثوا عن ذلك في خلال اجتماع عقد أول من أمس في البيت الأبيض، مضيفاً أن الأمر «يسمح ببدء العملية فوراً» بمجرد أن يقرر ذلك البنتاغون.
(الأخبار)