الحديث عن قصف قاعدة «تي فور» كان المدخل ليتناول نصرالله التهديدات الأميركية لشنّ ضربة عسكرية على سوريا. بدأ بالتأكيد أنّه «كلّنا ندين استخدام الكيماوي. لكن، أُحبّ أن أؤكد، خاصة لجمهورنا، أنّ ما جرى في دوما مسرحية». فلماذا سيستخدم «المنتصر الكيماوي؟ الجماعة كانوا مستسلمين، والنقاش معهم كان على بعض التفاصيل». وذكّر بأنّه «مع كلّ انتصار كبير في سوريا، تحصل مسرحية». في دوما، بنى ترامب على «مسرحية»، وبدأت سلسلة تغريداته، لنكون أمام «مشهد جديد من الاستكبار الأميركي». يريد ترامب أن يكون «مُحقّقاً من دون تحقيق، مدّعياً عاماً، قاضياً، وجلّاداً». أمام هذا الواقع، اعتبر نصرالله أنّ «من حقّ الناس أن يقلقوا، طالما هناك واحد اسمه ترامب في الرئاسة الأميركية. هناك إدارة غير منسجمة، ورئيس لا نقدر أن نفهم (كوعه من بوعه). قبل أسبوع، قال إنّه يريد الانسحاب من سوريا، بعد أسبوع يريد شنّ حربٍ عليها».
ترامب يُغرّد ضدّ محور خارج من انتصارات فيما أميركا خارجة من الهزائم
ماذا سيحصل في سوريا؟ «مع ترامب يُمكن افتراض كلّ شيء. ممكن أن نأخذ فرضية ضربة محدودة، وممكن أن يكون هناك فرضية حرب». إلا أنّ نصرالله طلب أن «يعلم العالم كلّه، أنّ كلّ هذه التغريدات لم تُخِف ولن تخيف لا سوريا ولا إيران ولا روسيا ولا حركات المقاومة في المنطقة ولا الشعوب. لا ينتظر (ترامب) أن يخضع أو يتنازل له أحد. هناك قوّة كبيرة تأسّست على قاعدة انتصارات، وخاضت معارك كُبرى، وأسقطت مشاريع كُبرى، وتملك من القدرة ما يجعلها تواجه أعتى مشاريع العالم». أما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، «فليُهوّل ويقم بما يريده». هذا الرجل «يُهدّد ويُغرّد ضدّ محور خارج من انتصارات، فيما أميركا خارجة من الهزائم. هُزم المشروع الأميركي في العراق وسوريا ولبنان، وما زالت أميركا عاجزة في اليمن وأمام إيران. وتاريخ أميركا من الحروب عبارة عن رصيد كبير من الهزائم، فيما نحن رصيد كبير من الانتصارات». وشدّد على أنّ حرب الولايات المتحدة على المنطقة «لن تكون مع الأنظمة والجيوش، بقدر ما ستكون مع شعوب المنطقة».
على صعيد آخر، تحدّث الأمين العام عن الانتخابات في دائرتَي بيروت الثانية وبعبدا. فقال إنّ الهدف من خوض الانتخابات في «بيروت 2» هو أن تتمثل فئات مُعينة «وليس مُصادرة قرار بيروت كما تدّعي لائحة تيار المستقبل»، التي اختارت للمعركة عنوان «العروبة بمواجهة المشروع الفارسي. ما المقصود بالهوية العربية؟»، سأل نصرالله، مُضيفاً: «هل العروبة تعني الخضوع والتبعية لأميركا وخوض معاركها بالوكالة؟ هل تعني التخلي عن الشعب الفلسطيني والموافقة على صفقة القرن؟ هل تعني الاعتراف أنّ لهؤلاء الغزاة حقّاً في أرض فلسطين؟ هل العروبة في تقديم مئات المليارات من الدولارات لأميركا من أجل إنعاش اقتصادها وتأمين فرص العمل لملايين من أفرادها، فيما في الوطن العربي بطالة وفقر وعوز وهجرة ونزوح ومجاعة؟ هل العروبة في تحريض إسرائيل على شنّ حرب تموز؟ ليست هذه عروبة بيروت». فعاصمة لبنان «لم تكن تنأى بنفسها عن القضايا العربية. وعنوانها هو عنوان المقاومة».
أما عن بعبدا، فقال نصرالله إنّه «من حيث انطلقت الحرب الأهلية، يجب أن ينطلق الوفاق الوطني». من تلك المنطقة أُعلن تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر في الـ2006، «وبُني عليه إنجازات كثيرة. الأهم من كلّ إنجازاته السياسية، التلاقي الشعبي والاجتماعي، وما يُسميه الرئيس ميشال عون السلام الداخلي، وهو ما يجب أن نُحافظ عليه». من هنا، «كُنّا مُصرّين على الاتفاق الانتخابي في بعبدا، وهو في عمقه حرصٌ على التوافق السياسي. وهذا الاتفاق صمد 12 سنة». وأوضح نصرالله أنّ «التفاهم لا يعني أنّنا صرنا حزباً واحداً. هناك تفاهم على القضايا الاستراتيجية مع التيار، ولكن في القضايا السياسية ممكن أن نختلف أو نتفق».