في اليوم الثاني للعدوان الثلاثي (أميركي - فرنسي - بريطاني) على سوريا، توالت ردود الفعل المندّدة، كما المؤّيدة لهذه الخطوة، في وقتٍ أُعلن فيه أنَّ لجنة تقصّي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ستبدأ، اليوم الأحد، عملها في مدينة دوما، تمهيداً لمباشرة تحقيقاتها حول هجوم كيميائي مفترض. ذلك ما قاله لـ«فرانس برس» معاون وزير الخارجية السورية، أيمن سوسان، مؤكداً دعم بلاده لعمل هذه البعثة «بشكل مهني وموضوعي وحيادي ومن دون أيّ ضغط».
الأسد سيزور روسيا
قبل الرئيس السوري، بشار الأسد، دعوةً لزيارة منطقة خانتي مانسييسك في سيبريا الروسية، غداة لقائه وفداً من حزب «روسيا الموحدة» الحاكم، الذي يزور دمشق. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن البرلمانيين الذين التقوا الأسد، اليوم، قولهم إنّ الرئيس السوري كان في «حالة مزاجية جيدة»، وأشاد بالدفاعات الجوية سوفياتية الصنع التي ساعدت في صدّ العدوان الغربي.
ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن نائب سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة»، سيرغي جليزنياك، قوله بعد لقاء الأسد «من وجهة نظر الرئيس كان عدواناً، ونحن نشاركه هذا الرأي». وأشار إلى أنّ الرئيس السوري أعرب عن بالغ تقديره للميزات القتالية للمعدات العسكرية والأسلحة السوفياتية، التي بواسطتها تمكّنت قوات الدفاع الجوي السورية من صد العدوان الثلاثي الغربي على سوريا يوم أمس. في هذا السياق، نقل عضو مجلس الدوما، ديمتري سابلين، عن الأسد قوله: «يظهرون في الأفلام الأميركية أنّ الأسلحة الروسية متخلّفة، ولكن نحن نرى اليوم، من المتخلّف فعلاً».
وأكد الأسد أنَّ العدوان الثلاثي «ترافق مع حملة من التضليل والأكاذيب في مجلس الأمن من قبل نفس دول العدوان ضد سورية وروسيا، ما يثبت مرة أخرى أنَّ البلدين يخوضان معركة واحدة ليس فقط ضد الإرهاب بل أيضاً من أجل حماية القانون الدولي القائم على احترام سيادة الدول وإرادة شعوبها».
ضمن هذا الإطار، حذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، من أنّ توجيه الغرب ضربات جديدة إلى سوريا سيحدث «فوضى» في العلاقات الدولية، وقال «إذا تكرّرت أفعال مماثلة في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة، فإنّ هذا سيحدث من دون شك فوضى في العلاقات الدولية»، بحسب بيان للكرملين.

واشنطن: «المهمّة (لم) تنجز»
بينما دافع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن استخدامه عبارة «المهمّة أُنجزت»، التي استخدمها الرئيس الأسبق جورج دبليو بوس (1 أيار/ مايو 2003) لدى غرو العراق، أكّدت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، اليوم، أنّ بلادها لن تسحب قواتها من سوريا، إلا بعد أن تحقّق أهدافها.
وفي حديث مع «فوكس نيوز»، اليوم، ذكرت هايلي ثلاثة أهداف للولايات المتحدة، وهي:
ضمان عدم استخدام الأسلحة الكيماوية بأي شكل يمكن أن يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر.
هزيمة تنظيم «داعش».
ضمان وجود نقطة مراقبة جيدة لمتابعة ما تقوم به إيران.

كوربن لماي: أين السند القانوني؟
اعتبر زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيريمي كوربن، اليوم، أن الأسُس القانونية التي تمّ الاستناد إليها لتبرير توجيه ضربات جوية بريطانية ضدّ سوريا «قابلة للنقاش»، مشدداً على أنه كان سيؤيد - فقط - أيّ تحرك مدعوم من مجلس الأمن الدولي.
في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أضاف: «أقول لوزير الخارجية «بوريس جونسون).. أقول لرئيسة الوزراء (تيرسزا ماي).. أين السند القانوني لذلك؟»، معتبراً أنَّ «الأساس القانوني... كان يجب أن يكون الدفاع عن النفس أو تفويض من مجلس الأمن الدولي. التدخل لأسباب إنسانية مفهومٌ قابلٌ للنقاش من الناحية القانونيّة في الوقت الحالي».
تعليق كوربن استدعى رداً من وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الذي قال في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، اليوم، إنَّ حكومة بلاده اتّخذت قرار المشاركة في العدوان على سوريا دون انتظار موافقة البرلمان، مبرراً ذلك بالقول: «من الواضح أنَّ اهتمامنا الأول كان يجب أن يكون سلامة جنودنا وفاعلية وسرعة العملية. هناك الكثير من السوابق التي أنجز فيها الأمر على هذا النحو»، رداً على سؤال عن سبب عدم استدعاء البرلمان من عطلته قبل الهجوم.
وفي تصريح آخر لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قال الوزير البريطاني إنّ بلاده ستبحث «الخيارات» مع حلفائها إذا استخدمت الحكومة السورية أسلحة كيميائية مرة أخرى، مضيفاً: «ليس هناك اقتراح على الطاولة حالياً بشنّ المزيد من الهجمات، لأنّ نظام الأسد لم يكن من الحماقة لشن هجوم كيميائي آخر».

لودريان بعد الضربة: لإيجاد مخرجٍ للأزمة
اجتماع في باريس لبحث العدوان الذي شاركت فيه فرنسا ضد سوريا(أ ف ب )

رأى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنّه بعد العدوان الثلاثي الغربي على سوريا، يعود لروسيا أن تضغط على حليفها الأسد للبحث عن مخرج للأزمة السياسية. جاء تصريحه في مقابلة أجرتها معه صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، إذ أمل أن «تدرك روسيا أنّه بعد الردّ العسكري (...) علينا أن نضمّ جهودنا للدفع في اتجاه عملية سياسية في سوريا تسمح بإيجاد مخرج للأزمة»، مؤكداً أنّ «فرنسا تعرض مساهمتها للتوصل إلى ذلك». وتابع «من يعرقل هذه العملية اليوم هو بشار الأسد نفسه. على روسيا أن تضغط عليه».
والخطوة الأولى من أجل ذلك، بحسب رأي الوزير الفرنسي، تقضي بـ«البدء بهدنة يتمّ الالتزام بها فعلياً هذه المرة طبقاً لما تنصّ عليه قرارات مجلس الأمن» الدولي، داعياً إلى تفعيل دور الأمم المتحدة بعدما باتت مهمشة في الأزمة السورية.
كذلك، قال لودريان إنّ «مصير إدلب يجب أن يُحسم في إطار عملية سياسية تتضمّن نزع أسلحة الميليشيات»، محذراً من وقوع كارثة إنسانيّة في المدينة التي تسيطر عليها «جبهة النصرة».

إسرائيل: سنواصل «التحرك» ضد إيران
حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم، من الوجود الإيراني في سوريا عقب العدوان الثلاثي على سوريا، داعياً الدول الغربية إلى اتباع النهج نفسه لمنع «دول إرهابية» من الحصول على أسلحة نووية.
وقال، في بداية الاجتماع الحكومي، إنه تحدث هاتفياً مع رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عقب الهجوم، وقال لها: «الرسالة الدولية المهمة من هذا الهجوم هو عدم التهاون مع استخدام أسلحة غير تقليدية»، وأبلغها أنّ «هذه السياسة يجب التعبير عنها من خلال منع دول ومجموعات إرهابية من امتلاك قدرات نووية».
في الإطار نفسه، حذّر وزيران إسرائيليان من أن «إسرائيل» ستواصل «التحرّك» ضدّ إيران في سوريا، وذلك بعد مرور أسبوع على الاعتداء الإسرائيلي على مطار الـ«تي فور» العسكري في ريف حمص، ما أسفر عن استشهاد سبعة إيرانيين من «الحرس».
وقال وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «سنواصل التحرّك ضدّ تمركز عسكري لإيران في سوريا يشكّل تهديداً لأمن إسرائيل»، فيما اعتبر وزير التعليم، نفتالي بينيت، أنّ إسرائيل تملك «حرية تحرّك كاملة». وقال: «لن نسمح لإيران بالتمركز في سوريا. لا يمكن أن تصبح حدودنا الشمالية باحة مفتوحة لـ (الرئيس السوري) بشار الأسد».

صورة وزرعتها وزارة الدفاع الأميركية تظهر مركز الأبحاث في بزرة قبل وبعد الضربة(أ ف ب )


إيران: السعودية دفعت فاتورة العدوان
اعتبر رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، اليوم، أنّ «مسارعة النظام السعودي لتقديم أموال شعبه لأميركا، وبمنتهى الصلافة، شجعها على قصف سوريا». وأضاف: «ألا يعدّ هذا الموقف من هؤلاء مذلاً ومخجلاً؟ بمنتهى الأسف، شهدنا أمس في يوم وحدة المسلمين، قيام أميركا وبريطانيا وفرنسا، وخلافاً لكل المعايير الدولية، بشن هجوم وحشي على دولة إسلامية. وما يحمل على المزيد من الأسف، أنّ بعض الدول الإسلامية وقفت إلى جانب الكيان الصهيوني وقادة الكفر دعماً لهذه الجريمة». وقال: «السؤال الأول الذي يتبادر إلى الأذهان: ما السبب الذي حملها على اتخاذ هذا الإجراء اللاقانوني؟.. فمزاعم الدول الثلاث هي أن الحكومة السورية استخدمت السلاح الكيميائي خلال الأيام الماضية، وأن سبب نجاح القوات السورية في طرد الإرهابيين من ضاحية دمشق هو استخدامها لمثل هذا السلاح».

مادورو: «كلاب الحرب» هم المستفيدون
اعتبر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أنّ العدوان الثلاثي الغربي على سوريا ليس إلا «عملاً إجرامياً». وقال في لقاء بثه التلفزيون الحكومي: «نحن نعتبر هذا الهجوم عملاً إجرامياً ضد الشعب السوري، هدفه خلق حالة من الذعر والترهيب، وتدمير المراكز العلمية في سوريا». وأضاف أن من يتحمّل المسؤولية عن الضربة في سوريا هم «كلاب الحرب» المستفيدون من نشر الأسلحة واستمرار العمليات العسكرية بغرض التربح على حساب القتلى هناك، متسائلاً: «كم كلف هذا القصف؟.. ومن دفع ثمنه؟».

البابا مستاء
دعا البابا فرنسيس زعماء العالم، اليوم، إلى تجديد جهود إحلال السلام في سوريا، وقال إنه منزعج للغاية من عدم الاتفاق على خطة مشتركة لوقف إراقة الدماء.
وخلال عظته الأسبوعية أمام الجمهور المحتشد في ساحة القديس بطرس، ناشد البابا «الزعماء السياسيين حتى يعمّ العدل والسلام». وقال: «منزعج للغاية من الوضع العالمي الحالي والذي، رغم توافر الأدوات لدى المجتمع الدولي، يصعب فيه الاتفاق على عمل مشترك من أجل السلام في سوريا وغيرها من المناطق في العالم».