تواصلت الاشتباكات ضد تنظيم «داعش» في محيط دمشق الجنوبي خلال اليومين الماضيين، على رغم اتصاف تحرّك الجيش بوتيرة أبطأ نسبياً، نظراً لطبيعة المنطقة السكنية التي تفرض تقدم المشاة وسيطرتهم تباعاً على الكتل العمرانية، مع مراعاة وجود الأنفاق والتحصينات والألغام المزروعة فيها. وعلى رغم التغطية النارية الكثيفة التي يؤمنها سلاحا الجو والمدفعية، لا يرجح حسم المعركة التي بدأت قبل أكثر من 15 يوماً، خلال وقت قصير، خصوصاً أن «داعش» لا يزال يسيطر على مساحة سكنية ليست بقليلة ضمن مخيم اليرموك. ويُتوقع أن يستكمل الجيش سيطرته على منطقة الحجر الأسود، ليتفرغ لاحقاً لجبهة المخيم. وضمن هذا التوجه تمكّن أمس، من السيطرة على كامل القسم الجنوبي من الحجر الأسود، إلى جانب دخوله عدداً من الشوارع في القسم الشمالي من المنطقة، والمحاذي لليرموك.وبينما يحاول التنظيم الصمود داخل الجيبين المحاصرين لأطول وقت ممكن، مع حرمانه المدنيين داخل المخيم فرصة الخروج نحو مناطق سيطرة الجيش السوري، أو نحو بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، يواصل الجيش استهداف مواقع «داعش»، لا سيما في محيط خطوط التماس النشطة. ويُتوقع أن يستفيد الجيش من اتفاق «التسوية» في البلدات الثلاث المجاورة، لإتمام إجلاء المسلحين والمدنيين وتثبيت نقاط له على كامل شرق المخيم، بما يتيح تعزيز الضغط على «داعش» هناك. وبلغ عدد الدفعات التي خرجت من بلدة بيت سحم ومحيطها نحو الشمال السوري، أربع دفعات، إذ تم أمس تحضير قافلة من 50 حافلة للانطلاق رفقة منظمة «الهلال الأحمر العربي السوري» إلى الشمال، وذلك بعد تفتيشها في شكل دقيق من قبل نقاط الجيش. وكانت الأيام الماضية قد شهدت خروج أكثر من مئة حافلة من المنطقة، التي يُتوقع أن يغادرها في المجمل أكثر من عشرة آلاف شخص، بين مدنيين ومسلحين، وفق مصادر معارضة.
أنقرة: خطط نشر قوات عربية شرق الفرات ما زالت «غير مؤكدة»


وتزامناً مع تطورات طوق دمشق، استمرت عملية تسليم المجموعات المسلحة في ريف حمص الشمالي، أسلحتها الثقيلة للجيش السوري، كخطوة أولى ضمن اتفاق «التسوية» الخاص بالمنطقة. واكتمل أيضاً تحضير القوائم للمدنيين والمسلحين الراغبين بالمغادرة نحو الشمال السوري، ويُنتظر أن يتم اليوم تحضير الدفعة الأولى من الحافلات لإخراجها. ويُفترض أن تكون وجهة المغادرين ريف إدلب الجنوبي، ومدينة جرابلس الحدودية مع تركيا. ولم يتبيّن تأثير التصعيد الذي تشهده مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، على عمليات دخول الحافلات (نحو جرابلس) التي تمرّ من مدخلها الجنوبي. وفي انتظار البدء بعملية الإجلاء وحسم ملف الفصائل الرافضة للتسوية في ريف حمص، حتى الآن، تعمل وحدات الهندسة في الجيش السوري على إعادة تأهيل الطريق الدولي بين حمص وحماة، ليعاد افتتاحه بموجب الاتفاق، وبعد الانتهاء من خروج الرافضين للمصالحة مع الجانب الحكومي.
وفيما ينتظر الشمال السوري استقبال المزيد من المسلحين والمدنيين الوافدين من محيط دمشق وريف حمص، هددت تركيا مجدداً على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في المناطق السورية الحدودية. وعلى رغم أن تلك التصريحات أتت في سياق الدعاية الانتخابية، فإن الموقف التركي من تطورات الشمال مرتبط بالخطط الأميركية المفترضة لإشراك أوسع لقوى إقليمية في الجانبين المالي والعسكري ضمن مناطق شرق نهر الفرات، خصوصاً أن المحادثات بين أنقرة وواشنطن مستمرة حول ملف مدينة منبج، من دون اتضاح أي تفاصيل عن سير تلك العملية بعد استلام مايك بومبيو، دفة وزارة الخارجية الأميركية. وجاء التعليق التركي الأبرز على فكرة نشر «قوات عربية» في مناطق النفوذ الأميركي، من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الذي ردّ على سؤال حول الموضوع بالقول إن «هذه المعلومات لم يتم تأكيدها بعد»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بلاده «تنظر بإيجابية إلى جميع الجهود الرامية للمحافظة على وحدة التراب الوطني السوري وإيجاد حل سياسي، يشمل مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية بما في ذلك تنظيما الاتحاد الديموقراطي الكردي وداعش».
وعلى صعيد آخر، ينتظر أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، موسكو الأربعاء المقبل، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل تصعيد غير مسبوق تقوده إسرائيل ضد الوجود الإيراني في سوريا، ويترجم بشكل اعتداءات متكررة على مواقع عسكرية سورية. وتأتي الزيارة أيضاً، التي جاءت كدعوة للمشاركة في احتفالية، بعدما أثارت تصريحات روسية حول عودة النقاش في شأن تسليم سوريا منظومة الدفاع الجوي «S 300» استياء إسرائيلياً. وقبيل الزيارة، جدد نتانياهو في بيان، القول إنّ «إسرائيل مصممة على صد العدوان الإيراني... وهو في مهده، حتى لو كان هذا ينطوي على صراع، عاجلاً أفضل من صده آجلاً»، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول». وزعم البيان أنّ «الحرس الثوري الإيراني نقل إلى سوريا على مدار الأشهر القليلة الأخيرة أسلحة متقدمة، من أجل ضربنا في الجبهتين الأمامية والداخلية على حد سواء، من خلال الطائرات المسيرة الهجومية وصواريخ أرض ـــ أرض ومنظومات دفاع جوي إيرانية تهدد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي».