تبدأ اليوم جولة جديدة من المحادثات السورية في العاصمة الكازخية أستانا، بعد غياب الطرفين السوريين عنها منذ أواخر العام الماضي. الأشهر الفاصلة بين الجولتين شهدت تطورات مهمة على الصعيد الميداني، غيّرت خريطة السيطرة في أجزاء واسعة من سوريا، لمصلحة تعزيز خطوط «التهدئة» التي فرضها «ضامنو أستانا». وبرغم الضغوط التي تعرض لها التفاهم الثلاثي، الروسي ــ الإيراني ــ التركي، من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، فإن أطرافه لا تزال (حتى الآن) تعمل على استكمال الخطط التي أقرت على طول مسار المحادثات. وبينما استقبلت ــ ولا تزال تستقبل ــ الأراضي الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال السوري، مزيداً من المدنيين والمسلحين المرحّلين بموجب اتفاقات «تسوية» من مناطق عدة، فإنها تستعد لاستضافة نقطتي «مراقبة» جديدتين للقوات التركية، وفق تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وبرغم أن المواقع الدقيقة لتلك النقاط لم تتضح بعد، تشير المعطيات المتوفرة عن جولات الاستطلاع التركية التي غطّت خطوط التماس في ريف إدلب الغربي، وصولاً إلى أطراف ريف اللاذقية وسهل الغاب، إلى أن تلك المنطقة قد تكون هي المستهدفة، وخاصة أن الريف الشرقي لإدلب بات يضم عدداً من النقاط التركية منذ مدة. ومن المتوقع أن تؤدي مخرجات الاجتماع المنعقد في أستانا لمدة يومين دوراً مهماً في تحديد المستقبل القريب لمنطقة إدلب، وخاصة أن تركيا تبذل جهوداً كبيرة لإعادة هيكلة الفصائل العسكرية، على غرار ما فعلت في مناطق «درع الفرات». وتواجه تلك المنطقة تصاعداً في التوتر بين الفصائل المسلحة العاملة فيها، ما يضيف تحديات أكبر في وجه أنقرة، ولا سيما مع ارتفاع عدد عمليات الاغتيالات والتفجيرات التي تستهدف قادة الفصائل ومسؤوليها.
سيطرت «قسد» على منطقة الحدود مع العراق الملاصقة لنهر الفرات

تلك الخطط والحسابات التركية في الشمال عرقلت سابقاً دخول قوافل المرحّلين من ريف حمص ومحيط دمشق لأيام، قبل أن يسمح بدخولهم. وبعد انتهاء عمليات الترحيل من بلدات بيت سحم وببيلا ويلدا جنوب دمشق، تواصل خروج الحافلات من ريف حمص الشمالي عبر معبر الرستن، باتجاه ريف إدلب، أمس. وتم إخراج الدفعة الخامسة التي تتضمن 30 حافلة تقل نحو 1500 من المسلحين والمدنيين بعد إنهاء عمليات التفتيش ومطابقة اللوائح الاسمية. بالتوازي، بدأ تحضير حافلات أخرى في منطقتي الحولة وتلبيسة لتنقل رافضي «المصالحة» في المناطق التي لا تزال تضم أعداداً من المسلحين، ضمن جيب ريف حمص الشمالي. ونقلت مصادر معارضة أن حافلات تنقل أكثر من 3 آلاف بين مدنيين ومسلحين، وصلت إلى ريف حلب الجنوبي الغربي. وفي محيط دمشق، تواصلت العملية العسكرية للجيش السوري ضد تنظيم «داعش»، المحاصر في أجزاء من مخيم اليرموك والحجر الأسود. وبرغم القتال العنيف الذي يخوضه عناصر التنظيم، فقد حقق الجيش تقدماً على محاور عدة، ووسّع نطاق سيطرته ليضم محيط دوار بلدية الحجر الأسود، وصولاً إلى تقاطع حي الجزيرة الرئيسي بعد تأمين مبنى الناحية وشركة الكهرباء. كذلك تقدم من الجانب الغربي للمخيم وسيطر على مدرسة أسد بن الفرات شمال مدرسة «أونروا».أما في الشرق، فقد أعلنت «قوات سوريا الديموقراطية» أنها سيطرت على جبل باغوز وقرية باغوز تحتاني (شمال الفرات وقرب الحدود العراقية)، بدعم من قوات «التحالف الدولي» وقوات الأمن العراقية على الجانب الآخر من الحدود. وأوضحت أن التطور الأخير جاء «بعدما تقدمت (القوات) نحو 21 كيلومتراً بمحاذاة الحدود، بعد استكمال الجيش العراقي تحرير قرية الباغوز العراقية، قبل أسابيع». ولفت المتحدث باسم «قسد» وقائد «المجلس العسكري السرياني» كينو غابرييل، إلى أن العمليات المنسقة مع الجانب العراقي و«التحالف» سوف تتواصل حتى «إنهاء وجود داعش». ومن المتوقع أن تتقدم «قسد» انطلاقاً من موقعها الجديد على الحدود، غرباً، نحو بلدة باغوز فوقاني، المقابلة لمدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة الجيش السوري.