بينما ينتظر ما ستفضي إليه اجتماعات الدول الضامنة لاتفاق «خفض التصعيد»، وهي روسيا والولايات المتحدة الأميركية والأردن، يبرز حجم الرهان الإسرائيلي على موسكو، ودورها المفترض في «إبعاد الخطر» عن جبهة الجولان المحتل. وليس أمراً عابراً أن تُسلّم تل أبيب باضطرارها إلى الرهان على دور روسيا، صديقة إيران التي تجمعها بها مصالح مشتركة تتصل بالساحتين السورية والإقليمية، من أجل التوصل إلى ترتيبات تمهّد الطريق أمام عودة الجيش السوري إلى منطقة الجولان. وليس عابراً أيضاً أن تسلم بحقيقة عدم الاستناد إلى نفوذ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تحاول فرض خطوط حمراء جدية، وتقوم بمهمة إخراج إيران وحلفائها من الساحة السورية. ومهما حاولت إسرائيل أن تقدم هذا التفاهم أو ذاك التنسيق على أنه إنجاز سياسي أو أمني، إلا أن ذلك لا يخفي فشلها في الحفاظ على الوضع الراهن، الذي تشكل فيه الفصائل المسلحة حزاماً أمنياً لها، ولا تسليمها بعودة سيطرة الجيش السوري إلى ما كانت عليه قبل سبع سنوات، بما يحمله ذلك من رمزية لانتصار دمشق وحلفائها.هذا الواقع فرض على إسرائيل التوجه إلى تبنّي الطرح الروسي بالتوصل الى ترتيبات خاصة بالجنوب السوري، تقوم على أساس عودة سيطرة دمشق هناك. وهو ما اقتضى حضور وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، على رأس وفد أمني، إلى موسكو، للتباحث مع نظيره سيرغي شويغو، وللتوصل ــ وفق تقارير إسرائيلية ــ إلى تفاهمات جديدة بين الطرفين. وبعد الزيارة مباشرة، أعلن «الكرملن» أن الرئيس فلاديمير بوتين ناقش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آخر التطورات وخاصة على الصعيد السوري، واستكملا نقاش عدد من الملفات التي طرحت خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى موسكو. ولفت ليبرمان خلال اللقاء الى أن اسرائيل «تُقدّر تفهّم روسيا لاحتياجاتها الأمنية، خاصة في الوضع على حدودنا الشمالية»، مضيفاً أن «من المهم مواصلة حوارنا والحفاظ على الخط المفتوح بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، في جميع القضايا المدرجة على جدول الأعمال». وأكد المعلق الأمني في صحيفة «معاريف»، يوسي ميلمان، أن هذه التفاهمات تنص على «إبعاد القوات الإيرانية عن خط الهدنة مسافة 20 كيلومتراً، وعدم بناء أيّ قواعد إيرانيّة دائمة جوية أو صاروخية في سوريا». وأضاف أن هذه التفاهمات تضمنت أيضاً أن تكون حرية العمل ضد القواعد الإيرانية مشروطة بالتنسيق مع موسكو. وأكد أن روسيا ستنقل تفاهماتها مع الجانب الإسرائيلي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سينقلها بدوره إلى طهران، مشيراً إلى أن التحرك الإسرائيلي في سوريا مشروط «بعدم استهداف قوات نظام الأسد». في السياق نفسه، لفت المعلق السياسي باراك رابيد على «القناة العاشرة» إلى أن تل أبيب عندما تريد معالجة الوجود الإيراني في سوريا، فإنها تتوجه إلى موسكو وليس إلى واشنطن. وحول توقيت الزيارة إلى موسكو، رأى أنه يعود الى كون «الجيش السوري يستعد لعملية عسكرية من أجل السيطرة لأول مرة منذ سنوات على الحدود مع إسرائيل والأردن»، مضيفاً أن «الروس لا يريدون تفجير اتفاق (خفض التصعيد)، لذلك يريدون التنسيق مع الأردن والولايات المتحدة من أجل عودة الجيش السوري إلى تلك المنطقة».
أشار الأسد إلى وجود «ضباط إيرانيين» لا «قوات إيرانية»


على الأرض، استمرت التعزيزات بالوصول إلى جبهات المنطقة الجنوبية، في وقت نقلت فيه وسائل إعلام معارضة عن «غرفة عمليات البنيان المرصوص»، استعدادها لمواجهة عسكرية «محتومة». وأفادت وكالة «الأناضول» نقلاً عن القيادي في أحد فصائل «الجيش الحر»، أبو حسن المسالمة، بأن «النظام السوري يستغلّ حاجة الأردن إلى إعادة تشغيل معبر نصيب، ويضع شروطاً تعجيزية، ويطمح من خلال ذلك إلى إعطاء ذريعة لهجومه العسكري». وأشار إلى أن الفصائل نقلت للجانب الأردني رفضها لأي مقترح يقضي بخروجها من الجنوب، مؤكداً استمرار المشاورات والاجتماعات بين بعض قادة الفصائل والجانب الأردني في العاصمة عمّان.
التطورات الأخيرة ترافقت مع جملة تصريحات للرئيس السوري في مقابلة تلفزيونية، تضمنت تعهداً باستخدام القوة لاستعادة الأراضي الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» في حال فشل التفاوض لتحقيق ذلك. وبينما حملت التصريحات أملاً بانحياز السوريين في تلك المناطق إلى دولتهم، لفتت إلى أن «على الأميركيين أن يغادروا، وسيغادرون بشكل ما». وحول الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والادعاءات باستهداف قوات إيرانية، أكد الأسد أن «الخيار الوحيد أمامنا هو تحسين دفاعاتنا الجوية. هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع فعله، ونحن نفعله»، مضيفاً أنه لا وجود لقوات إيرانية في سوريا، بل هناك «ضباط إيرانيون، يعملون مع جيشنا».