لا تزال الحملة العسكرية، التي بدأها الجيش السوري في الجنوب، وتحديداً في محافظة درعا، تسير بخطوات قصيرة ومحدودة. تحكم المسار العسكري هناك، تطورات ملف المفاوضات التي يخوضها مركز المصالحة الروسي مع الفصائل المسلّحة الجنوبية من غير «جبهة النصرة». في الأيام الماضية، استطاع مركز المصالحة التوصل إلى اتفاق مع فصائل مسلّحة تتمركز في منطقة اللجاة شمال شرقي درعا، عُرف منها فصيل «ألوية العمري»، قضت بدخول القوات الحكومية إلى مناطق سيطرة هذه الفصائل، إضافة إلى الاتفاق على القتال إلى جانب الجيش بوجه المجموعات المسلحة، التي ترفض التفاوض وخصوصاً «جبهة النصرة» وتوابعها.ميدانياً، شنّ مقاتلو «جبهة النصرة» هجوماً على المواقع التي تمركز فيها الجيش السوري في الريف الشرقي لدرعا. وتمكّن الجيش السوري بدعم جوي روسي من صدّ الهجوم. وتابعت الطائرات السورية والروسية قصفها المركّز، الذي تشنه منذ يوم السبت على عدد من البلدات التي يتحصن فيها المسلّحون في الريف الشرقي، وللمرة الأولى قامت بقصف مواقع ونقاط المسلّحين في مدينة درعا، وذكرت مصادر محلّية أن «القصف كان مركّزاً وعنيفاً ودقيقاً على نقاط محددة يشغلها المسلحون». كذلك، ألقت الطائرات، بحسب المصادر ذاتها، منشورات على المدينة وقرى أخرى، في الريفين الغربي والشرقي، تدعو المواطنين إلى طرد المسلحين، وتقول: «اطردوا الإرهابيين من مناطقكم كما فعل إخوانكم في الغوطة الشرقية»، محذّرة من أن «الجيش السوري قادم».

العمليات العسكرية القائمة في الجنوب تهدف في شكل أساسي إلى الإمساك بمفاصل المنطقة الجنوبية، لتجنّب خوض معارك طويلة الأمد وتكون ذات تكلفة بشرية ومادية مرتفعة. الجيش السوري عمل، في المرحلة الأولى، على محاولة عزل منطقة قرى اللجاة عن سائر الريف الشرقي، وذلك عبر تكثيف الضربات ومحاولة اقتحام بصر الحرير، التي تشكل ممراً إجبارياً لكل من يريد التنقل من اللجاة إلى الريف الشرقي أو العكس. بهذه الطريقة، سرعان ما بدأت تنهار المجموعات المسلحة التي تتمركز في تلك القرى، وهي مجموعات محلّية، ولجأت إلى التفاوض مع الجانب الروسي للتوصل إلى اتفاق يمنع عنهم المزيد من القصف والعمليات العسكرية. اليوم، تشير مصادر ميدانية مطلعة لـ «الأخبار»، إلى أن «الجيش السوري تقدّم في بصر الحرير، واستطاع السيطرة على عدة أبنية شرق البلدة، وهو يخوض مواجهات عنيفة مع مسلّحي جبهة النصرة الذين يتولّون القتال هناك، إلى جانب فصائل صغيرة أخرى». المرحلة الثانية، والتي بدأت ليل أمس بقصف مكثّف على درعا البلد، تهدف في مراحل مقبلة إلى وصول الجيش إلى الكتيبة العسكرية التي يسيطر عليها المسلحون جنوب غربي مدينة درعا، وبالسيطرة عليها يستطيع السيطرة، نارياً، على الطريق الذي يصل الريفين الشرقي بالغربي. وبالتالي، يكون قد استطاع قسم المسلحين إلى ثلاثة جيوب، الجيب الأول في قرى اللجاة وهو جيب صغير، وجيبان آخران كبيران، الأول في الريف الشرقي، والثاني في الريف الغربي.

هكذا إذاً بشكل عام، ينوي الجيش السوري السير في عمليته العسكرية في الجنوب، إلا أن هذه المسارات محكومة بالكثير من التطورات الميدانية والسياسية. إلى الآن، استطاع الجيش عبر سياسة «النار والتفاوض»، السيطرة على غالبية قرى اللجاة من دون خوض معارك شرسة مع المسلحين الموجودين هناك، بل تمكّن بالجهود التفاوضية الروسية، من إشراكهم في قتال المجموعات الأخرى التي ترفض التفاوض، وعلى رأسها «جبهة النصرة».
محادثات في شأن سوريا وجنوبها في موسكو
أعرب الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط والبلدان الأفريقية ميخائيل بوغدانوف، عن أمل موسكو في بحث الوضع في سوريا مع مستشار الرئيس الأميركي جون بولتون، أثناء زيارته إلى موسكو. وذكر بوغدانوف، أنه سيتم خلال المحادثات مع بولتون، الوقوف على العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي وسوريا، وغير ذلك من قضايا. وفي شأن ما يُشاع عن محادثات ثلاثية بين روسيا والولايات المتحدة والأردن حول الوضع في جنوب سوريا، قال إنه «سيتم بحث جنوب سوريا على المستوى الثنائي في الوقت الراهن»، وإن «وزير الخارجية الأردني سيزور موسكو لهذا الغرض، وإن التنسيق مستمر بين الجانبين الآن لتحديد موعد الزيارة».