مونترو | لم يعتد أهل مدينة مونترو إقفال طرقات بلدتهم. حتى مهرجان موسيقى الجاز السنوي لا يغيّر مسارات يومياتهم. مدينتهم بسكانها الـ٢٢ ألفاً تستقبل في تلك السوق أكثر من ٣٠٠ ألف زائر. يصعب تخيّل قدرة البلدة على استيعابهم. فمساحتها ضئيلة. تقع على سفح جبلي شديد الانحدار. في مونترو، الجبل لا يبعد «ربع ساعة» عن البحر. هو متصل بماء بحيرة. صحيح أنها «بحيرة»، لكن طول شاطئها يساوي طول نصف الشاطئ اللبناني. أهل مونترو لا يبدون مكترثين بالمؤتمر المعقود في بلدتهم.
سيدة متقدمة في السن لا تعرف أكثر من أن «الشيء تبع السوريين» يجري في فندق وسط المدينة. تنبِّه المارة إلى أن الطريق بين فندق «مونترو بالاس» وشاطئ البحيرة، مقطوع. ليست منزعجة من ذلك. ترحب بأن مدينتها تُسهم في «صنع السلام». كذلك يقول شاب يعمل في مؤسسة تجارية قريبة. يدرك أن الفندق يجمع ممثلين عن طرفي النزاع في سوريا. يتابع نشرات الأخبار، لكن أكثرية من يطرح عليهم سؤال عن الحدث الطارئ على هدوء بلدتهم لا يدرون ما يجري. بعضهم يعرف بوجود أمر ما يخص سوريا، فيما البعض الآخر لم يسمع بالأمر. أحد الشبان يتحمس للإجابة عن السؤال. يقول إنه يتابع نشرات الأخبار، «على عكس الآخرين هنا»، ثم يبادر إلى شرح الحدث: «في الفندق تجرى مفاوضات سلام بين سوريا وإسرائيل، وحصل خلاف لأن طائرة الوفد الإسرائيلي تأخرت»!
أهل مونترو لا يكترثون. لكن بعضهم بدا مذهولاً أمس لأن باصاً لنقل الركاب رُكن «بالعرض» لإقفال مستديرة رئيسية في البلدة. على الباص إعلان من ثلاث صور، تظهر ثلاثة أشخاص على ظهور الخيل، تحت كلمة «متمردة». التمرد هنا بلا تفجير ولا دماء ولا قطع رؤوس. التمرد هنا لسائق دراجة نارية، وسيدة أعمال، ولشابة ترتدي ثياباً مثيرة يركبون الأحصنة، ويبدون سعداء. بعض سكان مونترو كانوا يلتقطون صوراً للحافلة، سعداء أيضاً.