تتحرك موسكو بخطوات سريعة على مسار تعزيز أمن الأجواء المحيطة بقواعدها العسكرية في سوريا، الذي افتتحه إعلان تسليم منظومة «S-300» إلى الجانب السوري. فبعد يوم واحد فقط من بيان وزارة الدفاع، بدأت تخرج معلومات عن وصول الدفعة الأولى من «منظومات الحرب الإلكترونية» التي ستتولى - حين تفعيلها - مهمة التشويش على أنظمة الصواريخ والطائرات التي يحتمل أن تهاجم مواقع داخل سوريا، وتشكل تهديداً لأمن العسكريين والمنشآت الروسية. ووفق المعلومات التي نشرتها صحيفة «إزفيستيا» الروسية، فقد وصلت هذه الشحنة إلى قاعدة حميميم على متن طائرة شحن عسكرية من طراز «IL-76»، وهو ما يتقاطع مع ما نشره عدد من المواقع والنشطاء المهتمين برصد حركة الملاحة الجوية، عن وصول طائرة الشحن أول من أمس إلى حميميم انطلاقاً من قاعدة موزدوك في أوسيتيا. السرعة والفعالية الروسية في تنفيذ «توجيهات» الرئيس فلاديمير بوتين، استدعت نشاطاً إسرائيلياً غير اعتيادي، فبعد الاتصال الذي جمع بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول من أمس، اجتمع الأخير مع «الكابينت» ليخرج بعدها بتصريحات تشير إلى «تفاهمه» مع بوتين على «عقد اجتماع في القريب العاجل» لمجموعات العمل العسكرية الروسية - الإسرائيلية، من أجل ضمان «التنسيق بين الجيشين في سوريا». ولم يخرج أمس عن المصادر الرسمية الروسية ما يؤكد أو ينفي التفاهم على هذه الاجتماعات المفترضة. وقد يكون العنصر الأبرز في حديث نتنياهو، تشديده على أن الجانب الإسرائيلي سوف «يتابع التحرك ضد تعزيز الوجود الإيراني في سوريا»؛ وهو ما قد يُقرأ تلميحاً إلى أن الخطوة الروسية الأخيرة لن توقف الغارات الإسرائيلية على مواقع داخل سوريا. وفي تعليق لافت في شأن التوتر الإسرائيلي - الروسي على خلفية سقوط الطائرة الروسية «IL-20»، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي والقائد السابق للقوات الجوية الروسية، فيكتور بونداريف، لصحيفة «روسيسكايا غازيتا» إن بلاده «يجب أن تفضّل حماية عسكرييها على العلاقة مع إسرائيل»، مضيفاً أن «الجانب الإسرائيلي هو من يجب أن يقلق في شأن الحفاظ على علاقة طيبة معنا».
«كوميرسانت»: سيجري تسليم وحدتين من المنظومة في المرحلة الأولى


ووسط تأكيدات متكررة من روسيا أن تسليم منظومة «S-300» إلى سوريا «ليس موجهاً ضد بلدان ثالثة، بل لضمان أمن القوات الروسية»، أفادت صحيفة «كوميرسانت» الروسية بأن المنظومة (عقب نشرها) سوف «تغطي مناطق الساحل السوري، إلى جانب المنطقة الحدودية مع لبنان والعراق وإسرائيل». وأوضحت نقلاً عن مصدر مطّلع، أن عدد الوحدات التي سيتم تسليمها إلى الجانب السوري سيكون «مرتبطاً بالظروف»، على أن يبدأ تسليم وحدتين من المنظومة في المرحلة الأولى ليضاف إليها لاحقاً وحدتان جديدتان، ويبقى المجال مفتوحاً لرفع العدد حتى 8 وحدات. وفي سياق متصل بعدد الوحدات ومُهل تسليمها، كان لافتاً أن الناطق باسم «الكرملين» ديميتري بيسكوف، رفض التعليق على سؤال حول ما إذا كانت دمشق ستدفع ثمن المنظومة، أم أن نشرها سيتم من دون مقابل مباشر. ونقلت «كوميرسانت» عن الخبير العسكري الإسرائيلي أندريه كوزينوف، قوله إن «الافتراض بأن تسليم منظومة الصواريخ إلى سوريا لن يعقد العلاقة بين روسيا وإسرائيل، ليس واقعياً»، لافتاً إلى أنه بعد تفعيل المنظومة «سيكون لدى السوريين ضوء أخضر بإسقاط أي طائرة إسرائيلية، وسيكون متاحاً لهم التحكم بالمجال الجوي وصولاً إلى مطار بن غوريون».
وفي حال قرر الجانب الإسرائيلي المضي قدماً في استهداف مواقع سورية خلال الفترة القريبة المقبلة، فإن احتمالات تعرض طائراته لخطر الاستهداف من الدفاعات الجوية السورية ستكون أكبر بعد تنشيط منظومة «S-300». وفي هذا السياق، قال كوزينوف في حديثه إلى «كوميرسانت» إن «إسرائيل كانت تطوّر طرقاً لتضليل منظومة (S-300) لسنوات طويلة». ويتقاطع هذا مع مضمون تقرير نشرته وكالة «رويترز» في العام 2015، نقلت فيه عن مصادر عسكرية وديبلوماسية، تأكيدات بأن إسرائيل سبق واختبرت سبلاً للتغلب على نظام «S-300». وأوضحت أن النظام الذي بيع إلى قبرص منذ 21 عاماً، ووصل بعدها إلى جزيرة كريت اليونانية، تم تنشيطه خلال تدريبات مشتركة بين القوات الجوية اليونانية والإسرائيلية في نيسان وأيار من العام 2015. ووفق المصادر، فإن ذلك سمح باختبار كيفية عمل نظام القفل وآلية جمع البيانات على رادار التتبع، وإمكانيات «إعمائه» أو خداعه، مضيفة أن اليونان فعلت ذلك بناء على طلب الولايات المتحدة «في مناسبة واحدة على الأقل». وعلّق الخبير العسكري الروسي إيغور سوتياغين، حينها، بالقول إن «معرفة تلك التفاصيل يسمح بتكرار إشارة المنظومة نفسها، وإعادتها، ما يجعل مشغل الرادار يرصد عدداً كبيراً من الأهداف الوهمية».