بعد أربع سنوات وأربعة أشهر من الانغماس في تفاصيل الملف السوري، قرر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ترك منصبه «لأسباب شخصية فقط». الديبلوماسي السويدي - الإيطالي كان قد أكد في مناسبة سابقة أنه لن يغادر عمله «المتعِب» إلا لسبب من اثنين: رغبة الأمين العام للأمم المتحدة في إنهاء ولايته، وطلب زوجته. ووفق حديثه أمس أمام مجلس الأمن، فهو سيترك الملف إلى خَلفٍ غير محدد بعد، في نهاية شهر تشرين الثاني المقبل، بعد أن يقوم بمحاولة أخيرة لإنجاز خطوة واضحة على مسار إنشاء «اللجنة الدستورية». ويفترض أن تحمله محاولته هذه إلى دمشق الأسبوع المقبل، تلبية لدعوة من الجانب الحكومي، لنقاش النقاط العالقة حتى الآن.الأكيد أن مهمة المبعوث الأممي المقبل لن تكون سهلة، فالخبرة التي حصّلها دي ميستورا عبر نشاطه وفريقه مع الأطراف السورية والدولية، تطلّبت سنوات واجتماعات لا تعدّ، لتصل إلى ما هي عليه اليوم. ورغم أن «مسار جنيف» لم يحرز تقدماً ملموساً في إنجاز «الحل السياسي»، إلا أن دي ميستورا بات يملك تصوّراً واضحاً، للفارق بين الممكن والمرغوب من قبل الأطراف، قد لا يتوافر في خليفته. الأسماء البديلة المطروحة بين الأوساط الأممية تنحصر حتى الآن بين أربعة ديبلوماسيين، إلا أن ذلك لا يعني أن الأمين العام قد يخرج باسم مختلف لاحقاً. وتضم قائمة المرشحين المفترضين كلاً من المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، والمبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيتش، إلى جانب وزير خارجية الجزائر السابق رمطان لعمامرة، وسفير النرويج في الصين غير بيدرسون. وينتظر أن تشهد الأسابيع التي تفصلنا عن موعد انتهاء ولاية دي ميستورا، نشاطاً لافتاً للأخير مع الأطراف السورية، والدول المعنية، في محاولة لإقفال ملف تشكيلة «اللجنة الدستورية» قبل كانون الأول المقبل. وبينما اتُّفق على الأسماء المرشحة عن ثلثي المعارضة والحكومة، لا يزال الخلاف على الثلث الأخير المخصص للمجتمع المدني. الاعتراض الأهم هو من قبل دمشق وحلفائها، على ولاية الأمم المتحدة في تشكيل هذا الثلث الذي يفترض أن يتضمن شخصيات و«ممثلين عن منظمات مدنية من كافة الأطياف السورية». وتعمّق الخلاف بعد بيان صدر عن «المجموعة المصغّرة» تبنى طرح «اللجنة الدستورية» ولكنه ركّز على ضرورة إشراف الأمم المتحدة على كامل الملف، بما في ذلك التشكيل وآليات العمل. وفي السياق نفسه، دعت الولايات المتحدة الأميركية أمس إلى تحديد موعد لتشكيل تلك اللجنة وعقدها، وأكد نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جوناثان كوهين، أن «اللجنة ستضع الأساس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، بإشراف الأمم المتحدة... انتخابات مفتوحة أمام جميع السوريين المؤهلين، بمن فيهم من أُجبروا على الفرار من بلدهم». واتهم الجانب الحكومي وحلفاءه، بتعطيل «المسار السياسي» عبر «تأخير جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى إجماع وحل سياسي». وبينما لمّحت روسيا سابقاً إلى ضرورة عدم الاستعجال في تأليف اللجنة، أكد، أمس، أنه سيعقد اجتماعاً مع ممثلين عن روسيا وإيران وتركيا، قبل نهاية الشهر الجاري، لبحث ملف التشكيل. وأتى ذلك في وقت صرّح فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جايمس جيفري، بأن «سحب الأسلحة الثقيلة اكتمل وفقاً لكل الروايات... هناك بعض التساؤلات بشأن ما إذا كان كل المنتمين لهيئة تحرير الشام قد غادروا».