محمد مروان غازي* تحية | رجاء الناصر هو أحد رجالات السياسة السورية في العقود الثلاث الماضية، وهو ذو تاريخ كبير في مجالات مختلفة. فهو القاضي الذي عمل لسنوات في المحاكم العمالية في دمشق، وكانت قراراته في غالبيتها تصب في مصلحة العمال ونتيجة لقناعاته ووقوفه المبدئي إلى جانب العمال وحقوقهم.

ثم هو المحامي الناجح الذي عمل بجدّ من أجل اثبات وجوده في المهنة واستمراره بالدفاع عن الحقوق، بعد أن أجبر على تقديم استقالته من القضاء من قبل الأجهزة الأمنية في ذلك الوقت.
وهو السياسي البارز في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي العربي منذ أن كان طالباً في المرحلة الثانوية، معتنقاً الفكر الناصري منهجاً في الحرية والاشتراكية والوحدة. وخاض نضال مرحلة الستينيات من أجل إعادة الجمهورية العربية المتحدة، وانتقل النضال الوطني بعد هزيمة حزيران 1967 إلى مرحلة إزالة أثار العدوان، والتي اقتضت إقامة جبهة وطنية من أجل تنفيذ شعار «كل شيء من أجل المعركة»، فكان أن واجه النظام هذه الجبهة باعتقال قيادات العمل الوطني، ومنهم قيادات حزب الاتحاد الاشتراكي العربي.
بعد خروجه من حزب الاتحاد قام الناصر بتشكيل التنظيم الشعبي الناصري، وكان على رأس قيادته إلى وقت ملاحقة التنظيم عام 1986، حيث جرت اعتقالات كبيرة في صفوف التنظيم شملت معظم قياداته والعديد من كوادره الأساسية، وتوارى الناصر عن الأنظار مع بعض القيادات المتبقية داخل وخارج القطر.
ولم يمنع التواري من عمله على إعادة الحياة لهذا التنظيم، وقد نجح في ذلك وعاد هذا التنظيم إلى الفعل السياسي مما لفت نظر أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي لنشاطه وجرى ترشيحه لعضوية التجمع.
وكان رأي المرحوم الدكتور جمال الاتاسي، الذي كان أميناً عاماً لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي وبنفس الوقت أميناً عاماً للتجمع، أنّ من الخطأ وجود تنظيمين ناصريين في التجمع ودعا إلى وحدة التنظيميين، وهو ما تمّ فعلاً.
وعاد الأستاذ رجاء ومعظم أعضاء التنظيم إلى صفوف الحزب الأم للحركة الناصرية السورية، ومارس عمله ضمن هذا الحزب حتى تاريخ اعتقاله وكان عضواً في مكتبه السياسي وأميناً للجنته المركزية.
وبقي الناصر يمارس دوره السياسي في العمل الوطني السوري حتى قيام الثورة السورية، وكان حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي من أوائل من وقف إلى جانب الثورة مع معظم أحزاب التجمع الوطني، معلنين ومطالبين باستمرار المسيرة السلمية للثورة. وكان الناصر وقيادات من الحزب والتجمع في طليعة التظاهرات والاعتصامات التي كانت تجري في حلب الشهباء، وكان يلقي الخطب الموضوعية التي تعبّر عن أهداف الثورة السورية.
وأمام استمرار الثورة ومحاولة حرفها عن بوصلتها وأهدافها وجرّها إلى التسلح وظهور الدعوات الطائفية والمطالبة بالتدخل الخارجي، تداعت القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية إلى عقد المؤتمر التأسيسي لهيئة التنسيق الوطنية، وكان الناصر من اللجنة التحضيرية للمؤتمر وفي لجنة الصياغة، ثم عضواً في المكتب التنفيذي وأخيراً أميناً للسر فيها. ومن خلال موقعه ساهم في الاعداد وانجاح المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية.
ولم يمنعه عمله السياسي عن ممارسة الكتابة، فكان من الكتّاب السياسيين الناجحين، إضافة لذلك كان له بعض المؤلفات مثل كتاب ثقافة المقاومة وملفات القضاء وكتاب دلالات الواقع العربي.
كذلك ساهم الناصر في تأسيس الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية أثناء العدوان الصهيوني على غزة، وكان رئيساً لمجلس إدارتها لمدة أربع سنوات ثم انتخب رئيساً لهيئة المؤسسين فيها.

* عضو في حزب «الاتحاد الاشتراكي» ومعتقل سابق