لا يريد الأميركيون «كسر الجرّة» مع أنقرة. رغم القصف التركي المتكرّر لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية»، لم يتّخذ الأميركيون موقفاً حازماً «حقيقياً» من تركيا. الدوريات المشتركة بين الجنود الأميركيين ومقاتلي «قسد»، على الحدود التركية ـــ السورية، طمأنت القيادة الكردية من جهة، لكنّها قوبلت برفض تركي رسمي جاء على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان. وفي خطوة تجاه أنقرة، أعلنت الولايات المتحدة، اليوم، تخصيص مكافآت مالية لمن يدلي بأيّ معلومات عن ثلاثة قادة في حزب «العمال الكردستاني»، الذي تصنّفه تركيا ودول أخرى في قائمة التنظيمات «الإرهابية».التجاذب «التركي ــ الأميركي»، ظهر واضحاً اليوم في تصريحات الرئيس التركي، إذ قال إنّ أنقرة «لا ترى العقوبات الأميركية المفروضة على إيران صائبة». وفي تصريحات صحفية اليوم، قال أردوغان: «لا نرى العقوبات على إيران صائبة، لأنّنا نعتبرها عقوبات ترمي إلى تقويض توازن العالم». وشدّد الرئيس التركي على أنّ العقوبات على إيران «تتعارض مع القانون الدولي والدبلوماسية»، مضيفاً: «نحن لا نريد العيش في عالم إمبريالي». ولا تخرج هذه التصريحات عن سياق الملفات المشتركة، بين أنقرة وطهران وواشنطن، خصوصاً الملف السوري، الذي يؤدّي فيه الثلاثة أدواراً فاعلة. وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس التركي أن الدوريات الأميركية ــ الكردية المشتركة قرب الحدود التركية ــ السورية، «أمر غير مقبول»، مضيفاً أنّه «يتوقّع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يوقفها». وأشار إلى أنه سيبحث مع ترامب في باريس، في لقاء قريب، الدوريات التي تنفّذها الولايات المتحدة و«قسد» المتحالفة معها، والتي ستسبّب، بحسب قوله، «تطوّرات سلبية جداً» على طول الحدود.
في مقابل ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، روب مانينغ، في المؤتمر الصحفي اليومي، أنّ «الولايات المتحدة نظّمت دوريات مع الوحدات الكردية شمال شرقي سوريا»، بعد استهداف القوات المسلحة التركية مواقع لتنظيم «قسد» بقصف مدفعي. وقال مانينغ: «القوات الأميركية، بدأت يوم الجمعة الماضي بتسيير دوريات تأمينية بطول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، وذلك مع شركائنا في «قسد»». وشدّد على ضرورة أن «تركّز كافة الأطراف على هزيمة تنظيم داعش». وتابع قائلاً: «هذه الدوريات ليس لها أي جدول زمني أو تنظيم ما. وهي ستحقّق الأمن في المنطقة لنا، ولشركائنا في «قسد»، ولتركيا أيضاً». ولفت الى أن القوات التركية والأميركية، بدأت دوريات مشتركة في منطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي، بهدف «التركيز على هزيمة تنظيم «داعش»». من جانب آخر، قال سيان روبرتسون، أحد متحدثي «البنتاغون»، إن بلاده «لا تقوم بأي دوريات أخرى بالقرب من منبج غير تلك التي تجريها مع تركيا».
وفي خطوة غير مسبوقة، وبحسب بيان نشرته السفارة الأميركية في أنقرة، على موقعها الإلكتروني، فقد أقرّت وزارة الخارجية الأميركية منح تعويضات مالية لمن يقدّم معلومات قد تقود إلى تحديد هوية أو أماكن وجود ثلاثة قادة في «العمال الكردستاني»، وهم: مراد كارايلان (ما يصل لـ5 ملايين دولار مقابل أي معلومات عنه)، وجميل باييك (ما يصل لـ4 ملايين دولار مقابل أي معلومات عنه)، ودوران كالكان (ما يصل لـ3 ملايين دولار مقابل أي معلومات عنه). وجاء إعلان هذه المكافآت المالية، عقب الزيارة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والأوراسية، ماثيو بالمر، لأنقرة خلال اليومين الماضيين، والتقى خلالها بعدد من المسؤولين الأتراك.
رداً على الخطوة الأميركية، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إنّ بلاده تنظر «بحيطة» إلى رصد هذه المكافآت، مشيراً إلى أن «الخطوة متأخرة، لكنّها ليست خالية من الفائدة».