تزيد أنقرة، يومياً، من حدّة مواقفها تجاه القوات الكردية الموجودة شرقي الفرات شمالي سوريا، امتداداً من النهر حتى الحدود مع تركيا شمالاً. وبعدما هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكثر من مرة الأسبوع الماضي، بالهجوم على القوات الكردية، مدعّماً تهديداته بجولات قصف نفّذها الجيش التركي على مواقع «قسد»، عمدت القوات الأميركية إلى تسيير دوريات مشتركة، مع القوات الكردية، على طول الحدود مع تركيا، وذلك لمنع أي عمل عسكري في المنطقة. رفض الأتراك الخطوة الأميركية، وندّدوا بها. ثم عادت الولايات المتحدة أمس، لتعلن عبر سفارتها في أنقرة، منح مكافآت مالية مقابل معلومات عن ثلاثة من قادة «العمال الكردستاني»، في محاولة للتقرب من أكثر من المقاربة التركية لملف القوات الكردية.اليوم، قال الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن بلاده لن تسمح على الإطلاق بظهور كيان إرهابي يستهدفها، شرقي نهر الفرات. وشدّد في مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع لأعضاء الحكومة في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة، على أن «كل دعم يقدَّم لتنظيم الوحدات الكردية، هو كذلك لمنظمة «بي كا كا» (حزب العمال الكردستاني) الإرهابية، بنحو مباشر أو غير مباشر»، في إشارة إلى المكافآت المالية التي رصدتها واشنطن في مقابل معلومات عن قيادات في «الكردستاني». وتابع قالن: «لا يمكن أبداً قبول حجة أن التدابير المتّخذة ضدّ أهداف الوحدات الكردية، وبالتالي «بي كا كا» (العمال الكردستاني)، من شأنها إضعاف عملية مكافحة تنظيم داعش الإرهابي»، مؤكداً أن بلاده تتطلّع بالدرجة الأولى إلى أن «تُنهي الولايات المتحدة، كامل ارتباطها مع الوحدات الكردية، التي تمثّل امتداداً سوريا لمنظّمة إرهابية».
وفي سياق متصل، استهدفت غارات جوية شنّها «التحالف الدولي»، يوم أمس ، مقاتلي «داعش» الذين كانوا يحاولون الهجوم على حقل الأزرق النفطي، الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديموقراطية»، في شمال بلدة هجين التي لا تزال خاضعة لسيطرة التنظيم. وأشار المرصد المعارض، إلى أن «قسد»، اضطرت إلى الردّ على الهجوم، على الرغم من إعلانها وقفاً «موقتاً» لعمليتها العسكرية المدعومة من التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش». وكان الناطق باسم «قسد»، كينو غابريل، قد أوضح أخيراً لوكالة «فرانس برس»، أنه رغم تعليق الهجوم على التنظيم، فإن «العمليات الدفاعية لن تتوقف».

المبعوث الأميركي: نأمل تساهل موسكو مع إسرائيل في سوريا
من جهة أخرى، اعتبرت الولايات المتحدة أن الأوضاع في سوريا «لا تزال خطيرة، على الرغم من الهدوء النسبي الذي يسود حالياً»، وذلك بسبب «عمل قوات عسكرية من 5 دول أجنبية على أراضي هذا البلد العربي». وقال المبعوث الأميركي الخاص المعني بالشؤون السورية، جيمس جيفري، في مؤتمر صحافي عقده عبر الهاتف: «الوضع الحالي في سوريا خطير، وتهدف خطواتنا الفورية إلى إرساء الاستقرار هناك، ومن ثم العمل على إيجاد حل طويل الأمد». وذكّر المسؤول الأميركي بأن على الأراضي السورية، في الوقت الراهن، قوات عسكرية من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل. وأوضح: «(أننا) نفهم أن قوات عسكرية من 5 دول يعمل بعضها في سوريا مباشرة قرب بعض، وهذا الأمر يجعل هذا النزاع خطيراً جداً مع أن الأوضاع هادئة في الوقت الراهن». وشدّد مبعوث الإدارة الأميركية على أنّ «من بالغ الأهمية تحقيق تقدّم في سبيل إيجاد الحل السياسي للأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011».
جيفري عبّر كذلك عن أمل بلاده في أن «تواصل روسيا السماح لإسرائيل بضرب الأهداف الإيرانية» في سوريا، على الرغم من تزويد موسكو الحكومة السورية بمنظومة الدفاع الجوي «إس-300»، على خلفية حادثة إسقاط الطائرة الروسية «إيل ــ 20». وقال: «كانت روسيا متساهلة في مشاوراتها مع الإسرائيليين بشأن الضربات الإسرائيلية للأهداف الإيرانية داخل سوريا. نأمل بالطبع أن يستمر هذا النهج المتساهل». وأضاف: «إسرائيل لديها مصلحة وجودية في منع إيران من نشر منظومات قوى طويلة المدى داخل سوريا كي تستخدم ضدّ إسرائيل... ندرك المصلحة الوجودية وندعم إسرائيل». وذكر جيفري أن واشنطن تأخذ مخاوف الأتراك بشأن دعمها للمسلحين الأكراد «على محمل الجد»، مؤكداً أن دعم «قسد» اقتصر على تزويدها «بالسلاح الخفيف»، وهو ما قال إن بسببه «أبطأت العمليات الأخيرة ضدّ داعش».