أعلن الجيش السوري، اليوم، دخول قواته إلى منطقة منبج الواقعة تحت سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» في الشمال السوري، بعد وقت قصير من توجيه الوحدات الكردية دعوة إلى دمشق للانتشار في المنطقة لحمايتها من التهديدات التركية. تحرك الجيش السوري، وتفاهمه مع الوحدات الكردية بشأن منبج، لقي ترحيباً سريعاً ومباشراً من موسكو، التي يزورها غداً وفد تركي رفيع المستوى، لبحث مستجدات الوضع السوري، وأبرزها قرار الانسحاب الأميركي، ومسألة «الأكراد». كذلك، تستضيف العاصمة الروسية، قمة تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنظيريه التركي والإيراني، في إطار المباحثات حول سوريا، مطلع العام المقبل.وأورد الجيش السوري في بيان تلاه متحدث عسكري، ونقله الإعلام الرسمي السوري، أنه «استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها»، مؤكداً «إصراره على سحق الإرهاب ودحر كل الغزاة والمحتلين عن تراب سوريا».
من جهتها، أكّدت الناطقة باسم «قسد»، جيهان أحمد، أنَّ «قوات سوريا الديموقراطية» تؤيّد دخول الجيش السوري إلى منبج بهدف الحفاظ على سوريا، «لأن المكان الذي تدخله تركيا لا تخرج منه أبداً»، لافتة، في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إلى أنّ «قسد» تعمل مع دمشق على «سدّ الطريق أمام تركيا». وقالت: «نحن والنظام عائلة واحدة مثل أب وأولاده يحلّون مشاكلهم الداخلية دون تدخل أحد»، لافتةً إلى أن «هذا الاتفاق ينطبق على منطقة شرق الفرات».
وفي روسيا، شدّد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في تصريح صحافي، على أنّ «دخول القوات الحكومية إلى منبج ورفع العلم الوطني السوري فيها يمثّل، من دون أدنى شك، خطوة إيجابية ستسهم في استعادة استقرار الوضع في البلاد». وأعرب عن «ارتياح موسكو إزاء توسيع قوات الحكومة السورية مناطق سيطرتها»، معتبراً ذلك «نزعة إيجابية».
وأكد الناطق الروسي أنّ الاجتماع المقرر غداً السبت في موسكو بين وزيري الخارجية والدفاع التركيين، مولود جاويش أوغلو وخلوصي آكار، ونظيريهما الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، «سيتطرّق إلى مسألة منبج وخطط أنقرة لشنّ عملية عسكرية شرقي الفرات»، وذلك بهدف «توضيح الأمور وتنسيق الخطوات والتوصّل إلى التفاهم بشأن تطوّرات الأوضاع في سوريا لاحقاً».
في سياق متّصل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن «دورنا لاستضافة قمة الدول الثلاث الضامنة، بين الرئيسين التركي والإيراني ورئيسنا قد حان. وتمّ التوافق على عقدها في مطلع الأسبوع الأول من السنة، ويتوقف ذلك على أجندة الرؤساء».
تعليقاً على إعلان الجيش السوري، اعتبرت تركيا أنّه «لا يحقّ» لوحدات حماية الشعب الكردية، أن تطلب من الجيش السوري دخول منطقة منبج في شمال سوريا لحمايتها من التهديدات التركية. وقالت وزارة الدفاع التركية إنّ الوحدات الكردية «التي تسيطر على المنطقة بقوّة السلاح ليس لها الحقّ أو السلطة بأن تتكلّم باسم السكّان المحليّين أو أن توجّه دعوة لأيّ طرف كان»، محذّرة كلّ الأطراف من مغبّة القيام «بأيّ عمل استفزازي».
في الإطار نفسه، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن دخول الجيش السوري منطقة منبج قد يكون تحركاً الهدف منه «نفسي»، مضيفاً: «قد يكونون رفعوا علمهم، لكنّنا لا نعرف بيقين ما يجري هناك». وأشار إلى أن أنقرة لن يبقى لديها ما تفعله في منبج فور مغادرة «المنظمات الإرهابية» المنطقة، ملمحاً إلى أن بلاده ليست متعجلة لتنفيذ العملية العسكرية شرقي الفرات. وقال للصحافيين بعد صلاة الجمعة في اسطنبول: «في ظل الوضع الراهن، ما زلنا ندعم وحدة التراب السوري. هذه المناطق تنتمي إلى سوريا وفور أن تغادرها المنظمات الإرهابية، لن يبقى لدينا ما نفعله هناك».
وكانت تركيا قد أرسلت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، وأخرى دخلت إلى الأراضي السورية بالقرب من خطوط التماس مع «قوات سوريا الديموقراطية» في محيط مدينة منبج. كما عززت الفصائل المسلحة السورية، الموالية لأنقرة، وجودها عند خطوط التماس بينها وبين «قسد»، وذلك بعد أكثر من أسبوع على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره سحب قوات بلاده من سوريا.