بعد الانفجار الذي قتل وجرح عدداً من العسكريين الأميركيين، إلى جانب مدنيين وعسكريين آخرين في منبج، اتجهت الأنظار إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في انتظار ما قد يصدر عنه من مواقف تعكس أصداء هذه الواقعة في أروقة واشنطن. وفي ضوء انشغال ترامب في معارك سياسية داخلية مهمة، كان أبرز ما نُقل عنه في هذا الشأن، هو تأكيده أمام عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الالتزام بقرار سحب قوات بلاده من سوريا، من دون أي تأثير لما جرى في منبج على هذا المسار. ورغم عدم صدور أي تفاصيل توضح ملابسات الانفجار أو هوية المسؤول المباشر عن تنفيذه، أو تسهيل ذلك، فإن «مجلس منبج العسكري» لمّح في بيان إلى تورط عناصر عملوا مع فصائل تحظى بدعم تركيّ، في التخطيط لعمليات مماثلة داخل المدينة. وبالتوازي، أكدت أنقرة استعدادها لتقديم المساعدة للجانب الأميركي في مساعيه لـ«كشف الجهة التي تقف خلف الهجوم» في حال تلقّت طلباً بذلك. ولفت وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو إلى أن «وجود الجماعات الإرهابية لا ينبغي أن يؤثر على تصميمنا، والقرارات التي نتخذها».العين على «انفجار منبج» تراقب تبعاته المفترضة على مسار الانسحاب الأميركي وإنشاء «المنطقة الآمنة»، والتي تشير التصريحات المقتضبة من مسؤولين أميركيين وأتراك إلى أنها لن تحدث. فالمشاورات حول آليات تطبيق المقترح الأميركي مستمرة بين العسكريين والديبلوماسيين، رغم حجم التعقيدات التي يجب حلّها لنقل المشروع من الورق إلى أرض الواقع. وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن المباحثات ستحدد ما إذا كان هناك «تطابق أو اختلاف» بين مقاربتي تركيا والولايات المتحدة بشأن «طبيعة المنطقة الآمنة». ونقلت أوساط إعلامية تركية، أمس، أن مسؤولين أميركيين يبحثون مع نظرائهم من فرنسا وبريطانيا، خطط إدارة مناطق شمال شرق سوريا، في ضوء مشروع «المنطقة الآمنة» وبعد الانسحاب المفترض. ويركز جانب كبير من تلك النقاشات على هوية الجهة التي ستدير وتحمي تلك المنطقة الحدودية. وتساوق ذلك مع تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستظل «ملتزمة عسكرياً تجاه بلاد الشام في التحالف الدولي خلال العام المقبل». وقال ماكرون إن «الانسحاب المعلن من سوريا لصديقنا الأميركي يجب ألا يحرفنا عن هدفنا الاستراتيجي: القضاء على داعش بحرمان هذه المنظمة الإرهابية من أي موطئ قدم ومنع ظهورها مجدداً».
يلتقي المبعوث الأممي الجديد «هيئة التفاوض» المعارضة في الرياض


وبالتوازي، قالت صحيفة «صباح» التركية المقرّبة من السلطات، إن أنقرة تفضّل أن يكون إنشاء تلك «المنطقة الآمنة» ضمن إطار ترعاه الأمم المتحدة أو «حلف شمال الأطلسي»، بما يزودها بنوع من «الشرعية الدولية»، على أن يتم تحديد الجماعات التي ستحمي المنطقة على الأرض من قبل أنقرة وواشنطن. وأعادت مصادر الصحيفة الحديث عن مشاركة محتملة لقوات «بيشمركة روج آفا» في حماية المناطق الكردية، فيما تتولى الفصائل العربية ضمن «قوات سوريا الديموقراطية» حماية مناطق ذات غالبية عربية مثل بلدة تل أبيض. وكان لافتاً أن أوساطاً إعلامية تركية لمّحت أمس إلى أن روسيا تدعم إنشاء تلك المنطقة بإدارة تركية، فيما تنتظر الوصول إلى «تسوية ملائمة» في شأن منطقة إدلب ومحيطها. وتوقعت تلك الأوساط تأكيد التفاهمات الروسية ـــ التركية حول «مكافحة الإرهاب» في سوريا، على أن تنعكس على الأرض في كل من إدلب وشرق الفرات بالتوازي. وينتظر أن تكشف الزيارة المرتقبة لأردوغان إلى موسكو إن كان هذا الحديث يجانب الصحّة، خاصة أن تحركات لافتة لسلاح الجو الروسي سُجّلت فوق مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» في كل من إدلب وحلب، في موازاة وصول تعزيزات كبيرة للجيش السوري إلى ريف حماة الشمالي.
وبالتوازي، ومع إعلان الأمم المتحدة مراقبتها التطورات في إدلب ومحيطها «عن كثب لضمان استمرار العمل الإنساني المستقل والمحايد»، يلتقي المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسن، اليوم، ممثلين عن «هيئة التفاوض» المعارضة في العاصمة السعودية، الرياض. وبينما أعرب رئيس «الهيئة»، نصر الحريري، عن أمله في أن يتمكن بيدرسن «من تخطّي العثرات التي اعترضت مساعي سلفه» ستيفان دي ميستورا، أكد بيدرسن أنه «سيزور دمشق بشكل منتظم لمناقشة نقاط الاتفاق وتحقيق تقدم في تناول المسائل الخلافية»، موضحاً أنه أكد في اجتماع بنّاء مع وزير الخارحية السوري وليد المعلم، «الحاجة إلى حل سياسي على أساس القرار الأممي 2254 الذي يشدد على سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، ويدعو إلى حل سياسي بملكية وقيادة سورية، تيسّره الأمم المتحدة».