على مجموعة واسعة من الأهداف الموزعة على محافظتَي دمشق وحمص، شنّت طائرات العدو الإسرائيلي، فجر الإثنين، هجوماً مكثّفاً بصواريخ موجّهة ودقيقة. على امتداد ما يقارب ساعة، ظلّت الدفاعات الجوية السورية تحاول التصدي لصواريخ العدو المتوجهة نحو أهداف «سورية ـــ إيرانية» عسكرية مشتركة. وبينما وصلت غالبية الصواريخ إلى أهدافها، انحرفت أخرى وسقطت في أحياء سكنية، مخلّفة عدداً من الشهداء المدنيين.ليس جديداً أن يستغل العدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية لتَعبُر من خلالها طائراته وصواريخه نحو أهداف في الأراضي السورية. ولولا أن خريطة أهداف جولة ليل الأحد ـــ الإثنين بدت واسعة ولافتة، وأن نوع الصواريخ المستخدمة كان مختلفاً، لما ظهر أن الحدث علامة فارقة، ولما استدعى بيانات روسية عاجلة أكدت أن «لا صلة بين محادثات الرئيسين الروسي والأميركي وبين الغارات الأخيرة». الأكيد أن جولة الاستهداف الإسرائيلية هذه أتت متقدمة على سابقاتها، إذ سجّلت أوسع استهداف مباشر لمواقع القوات الإيرانية، منذ الإغارة الإسرائيلية على مطار «T4» في محافظة حمص في نيسان/ أبريل من العام الماضي، حيث أدى الهجوم إلى مقتل عدد من العسكريين الإيرانيين.
موسكو: لا صلة بين محادثات الرئيسين الروسي والأميركي وبين الغارات


بعد منتصف الليل بعشرين دقيقة تقريباً، اخترقت خمس طائرات حربية إسرائيلية الأجواء اللبنانية من جهة البحر باتجاه الشمال وصولاً الى أجواء مدينة الهرمل، حيث أطلقت عدداً من صواريخ «كروز» من طراز «دليلة» الإسرائيلي نحو أهداف في ريفي دمشق الشمالي وريف حمص، ومن ثم غادرت الطائرات المهاجمة ناحية البحر، لتعاود أربع طائرات أخرى اختراق الأجواء اللبنانية نحو مدينة صيدا ثم راشيا، وترسل صواريخها باتجاه أهداف في جنوب العاصمة دمشق، بحسب ما سجّلت مراقبة الجيش اللبناني. حاولت الدفاعات الجوية السورية التصدي للهجمات الإسرائيلية، وانطلقت المضادات السورية المختلفة، وبينها منصات «بانتسير أس 2» و«أس 200»، نحو الصواريخ المعادية، من دون أن تنجح في ذلك نسبياً، حيث سُجِّل إسقاط صاروخ واحد في ريف دمشق، وانحراف صاروخين آخرين، بينما وصلت الصواريخ الإسرائيلية الباقية إلى أهدافها التي تخطت العشرة.
وشملت الأهداف التي توزعت بين محافظتي دمشق وحمص ثكنة الفرقة الأولى في الجيش السوري في منطقة الكسوة جنوب دمشق، ومقارّ تتبع «اللواء 91» جنوب دمشق أيضاً، إضافة إلى مركز البحوث العلمية في جمرايا في ريف دمشق الشمالي الغربي، وهدف آخر في الديماس، وأهداف أخرى في الريف الجنوبي. أما في حمص، فقد استُهدف مركز البحوث العلمية في قرية أم حارتين في الريف الغربي، ومطار عسكري في الريف الجنوبي قرب مدينة القصير على مقربة من الحدود مع لبنان. وإلى جانب ما تقدم، استهدفت الطائرات مرابض للدفاع الجوي شاركت في التصدي للصواريخ المعادية. وتشير مصادر سورية مطلعة، في حديث إلى «الأخبار»، الى أن «معظم المواقع التي استهدفها العدو هي إما مواقع تنتشر فيها قوات إيرانية، أو مواقع يشغلها الجيش ولكن فيها مخازن أسلحة للإيرانيين». وتضيف المصادر أن «المستشارين العسكريين الإيرانيين أخلوا النقاط والمراكز قبل استهدافها بوقت قصير، ولم تسقط لهم أي إصابات في الأفراد».


وفي ظل صمت رسمي مطبق في تل أبيب، استرسلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، في الحديث عن جولة القصف الليلية. وفي تقرير للكاتب والمحلل الإسرائيلي، رون بن يشاي، نشره موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أكد الكاتب أن جولة القصف انصبّت على أهداف لها علاقة بـ«تزويد حزب الله بالصواريخ»، مشيراً إلى أنه تم تأسيس هذا العمل في سوريا، لأن «من الصعب نشر عدد كبير من الصواريخ في لبنان». ويلفت التقرير الإسرائيلي إلى أن «مسحاً سريعاً للخريطة السورية يظهر أن جميع الأهداف التي تعرّضت للهجوم تقع على بعد 30 إلى 40 كيلومتراً من حدود لبنان». ويمكن الاستنتاج من الحديث الإعلامي الإسرائيلي، وطبيعة الهجوم والأهداف، أن المستهدف في الجولة الأخيرة هو باختصار «القدرات الصاروخية للأصدقاء». وفي هذا الإطار، يقول ضابط من قوات حلفاء دمشق لـ«الأخبار» إن «جولة القصف الأخيرة جاءت لتؤكد مرة أخرى أن الإسرائيليين لا تقنعهم مسافات ولا تراجعات، فهم كانوا يقصفون ويطلبون تراجع الإيرانيين 40 كلم عن الحدود مع الجولان المحتل، ثم 70 كلم، وها هم اليوم يقصفون ـــ وليست أول مرة ــــ أهدافاً تبعد أكثر من 160 كلم، ولن يتوقف الأمر عند مسافة محددة إذا لم يشعر العدو بخطورة اعتداءاته على أمن حدوده ومستوطناته».


سقوط صاروخ دفاع جوي في قبرص
أعلن مسؤولون في قبرص الشمالية، أمس، أن انفجاراً وقع فجر الإثنين في منطقة واقعة على بعد عشرات الكيلومترات من نيقوسيا عاصمة جزيرة قبرص المقسّمة، مرجّحة أن يكون سببه صاروخاً روسيّ الصنع أُطلق من سوريا وأخطأ هدفه. وأفاد وزير خارجية جمهورية شمال قبرص التركية، غير المعترف بحكومتها دولياً، عبر حسابه على «تويتر»، بأنه «بناءً على الاستنتاجات الأولية، سقط صاروخ روسي الصنع، أطلق من منظومة دفاع جوي تم تفعيلها خلال قصف جوي على سوريا».
(أ ف ب)