يلتقي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اليوم، رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، في محاولة لطمأنة تل أبيب إلى التزام واشنطن بالوقوف إلى جانبها في مواجهة أعدائها، على رغم قرار الانسحاب الأميركي من الشمال السوري، والخشية الإسرائيلية من تبعاته السلبية. وتأتي زيارة بومبيو القصيرة إلى إسرائيل في أعقاب إدانات صدرت عن مسؤولين إسرائيليين، ومن بينهم نتنياهو، للعملية العسكرية التركية ضد «قسد»، مع امتناع رسمي واضح وهادف عن انتقاد قرار الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من الشمال.في بيان وزارة الخارجية الأميركية الصادر الأربعاء، تمهيداً للزيارة، وردت إشارات دالة على أن الانسحاب من سوريا لا يعني انسحاب الولايات المتحدة من المعركة في مواجهة إيران، ما من شأنه إعادة بثّ الأمل في إسرائيل، بإمكان الحدّ من الخسارة على الساحة السورية، عبر الاتفاق على استراتيجية جديدة بين الجانبين لمواجهة عدو تل أبيب الأول، طهران. وجاء في البيان أن «من المتوقع أن يناقش الجانبان التطورات في سوريا، والحاجة المستمرة لمواجهة سلوك النظام الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة»، الأمر الذي أكدته مصادر إسرائيلية مسؤولة في حديث مع «القناة الـ13» العبرية بقولها إن «بومبيو سيطلع نتنياهو على السياسة الأميركية في سوريا، في أعقاب قرار سحب القوات الأميركية منها». من جهتها، ذكرت قناة «كان» العبرية، أمس، أن إسرائيل معنية بأن تسمع من بومبيو أمرين: أن الزخم الأميركي في مواجهة إيران لم يتغيّر، وأن قرار الانسحاب لا يشمل قاعدة التنف على مثلث الحدود العراقية الأردنية السورية، والتي تُعدّ «لازمة ميدانية» في مواجهة المشروع الإيراني للتواصل البري بين العراق وسوريا ولبنان.
بومبيو سيُطلع نتنياهو على السياسة الأميركية في سوريا


هل سيتمكن بومبيو من طمأنة إسرائيل؟ لا يبدو أن في جعبة الوزير الأميركي خيارات بديلة من شأنها تحقيق النتيجة نفسها التي يحققها الوجود العسكري الأميركي المباشر، وتحديداً في موازنة الوجود الروسي والحدّ من تبعاته، ولجم الاندفاعة الإيرانية والسورية ما بعد انتهاء المعارك الكبرى على الساحة السورية، إضافة إلى الحفاظ على الكيان الكردي، الشريك لإسرائيل في تطلعاتها وأهدافها في المنطقة. في هذا الإطار، يلفت موقع «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن الانسحاب الأميركي من سوريا ومن الشرق الأوسط بشكل عام يجرّد إسرائيل من حليف رئيس كان يمكن على الأقلّ أن يكبح إيران. ويضيف الموقع أن «استيلاء» روسيا على النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وهو النتيجة التي يراها في اليوم الذي يلي الانسحاب، لن يكون مفيداً لإسرائيل، إذ إن موسكو تفتقد القدرة والرغبة في التصدي للتهديدات التي تواجهها إسرائيل، وتحديداً تهديدات إيران والجماعات الموالية لها. بدورها، تحذر صحيفة «هآرتس» من «الانعطافة الاستراتيجية» للولايات المتحدة، والتي تفرض على إسرائيل دراسة تموضعها واستعداداتها وفقاً لقوتها الذاتية لمواجهة أعدائها في الشرق الأوسط. وتنبّه إلى أن التغيير الذي سينجم عن الانسحاب الأميركي من سوريا هو تغيير استراتيجي أكثر مما هو تغيير تكتيكي أو عملاني، فالولايات المتحدة تسرّع من انسحابها من الشرق الأوسط، وبالتوازي يتصاعد نفوذ إيران الإقليمي.
وكان السفير الأميركي السابق في إسرائيل، دان شابيرو، الباحث في «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب، حذر، في مقابلة مع «الإذاعة العبرية»، من التبعات السلبية لخطوة الانسحاب من سوريا، وقال إن إسرائيل ستكون وحدها لمواجهة قضاياها، وفي المقدمة التهديد الإيراني، طوال العام المقبل، إذ «من الواضح للجميع في المنطقة، بما في ذلك خصومنا، أن ترامب ليس مستعداً للقتال، وهو يريد أن يترك مشاكل المنطقة لأولئك الذين يعيشون فيها». ورداً على سؤال عمّا إذا كان ترامب «سيخون» أيضاً إسرائيل ويتخلى عنها، أجاب شابيرو: «بالتأكيد هناك دعم عميق لإسرائيل في الولايات المتحدة من الحزبين في الكونغرس. وترامب ليس لديه شيء ضد إسرائيل، لكنه لن يفعل أكثر ممّا ينبغي. فهو يوافق على كل الاتفاقات الموقّعة بينها وبين إدارة (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما، وسوف يستمر في التعاون في مجال الاستخبارات، لكن سيكون من الخطأ توقع مشاركته في استراتيجية إقليمية متطورة ومنسّقة مع إسرائيل».