يواصل الجيش السوري عملياته في محاور ثلاثة في ريفي حلب الغربي والجنوبي، وريف إدلب الجنوبي، محرزاً تقدماً كبيراً في الأخير. وتؤكّد كل المؤشرات والمعطيات المتوافرة أن دمشق وحلفاءها قد حسموا خيارهم بتطبيق بنود اتفاق سوتشي، المتعلقة بفتح طريق حماة ــــ حلب الدولي، عبر العمليات العسكرية، من دون العودة إلى سياسة المراوغة والتسويف التركية. وحتى ليل أمس، كان الجيش السوري قد تمكن من عزل معرة النعمان عن محيطها، باستثناء جهة واحدة، بالتوازي مع تمدّده شمالاً على الطريق الدولي نحو مدينة سراقب.حُسم القرار لدى القيادة السورية. لم يعد هنالك من مجال لمنح المزيد من الفرص للجانب التركي، لكي يطبّق تعهدات «اتفاق سوتشي»، الموقّع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، بخصوص منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب. أسلوب التسويف والمراوغة الذي اعتمده الجانب التركي، منذ أيلول/ سبتمبر 2018 حتى اليوم، لم يعد يقنع دمشق، ولا حليفتها موسكو. لم تلتزم أنقرة بالدور المنوط بها في الاتفاق، بإقامة منطقة منزوعة السلاح، وسحب المجموعات المسلحة المصنّفة «إرهابية» ــــ كـ«جبهة النصرة» مثلاً ــــ منها. كذلك، فشلت تركيا في الوفاء بالتعهد المتعلق باستعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين الدوليين حلب ــــ اللاذقية (M4)، وحلب ــــ حماة (M5) بحلول نهاية عام 2018، كما ينص «اتفاق سوتشي». وبعد مرور كل هذا الوقت، وانقضاء كل الفرص التي طلبتها أنقرة لتنفيذ تعهداتها، من دون أن تحرز أي تقدم حقيقي، اتٌخذ القرار بفتح الطريق الدولي حلب ــــ حماة (M5) عبر العمليات العسكرية، مع ما يترتّب على ذلك من تغيير كبير في السيطرة والانتشار، حيث سيصبح الجيش السوري في عمق محافظة إدلب، وعلى مقربة من مدينة إدلب، حيث المعقل الأساسي الأخير للفصائل المسلحة، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة). وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، فتح الجيش السوري 3 محاور قتالية أساسية: ريف حلب الغربي، وريفها الجنوبي، إضافة إلى استئناف عمليات ريف إدلب الجنوبي الشرقي، حيث وصلت القوات إلى الطريق الدولي، في المقطع الواصل بين مدينتي معرة النعمان وسراقب، وتمكنت من قطعه تماماً.
يوم أمس، واصل الجيش السوري تقدمه في محور ريف إدلب الجنوبي الشرقي، نحو مدينة معرة النعمان، ثاني أهم وأكبر مدن محافظة إدلب، بعد مركزها. وتمكّن الجيش من محاصرة معرة النعمان من 3 اتجاهات، وذلك بعدما تقدم وسيطر على قرى: «الحامدية، معرحطاط، الصالحية، دار السلام، بابولين، تقانة، كفرباسين وبسيدا»، جنوبي معرة النعمان. وكان قبل ذلك قد تمكن من قطع الطريق الدولي الواصل بين «المعرة» وسراقب، حيث عزل الأولى عن الثانية وأطبق على معرة النعمان من الجهة الشمالية. وبهذه الحال، يكون الجيش، حتى ليل أمس، قد تمكن من السيطرة على ريف معرة النعمان الشرقي، إضافة الى ريفها الجنوبي، كما قطع الطريق الذي يصلها بشمالها حيث مدينة سراقب، ما يعني عزل المدينة من 3 اتجاهات، والإبقاء على منفذ واحد غرباً، ليتمكن المسلحون من الانسحاب منه خارج المدينة، ليسيطر عليها الجيش لاحقاً. وحول عدم السيطرة على المدينة بعد، يقول مصدر عسكري ميداني مشارك في العمليات، لـ«الأخبار»، إن «الجيش تجنّب الدخول إلى المدينة، وخوض معارك بين أحيائها، إذ سيؤخر ذلك من تقدمه وانتشاره، كما سيكبّده خسائر لا داعي لها، إذ يكفي عزل المدينة وترك طريق انسحاب، وسرعان ما سينسحب المسلحون وندخل المدينة. يمكن القول إنها صارت في متناول اليد». ويضيف المصدر العسكري بالقول: «لقد تمكّن الجيش عبر فتح ثلاثة محاور للعمليات، من تشتيت جهد المسلحين، وضرب دفاعاتهم وإرباكهم، إذ لم يتقدم الجيش جدياً في أرياف حلب، رغم أنه أوحى بأنه على وشك البدء بهجوم كبير، بينما تقدم في ريف إدلب الجنوبي، وهذا ما سرّع في انهيار المسلحين وتقهقرهم».
استقبل الرئيس السوري بشار الأسد المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا


وفي محوري حلب، واصل الجيش السوري عملياته، ودمّر تحصينات الفصائل في خطوط الاشتباك الأولى في مناطق انتشارها في الريف الغربي لمدينة حلب، المنطقة الهادئة منذ سنوات. كذلك، تابع الجيش عملياته على محور خان طومان إلى الجنوب الغربي من المدينة، من دون أن يتمكن من إحراز تقدم جدّي. وذكرت وكالة «سانا» أن «وحدات الجيش نفذت رمايات بسلاحي المدفعية والصواريخ ضد مقرّات وتحصينات الإرهابيين غربي مدينة حلب ودمرت خطوط تمركزهم الأولى، بالتوازي مع تقدم وحدات أخرى على محور خان طومان جنوب غرب مدينة حلب لعدة كيلومترات». وبيّنت الوكالة أن الجيش «وسّع مساحة عملياته ضد التنظيمات الإرهابية في الريف الغربي، ودمر برمايات مركزة خطوط إمدادها وتحصيناتها وعدداً من مقراتها في الليرمون والراشدين والبحوث والمنصورة وكفر حمرة وخان العسل ومحيط كفرناها غرب مدينة حلب».
في غضون ذلك، وفي إشارة دعم واضحة، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، في دمشق. وتناول اللقاء الأوضاع في حلب وإدلب، حيث كان هناك اتفاق على أهمية العمليات التي يقوم بها الجيش السوري بدعم روسي في المنطقة. وفي المقابل، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، آخر التطورات في إدلب، في اتصال هاتفي، بحسب المصادر الدبلوماسية التركية.



مقتل جندي أميركي في دير الزور
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن أحد جنودها الاحتياط (22 عاماً)، قُتل متأثراً بجراحه التي أصيب بها في حادث في محافظة دير الزور شرق سوريا. وقالت الوزارة، في بيان في ساعة متأخرة من ليل السبت: «العريف في الجيش الأميركي، أنطونيو مور، قُتل خلال حادث أثناء إجراء عمليات تطهير لأحد الطرق في دير الزور، شرق سوريا، يوم الجمعة 24 كانون الثاني»، مضيفة أن «الحادث لا يزال قيد التحقيق». وأشار البيان إلى أن مور سبق أن عُيّن في كتيبة هندسية تابعة للواء المهندسين 411، من دون إيضاح كيفية مقتله بدقة. إلا أن من المرجّح أن يكون قُتل بانفجار لغم أرضي أو عبوة ناسفة. وفي سياق متصل، قال قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، التي تشمل مسؤولياتها الميدانية منطقة الشرق الأوسط، في حديث نقلته صحيفة «واشنطن بوست»: «لقد عادت وتيرة عمليات مكافحة الإرهاب في سوريا إلى وضعها السابق»، بعدما توقفت مدة قصير عقب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد. ولم يحدّد الجنرال إلى متى ستبقى القوات الأميركية في سوريا، لكنه قال: «أنا بصراحة لا أعرف كم من الوقت سنبقى هنا، وليس لدي أيّ تعليمات سوى مواصلة العمل مع شركائنا هنا».