تعلو أصوات تقطيع الفول على الطاولة الخشبية، فيما تتحدّث ميساء الحاج بفخر عن منتجاتها الزراعية التي تملأ سطح منزلها الحجري في قرية تل التوت في ريف السلمية (محافظة حماة).بأدوات منزلية بسيطة، وعلى نار الحطب، تحضّر ميساء «المونة المنزلية» من الألف إلى الياء، بدءاً بورق العنب (العريش) وليس ختاماً بالزيتون، وكلٌّ حسب موسمه. وذلك بعدما حوّلت منزلها إلى «بيت مونة» متكامل وورشة صغيرة للطبخ، تعشّش في جنبات سطحه روائح الطعام الزكية.
«بدأت بالأشياء البسيطة. زرعت الملوخية في أرضي، ثم قطفتها وفرزتها ضمن أكياس قبل بيعها. بعدها انتقلت إلى زراعة الفليفلة للمكدوس، وهكذا أصبحت أطوّر ذلك من نوع إلى آخر»، تقول ميساء لـ«الأخبار». وتضيف: «مهما كان حلمك بسيطاً، وطالما أنك تؤمنين بقدرتك على تحقيقه، فإنه سيكبر وينمو».
بدأت السيدة الأربعينية رحلتها في صنع المونة المنزلية منذ خمسة عشر عاماً، مخالفة حينها كل «أعراف العمل» الخاص بالسيدات. إتقان ميساء لعملها، واهتمامها بالنظافة، جعلا زبائن من مختلف المحافظات السورية، يطلبون منها توصيات لتأمين مؤنهم الموسمية.
كل يوم، تعتكف الحاج وصديقاتها على السطح لممارسة عملهن، طوال ثماني ساعات، لا تخلو من التعب كما من الأحاديث النسوية. وتقول عن إشراك جاراتها معها في العمل: «الوضع صعب على الجميع ونحن بحاجة إلى أن يساعد بعضُنا البعضَ».
ترفض ميساء تقييد النساء داخل بيوتهن، وتقول لـ«الأخبار»: «تقييد المرأة في الإنجاب والاهتمام بالشؤون المنزلية فقط، يجعلنا نفقد مواهب كثيرة تظل مدفونة في داخل كلّ منّا". تختم حديثها ضاحكة: «المونة بدها ركونة مو مرة مجنونة».