بعد إجازة إجبارية فرضتها قيود «كورونا» استقبلت شهد تللو، بحماسة، طلبية جديدة من الأعمال اليدوية التي صمّمتها، واستعدّت بفرح عارم للتواصل مع زبائنها وتسليمهم ما اختاروه من أعمال فنّية. تقول طبيبة الأسنان، وصاحبة مشروع «صدف وخزف»، إن عملها تأثّر بشكل كبير بسبب توقّف الورشات التي تتعاون معها لإنجاز التصاميم خلال فترة «الإغلاق»، إلى جانب تعذّر إحضار المواد الأولية الضرورية للعمل من الخارج مع إغلاق الحدود، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار. وترى أن الزبائن تراجعت طلباتهم مع انخفاض القدرة الشرائية، خاصة على «الأمور الكمالية»، مشيرةً إلى أنها حاولت تعويض ذلك عبر «التركيز على القطع الصغيرة التي تحتاج إلى مواد أقل، وأسعارها أقلّ كلفة».
لم يكن الحال أفضل مع لين المجتهد، صاحبة مشروع «Artful Syria»، وهو منصّة تجمع الحرفيين والفنانين وأصحاب المشاريع الصغيرة معاً، وتوفّر التسوّق الإلكتروني لمحبّي الأعمال اليدوية. تقول الشابة إنّ مشروعها تعرّض لصدمة منذ انطلاقته، فبعد تخطيط وتحضير لأكثر من ستة أشهر، وكان مقرراً أن ينطلق بالتزامن مع عيد الأم (21 آذار)، لكن إجراءات الإغلاق والواقع الاقتصادي عرقلا ذلك، إذ ألغي معرض كانت ستشارك فيه، وتوقفت شركة التوصيل التي تعاقدت معها بشكل مؤقت. ورغم أن مشروعها يمكن أن تديره منزلياً، وغالبية الحرفيين والحرفيات الموجودين معها يعملون في المنزل أو في ورشهم الخاصة الصغيرة، إلا أن إغلاق الأسواق حرمهم إمكانية الحصول على المواد الخام اللازمة، خاصة أنهم لا يخزّنون تلك المواد بل يشترونها عند وجود طلبيات. نجح المشروع بتخطي العقبة الأولى، وتحسّنت المبيعات مع حلول شهر رمضان الماضي، غير أن الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة الليرة، أثّرا سلباً في المقابل.

أزمة مشاريع
أطلق عبادة اللحام، في شهر كانون الأول 2019، مشروعه «على الحارك»، وهدفه تقديم حلول للتجارة الإلكترونية، وتوفير خدمة توصيل الطلبات لمواد غير مرتبطة بالطعام. بدأ المشروع بشكل جيد لكنه تعرض لصدمة قوية مع انتشار فايروس «كورونا». يشرح اللحام، أن المشروع بدأ بتمويل شخصي، وسجّل «عدد طلبات جيداً من بداية تنفيذ المشروع، ثم طالت أزمة كورونا الجميع، وجاءت اليوم الأزمة الاقتصادية التي دفعت العديد من أصحاب المحلات أو المعامل للتوقف عن العمل». توقف المشروع عن العمل لعدم وجود طلبات، فالناس توجهوا إلى شراء «الأمور الأساسية مثل الطعام والدواء» وابتعدوا عن «الكماليات». يرى اللحام أن «المستثمرين في سوريا لا يثقون بالمشاريع الرياديّة، لأن غالبية تلك المشاريع لم تستمر أكثر من أشهر معدودة، ولا يثقون بالاقتصاد السوري فهو لا يوفّر بيئة مناسبة لجذبهم وأموالهم».
كذلك، تأثرت شركة «Mideo‎‏»، التي أسّسها محمد نور الأحدب، وهي شركة ناشئة في حماة تقدم خدمات «الميديا»، بما مرّ من ظروف قاسية. إذ يوضح الأحدب أن الخدمات التي تعتمد على التواجد في الأرض توقفت لفترة، كما توقفت مشاريع كان يفترض أن تنفّذ الشركة الجانب الإعلامي فيها. ورغم شكواه من «سوء خدمة الإنترنت» في سوريا، يشير الأحدب إلى أن الظروف فرضت «التركيز على الخدمات عبر الانترنت، والتي يمكن ممارستها في البيت».
وسط هذه الظروف، أطلقت مؤسسة تطوعيّة مبادرة لمساعدة الشركات الناشئة وتزويدها بالمهارات اللازمة لمواجهة الأزمة. يوضح وائل بلال، من فريق «سند»، أن أصحاب الشركات الناشئة الشباب «يعانون من ضعف المرونة والقدرة على التأقلم مع الأزمات... الأمر الذي أدى إلى التأثّر الشديد بالظروف الحالية، وبذلك أصبح الكثير من الشركات الناشئة السورية مهدداً بالتوقف أو خسارة جزء كبير من أسواقها»..
ويتابع وائل مدير مشروع «Start-up Make-up» التدريبي، أن ما سبق دفعهم لإطلاق المبادرة الهادفة «لدعم الرياديين الشباب من أصحاب الشركات الناشئة التي انطلقت أو يتم التحضير لإطلاقها، والمتضررين من آثار تفشي كورونا». وذلك من خلال تأمين فرص التدريب والإرشاد ومساعدتهم على امتلاك المهارات الأساسية اللازمة لإدارة شركاتهم بطريقة مرنة، وبالتالي ضمان استدامة شركاتهم والحفاظ على مصادر دخلهم ودخل الأشخاص الموظفين معهم.