براحة يديها تحمل السيدة أم حمود ما جنته من محصول القطن المزروع في أرضها بمنطقة الشميطية بريف دير الزور، لتضعهُ ضمن كيس يحمل اللون الأبيض ذاته. تشارك عائلة الفياض كلّها في جني محصول القطن؛ ويعمل قاطفو القطن في الأراضي الزراعية كخلية نحل لا يعكر صفوهم ما تكبدوه من عناء خلال موسم الزراعة.
تتوقف السيدة الأربعينية سارة الفياض عن عملها في قطاف زهور القطن للحديث مع «الأخبار» وتقول «إنه الكيس الثالث الذي ملأته بالقطن منذ الصباح؛ نتسابق في ما بيننا ومن سيكون الرابح بملء أكبر عدد من الأكياس».

يقف الفلاح ممدوح الفياض وسط أرضه الممتدة على عشرات الدونمات، والتي خصص جزء كبير منها لزراعة المحصول الاستراتيجي، ويُعدد مناطق زراعة القطن في ريف الدير. «في التبني والخريطة في الريف الغربي، وفي موحسن والميادين والبوكمال في الريف الشرقي، والمحيمدة في الريف الشمالي»، يقول الفياض.
يعتبر أن القطن لا يزال «النفط الأبيض» بالنسبة لهم، برغم ما يعانيه الانخفاض الكبير في كميات الإنتاج. لا يخفي قلقه من عزوف رفاقه الفلاحين عن زراعته بسبب تكاليفه العالية، مشيراً إلى أنه لن يتوانى عن تلك المهمّة.
(الأخبار)

قبل سنوات الحرب، كانت منطقة الشميطية وحدها تضمّ أراضي مزروعة بالقطن، بمساحة توازي 11 ألف دونم؛ وكان معدل إنتاج الدونم الواحد يتراوح بين 500 و600 كيلوغرام، بينما اليوم تبلغ المساحة المزروعة ضمن حدود بلدية الشميطية 3500 دونم، نتج منها حتى منتصف الشهر الجاري، نحو 50 طناً فقط.
وتكبد فلاحو المنطقة جهداً كبيراً لإعادة تأهيل أراضيهم الزراعية التي تحولت خلال سيطرة تنظيم «داعش» عليها إلى أراض قاحلة ومساحات للاشتباكات، فيها ألغام ودشم وحفريات.

يقول الفياض في حديثه مع «الأخبار»: «نعاني من نقص مستلزمات الإنتاج من سماد ومياه ومبيدات لمكافحة للحشرات (...) كذلك تضاعفت أسعار المواد إلى عشرة أضعاف، فكيس السماد الذي كان يبلغ سعره عن طريق الجمعية 400 ليرة سورية، بات حالياً بأكثر من 70 ألف ليرة سورية، وقس على ذلك».

تشير الأرقام التي حصلت عليها «الأخبار» من مديرية زراعة دير الزور، إلى أن المساحة المزروعة من القطن هذا العام هي 4216 هكتاراً، بينما تُقدر كمية الإنتاج بنحو 6000 طن من مجمل المساحة المزروعة في المحافظة؛ وتبلغ الكميات المستلمة من المساحات المقطوفة 200 طن حتى منتصف تشرين الأول الجاري.
يشرح معاون مدير زراعة دير الزور المهندس أسعد طوكان، لـ«الأخبار» عن معوقات زراعة القطن في المدينة، فيقول إن «انخفاض مستويات نهر الفرات أثر في خروج بعض محركات مياه الجمعيات والمزارعين من الخدمة من بداية شهر نيسان، وارتفاع تكاليف الإنتاج (أسمدة، محروقات، مبيدات حشرية) وعدم كفايتها إلى جانب الظروف الجوية السائدة، باتت عقبة جديدة خلال موسم نمو المحصول؛ فالجفاف وموجة الحر أثرا بشكل كبير في الموسم».
ويضيف طوكان أن مساحة زراعة القطن في الدير «انحسرت إلى 13 في المئة من الخطة الزراعية»، مضيفاً أن هذه الزراعة رغم ما تعانيه «لا تزال مصدر دخل لكثير من الأسر الريفية التي تحرص على زراعة المحصول الاستراتيجي».
ويذكّر طوكان بأن «سوريا قبل عام 2011 احتلت المرتبة الثانية عالمياً في سوق المنتجات النسيجية القطنية العضوية؛ وشكل إنتاج سوريا من القطن في عام 2010، نحو 8.3 في المئة من الإنتاج العالمي».
(الأخبار)