الحسكة | باتت الاغتيالات التي تنفّذها خلايا تنظيم «داعش»، والتي تُطاول متّهمين بالتعاون مع «قسد» داخل مخيم الهول الذي جُمّعت فيه عائلات عناصر من التنظيم - يُقدَّر عددها بـ2500 -، حدثاً مُعتاداً داخل «مدينة الخيام»، التي يقطُنها نحو 60 ألف شخص. إلّا أن ما حدث قبل أيام، من استهداف أحد العاملين في بعثة «الصليب الأحمر الدولي»، وقَبْله اغتيال أحد عناصر «الهلال الأحمر الكردي»، وبَعده طعْن الطبيب الإثيوبي المعروف بـ«الدكتور آلاجي» بسكّين أثناء تواجده في القسم المعروف بـ«المهاجرات»، أنبأ بسلوك عمليات التصفية تلك منحًى جديداً وغير مسبوق، عنوانه استهداف العاملين الدوليين والمحليين والكوادر الطبّية في المنطقة. وفي آخر حلقات هذا المسلسل، شهدت بلدة الطيانة في ريف دير الزور الشرقي، اغتيالَ الطبيب عبدالله المفضي، أمام «مشفى الكندي»، ليَعقبه نشوبُ حريق داخل ثلاث خيم في قسم عوائل التنظيم، أشارت وسائل إعلام مقرّبة من «قسد» التي تشرف على «الهول» إلى أنه «مُفتعل»، وأن «عناصر أمن المخيّم باشروا التحقيق فيه لمعرفة ملابساته». وتحت وطأة تصاعد أعمال العنف هذه، أعلنت غالبية المنظّمات الدولية والجمعيات الخيرية والأهلية العاملة في المجالَين الإنساني والإغاثي هناك، تعليق عملها حتى إشعار آخر، وذلك بعد يوم واحد من اتّخاذ «الهلال الكردي» خطوة مماثلة، وسحب عناصره كافة من المنطقة.
لن تقف «قسد» مكتوفة الأيدي في وجه تصاعُد نشاط «داعش» داخل المخيّمات

وفي استقصاء أسباب تصعيد «داعش» عملياته في «الهول» خلال الشهرَين الفائتَين بشكل خاصّ، يَظهر أن التنظيم يسعى لتشديد ضغوطه على «التحالف الدولي» و«قسد»، من أجل حمْلهما على الاستجابة لمطالبه الخاصّة بتحسين الواقع المعيشي للمخيم. وفي هذا الإطار، تَكشف مصادر أمنية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «عدداً من متزعّمي داعش، المعتقَلين لدى قسد، طالبوا ممثّلين عن التحالف الدولي، بضرورة الإسراع بتقديمهم للمحاكمة، وتحسين ظروف اعتقالهم، مع المطالَبة بعدم تسليم اللاجئين العراقيين في المخيّمات للحكومة السورية، ومعرفة وُجهة العناصر الذين يقوم التحالف بنقلهم من السجون». وتَعتبر المصادر أن «قيام التحالف وقسد بتسليم دفعتَين من النازحين العراقيّين للحكومة العراقية أخيراً، والتأخّر بإيصال رسائل عناصر التنظيم إلى ذويهم عبر منظّمات دولية، هما في الغالب الأسباب الكامنة وراء التصعيد المتعمّد داخل الهول». وإذ ترى أن «هذا التصعيد يكشف عن وجود تواصل مباشر بين سجناء داعش في المعتقلات، وخلايا تابعة لهم داخل المخيم»، فهي تتّهم «التحالف الدولي وقسد بالتراخي في ضبط الأمن هناك»، مُستبعِدةً أن «تكون لهذه التحرّكات تأثيرات على صعيد قدرة داعش على إعادة إحياء نفسه، وتشكيل قوّة حقيقية تهدّد الأمن داخل المخيم أو في عموم المنطقة».
من جهتها، لن تقف «قسد» مكتوفة الأيدي في وجه تصاعُد نشاط «داعش» داخل المخيّمات والمعتقلات التي تشرف عليها هي، بل ستسعى حتماً لاستغلال هذا التصاعد، من أجل إعادة لفت نظر «المجتمع الدولي» إلى أهمية إمساكها بملفَّين حسّاسَين يهدّدان الأمن والسلم الدوليَّين، هما عناصر التنظيم في المعتقلات، وعائلاتهم في المخيمات، وحضّه على منحها مزيداً من الدعم تحت شعار تمكينها من ضبط أمن المخيّمات والسجون. كما أن «التحالف» سيجد في ذلك فرصة لتعزيز وجوده في المنطقة، بحجّة ضمان عدم تمكّن «داعش» من إعادة بناء نفسه، وتدارُك أيّ خطر جديد في المنطقة.