تكشف مصادر في «المجلس الوطني الكردي»، خلال حديثها إلى «الأخبار»، عن نقاش مطوّل بين قيادات المجلس سبق إصدار البيان الأخير الرافض لإعادة توطين اللاجئين السوريين في المناطق التي تحتلّها تركيا شمالي البلاد. وتوضح المصادر أن «الوطني» حرص على أن يكون موقفه واضحاً بالرفض، وفي الوقت نفسه مراعياً لتركيا التي تؤمّن له الغطاء السياسي. ولئن كان هذا الرفض سيزعج أنقرة، إلّا أنه لن يغضبها إلى حدّ يدفعها لإزاحة المجلس من حساباتها، أو معاقبة قياداته. وتجرّأ معدّو البيان، الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي، على التحذير من أن المشروع التركي، وإن كان يخدم اللاجئين نسبياً، إلّا أنه سيفضي إلى تغيير ديموغرافي، كما أنه «يُحضَّر كورقة ضمن السباق الانتخابي في تركيا». ومن هنا، دعا «الوطني» أنقرة إلى التراجع عن خطّتها، مشدّداً على ضرورة خلق بيئة آمنة لعودة اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية بدلاً من خلق تجمّعات جديدة لهم. وتبيّن المصادر نفسها أن السبب وراء صدور البيان هو الرغبة في «إبراء الذمّة» أمام الشارع الكردي، خصوصاً أن المشروع التركي من شأنه تهديد وجود المكوّن الكردي ككلّ. ومع ذلك، فإن البيان لن تتبعه خطوات على الأرض، وسيظلّ في إطار «كفّ العتب» عن المجلس، إنْ بقي صامتاً أو أيّد المشروع كما فعل حين احتلال القوات التركية لمدينة عفرين ذات الغالبية الكردية عام 2018. وعلى رغم أن موقف «الوطني» يتساوق مع موقف «قسد»، في ما يؤشّر إلى اجتماع القوى الكردية المتنافسة على الخطر المحدق بالشمال، إلّا أن المصادر تلفت إلى أن «قسد» تتعامل مع بيان المجلس بحذر (وهذا ما يفسّر عدم صدور موقف عنها في شأنه)؛ كون الأخير قد يُجبر على العودة عنه، وهو ما يتمنّاه قادة «الإدارة الذاتية» ليصيبوا من «الوطني» مقتلاً أمام الشارع الكردي.
التدخّل العسكري التركي في سوريا أحدث تغييراً في بنية شمال غرب حلب


وكان التدخّل العسكري التركي في سوريا، ودفْع أنقرة الفصائل المسلّحة التابعة لها للتجمّع في المناطق التي تحتلّها، أحدثا تغييراً في بنية شمال غرب حلب، بعد أن هجر السكّان الأصليون هذه المنطقة بفعل انسحاب «وحدات الحماية الكردية» منها ودخول القوات التركية إليها. ولكون النظام التركي يعتبر وجود الفصائل الكردية المسلّحة بالقرب من حدوده تهديداً لأمنه القومي، دفَع بمعركته الثانية التي عُرفت باسم «نبع السلام»، ليحتلّ منطقة تمتدّ بين رأس العين وتل أبيض شمال الحسكة والرقة. ومع تدخّل روسيا لوقف التمدّد التركي على حساب «قسد»، التي تركتها واشنطن لمصيرها أمام أنقرة، وجدت الأخيرة في ما تعانيه المخيمات الواقعة ضمن المناطق التي تسيطر عليها شمالاً، مدخلاً لتنفيذ مشروع ضخم يفضي إلى تحوّل جذري في بنية المجتمع شمالي سوريا، ستكون له انعكاسات طويلة الأمد، من بينها نزاعات بأشكال مختلفة بين أصحاب الأراضي التي تقام عليها المدن البديلة، والسكّان الجدد، خصوصاً أنه لن يكون من السهل إقناع من يوهَب منزلاً في تلك المدن بأن يتخلّى عنه بعد انتهاء الحرب.