منذ عدة سنوات، أخذت الدولة السورية على عاتقها استقبال الطلاب السوريين الراغبين بتقديم الامتحانات الرسمية للشهادتين الإعدادية والثانوية، الخاصة ببلدهم، ويمنعهم من ذلك الوصول فقط، إذ فتحت هذا الباب للموجودين منهم في لبنان وفي المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في سوريا، وأمنت لهم الإقامة والتسهيلات لتعطيهم فرصة الحصول على الشهادة السورية كغيرهم؛ ساعدها في تنفيذ الإجراءات العديد من المنظمات والجمعيات.
قبل بدء امتحان «الشهادات» انتشرت تصريحات وزارة التربية حول وصول دفعات الطلاب السوريين من لبنان إلى الأراضي السورية، وما رافقها من تجهيزات لاستقبالهم بدءاً من تأمين دخولهم الحدود وإجراء فحص PCR، وصولاً إلى نقلهم للمراكز المؤقتة المجهزة بما يلزمهم من خدمات إقامة وإطعام ورعاية صحية.

ووصل عدد الطلاب النهائي إلى 550 موفداً 400 منهم تلاميذ تقدموا لامتحان الشهادة الإعدادية و150 طالباً تقدموا لامتحان الشهادة الثانوية، أقاموا خلال فترة الامتحانات، التي امتدت لنحو نصف شهر، في المراكز الأربعة التي اختارتها لهم الوزارة في ريف دمشق ضمن منطقتي الزبداني وقدسيا، بعد أن حرصت على أن تكون الإقامة قريبة من مراكز تقديم امتحاناتهم مع تأمين التنقل لهم بمساعدة منظمة الهلال الأحمر السوري.

غير أن بعض الطلاب تململ مما قُدم لهم من خدمات؛ يقول محمد إنه يضطر لشراء حاجياته من المحال المجاورة للمركز، معتمداً وغيره من الطلاب على ما أرسله أهاليهم معهم قبل المجيء، «لولا ذلك كنا تبهدلنا» بحسب تعبيره. وعند اعتراضهم كان يلمح بعض المشرفين إلى أن «الدولارات» التي معهم ستفي بالغرض. أما عبير فترى أن أسوأ ما في الإقامة هي نظافة المكان وخاصة الحمامات.

يبدو أن تضاعف أعداد الطلاب الوافدين من لبنان لتقديم الامتحانات في سوريا عن العام الماضي لم يوازه تضاعف بالخدمات والمخصصات المقدمة لهم، أو أن هناك من «يلحس أصابعه العشرة» على حساب هؤلاء الطلاب من وراء ظهر القائمين على العمل سواء من وزارة التربية أو المنظمات التي تقدم الدعم؛ تقول إحدى الناشطات التي زارت المراكز الأربعة أثناء عملها، إن «وضع الخدمات غير مقبول»، وتوضح في حديث إلى «الأخبار»: «تفاجأت بعدد طلاب الغرفة الواحدة، الذي يصل إلى 6 طلاب مع عدم وجود أسرّة كافية لهم، والطعام اليومي المقدم يكفي بالحد الأدنى»؛ وتشير إلى عدم توفير جو مناسب لدراسة هؤلاء الطلاب أساسه تأمين الهدوء وتوفير الكهرباء، مضيفةً «حتى (اللدّات) الموجودة للاستخدام في حال انقطاع الكهرباء غير فعالة بسبب حاجتها للصيانة». ويمكن القول إن هذا يتعارض مع ما أعلنت عنه وزارة التربية التي وعدت بتوفير هذه المتطلبات وغيرها للطلاب. وتشير الناشطة أيضاً إلى عدم وجود مرشدين نفسيين لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي المطلوب للطلاب في هذه الفترة، وحتى الكادر التدريسي المخصص لمتابعة دراسة الطلاب وتحضيرهم للامتحانات «بعضهم غير مؤهل ولم يؤدِ دوره بالشكل المطلوب».

سارة إحدى الطالبات المقيمات في مركز جديدة يابوس، أكّدت كلام الناشطة بأن جو المركز غير مناسب للدارسة، وبخاصة أن الطالبات يقضين معظم الوقت في «التسلية والغناء» بحسب قولها، وتضيف: «ليس بالضرورة أن ننجح لكننا سعداء بالقدوم إلى سوريا في رحلة بعيداً من أهالينا»، أما حنان فتشير إلى أنها لم تشعر بالأمان في مكان الإقامة حيث تتخيل حدوث أي طارئ ولا يوجد في البناء ليلاً إلا الطالبات ومشرفة واحدة والحارس.

مصدر في وزارة التربية رفض التصريح عن اسمه، أشار إلى أن هناك صعوبة في التعامل مع هؤلاء الطلاب وإرضائهم، على حد تعبيره، بخاصة أنهم من بيئات مختلفة؛ فمنهم من فقد والديه في الحرب وعاش فترة طويلة في المخيمات، ومنهم لم يعد معتاداً على جو الانضباط والالتزام، ويضيف: «الوزارة بذلت جهوداً على حسب مقدرتها وما قدم لها من مساعدات خارجية».