يتحرّك تنظيم «داعش» بشكل شبه علني في مناطق ريف دير الزور، حيث لا تكفّ خلاياه عن البعْث برسائل تهديد مباشرة إلى المدنيين، أو من خلال المنشورات التي ترميها بين الحين والآخر. وخلال الأشهر الستّة الأولى من العام الحالي، شهدت المنطقة الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، 60 هجمة استهدفت مواقع لـ«قسد» أو دوريات لها. والظاهر أن عمليات الإنزال الأميركية التي وصل عددها إلى 19 عملية منذ بداية العام الحالي، لا تؤثّر على قدرة التنظيم على الاستمرار في إدارة نشاطاته على الأرض، وخصوصاً في مخيم الهول الذي تُديره «قسد»، حيث لا يزال عناصر «داعش» قادرين على الحصول على الأسلحة والذخائر وكواتم الصوت من خلال التعامل التجاري مع حراس المخيّم، الذي شهد، بحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر مقرّبة من إدارته، 27 جريمة قتْل منذ بداية العام.ووفقاً للمعلومات، فإن شهر حزيران الحالي هو الأكثر عنفاً؛ إذ سُجّلت فيه 16 جريمة قتْل، 13 من ضحاياها من النساء، فيما اتّبع التنظيم خلاله سياسة جديدة في العقاب، حيث بات يرمي جثث قتلاه ضمن خنادق الصرف الصحي المكشوفة في «الهول». وتشير المعلومات إلى أن «الجناح الخامس» من المخيّم شهد العدد الأكبر من الجرائم في حزيران بواقع ستة حوادث متفرّقة، في حين أن 15 شخصاً من ضحايا حوادث عام 2022 عموماً هم من حمَلَة الجنسية العراقية. وطبقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن «إدارة مخيم الهول»، فإن عدد سكّان المخيم يبلغ 55829 شخصاً، بينهم 28725 من حاملي الجنسية العراقية، و18850 سورياً، و8254 من الجنسيات الأجنبية، بينما لا تزال استجابة الدول المعنيّة لاستعادة مواطنيها من «الهول» بطيئة للغاية، باستثناء الجانب العراقي الذي يسعى إلى استكمال هذه العملية من خلال دفعات ينقلها إلى «مخيم الجدعة» في محافظة نينوى، قبل إعادة دمجهم في مناطقهم الأصلية.
سُجّلت 16 جريمة قتْل في مخيّم الهول خلال شهر حزيران، 13 من ضحاياها من النساء


وطبقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن «داعش» انطلق في تحرّكاته الأخيرة على الحدود الإدارية بين محافظتَي دير الزور والرقة، من الأطراف الشمالية لمنطقة خفض التصعيد المحيطة بقاعدة التنف، والتي تُعدّ آمنة بالنسبة إلى خلايا التنظيم المنتشرة في البادية، لكون تلك الخلايا تمتلك علاقات تجارية مع الفصائل الموالية لواشنطن، وعلى رأسها «جيش مغاوير الثورة». ومع ذلك، تعتقد مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «داعش» لا يمتلك القدرة على تنفيذ عمليات أبعد من «قطع الطرق»، وهو لا يستطيع احتلال أيّ نقطة مهما قلّ شأنها لكونها ستتحوّل إلى مقتل له، مستدركة بأن ملاحقة الفرق الصغيرة التابعة للتنظيم، والتي تتحرّك من خلال الدراجات النارية والسيارات رباعية الدفع، تُعدّ صعبة، حيث غالباً ما تنسحب هذه الفرق نحو منطقة خفض التصعيد المحيطة بالتنف خلال ساعات الليل، وتبْقى في حالة استكانة إلى أن تتلقّى تعليمات جديدة. وبحسب المصادر، فإن تحرّكات «داعش» في البادية، من حيث انتقاء الأهداف - التي عادة ما تكون متواضعة -، وطريقة التنفيذ - التي تتّسم بالسرعة العالية -، تشير إلى دور استخباري لقاعدة التنف في إدارة عمليات التنظيم، علماً أن القاعدة نفسها كانت مصدراً للتشويش على أجهزة الاتصال السورية في البادية، بالتزامن مع أكثر من هجمة نفّذها «داعش» هناك، انطلاقاً من «جبل البشري» أو القرى المهجورة.