الحسكة | مع تراجُع القصف التركي، بشكل لافت، منذ أكثر من أسبوع، بدأ المشهد الميداني في الشمال السوري يتّخذ منحى تثبيت التهدئة، في ظلّ مؤشّرات آتية من موسكو حول اقتراب نجاح الجهود الديبلوماسية في ثَني تركيا عن إطلاق عملية برّية جديدة، مقابل انسحاب «قسد»، كمرحلة أولى، من مناطق انتشارها في كامل ريف حلب، مع الاحتفاظ بـ«الأسايش» الكردية فيها، وإعادة المؤسّسات الحكومية السورية إليها. وينبئ التفاؤل الروسي بموافقة تركية مبدئية على الخطّة الروسية، وهو ما ظهر من خلال تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الذي أكّد أن «روسيا تُواصل إقناع الجانب التركي بعدم البدء بعملية عسكرية برّية في سوريا»، مضيفاً أن «هنالك نجاحات في هذا الاتجاه».وتشي التحرّكات على الأرض بدخول الاتّفاق الروسي - التركي، بالفعل، حيّز التنفيذ بخطواته الأولى. إذ تَتابع وصول تعزيزات إضافية للجيش السوري من عناصر «الفرقة 25» إلى ريف حلب الشمالي. والظاهر أن انتشار عناصر هذه الفرقة في منطقة واقعة تحت سيطرة «قسد»، جاء بعد تفاهم بين موسكو وأنقرة، يقضي بانسحاب المقاتلين الأكراد من كامل تلك المنطقة، كشرط تركي أوّلي لمنع وقوع العملية البرّية. ويعدّ هذا الانتشار الأوّل من نوعه لعناصر «الفرقة 25» الذين يتمركزون على خطوط التماس مع الجيش التركي والفصائل الموالية له في ريفَي إدلب وحلب، ليكونوا قوّات داعمة لـ«حرس الحدود» المنتشر منذ نحو ثلاث سنوات هناك، عقب عملية «نبع السلام» التركية.
ينبئ التفاؤل الروسي بموافقة تركية مبدئية على الخطّة


وفي هذا السياق، تشير مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الهدوء النسبي الذي تعيشه أرياف حلب الخاضعة لسيطرة قسد، مردّه إلى انتشار مزيد من وحدات الجيش السوري في المنطقة، تطبيقاً لتفاهم روسي - تركي غير معلَن، لمنع حصول عدوان تركي جديد». وتلفت المصادر إلى أن «المؤشّرات تتصاعد حول إمكانية نجاح روسيا في منع وقوع العدوان على مناطق منبج وتل رفعت وعين العرب». لكنها تبدي حذراً في الجزم بوضعية المنطقة مستقبلاً، إذ إن «نجاح الجهود الديبلوماسية الروسية، مرهون بمدى التزام قسد بالخطّة، لجهة الانسحاب الكامل من ريف حلب، وإدخال مؤسسات الدولة السورية إليها، لتشارك في إدارتها، من دون أيّ اعتراف حكومي بالإدارة الذاتية، وفق ما تحاول قسد فرضه خلال التفاوض».
وفي وقت تمضي المبادرة الروسية في طريقها إلى التطبيق، عمدت الولايات المتحدة إلى تسيير دورية مشتركة مع «قسد» على امتداد طريق الحسكة - الرقة القديم، للمرّة الأولى منذ عملية «نبع السلام». والراجح أن واشنطن أرادت، من وراء هذه الخطوة، رفع معنويات حليفتها «قسد»، وإقناعها بأن التهديدات التركية بدأت تتبدّد، في ظلّ الموقف الذي تُبديه واشنطن ضدها. وتأكيداً لذلك، أدخل «التحالف الدولي» شحنة جديدة من الأسلحة والمعدّات، تُعتبر الثانية من نوعها خلال أسبوع واحد، إلى مناطق سيطرة «قسد»، قادمة من العراق عبر معبر الوليد الحدودي، متضمّنةً نحو 90 شاحنة وآلية. واللافت أنه بعد عدّة أيام من دخول الدفعة الأولى، أعلنت «قسد» تمكّنها من إسقاط طائرتَين مسيّرتين تركيتين في كلّ من أبو رأسين وتل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي، ما قد يُعتبر مؤشّراً حول وصول أسلحة أميركية نوعية إلى أيدي المقاتلين الأكراد.